اعتذر رئيس أساقفة كانتربيري، وهو أكبر سلطة دينية مسيحية في انجلترا، بعد أن أظهرت الأبحاث أن صندوق استثمار كنيسة إنجلترا كان له صلات بتجارة الرقيق.
وكشف التحقيق، الذي بدأه مفوضو الكنيسة، وهي مؤسسة خيرية تدير استثمارات الكنيسة، أن الصندوق استثمر على مدى أكثر من 100 عام، مبالغ كبيرة من المال في شركة مسؤولة عن نقل العبيد.
وتطور الصندوق، الذي كان يرتبط في القرن الثامن عشر باسم الأميرة آن، الآن إلى هيئة استثمارية بقيمة 10.1 مليار جنيه إسترليني.
وقال القس جاستن ويلبي إنه "آسف بشدة لوجود هذه الروابط".
وكان تم تشكيل الصندوق الأساسي الذي كان يحمل اسم الأميرة آن في عام 1704 للمساعدة في دعم رجال الدين الفقراء.
وأظهر فحص لحسابات الصندوق في عام 1739 أنه تم استثمار 204000 جنيه إسترليني (تقدر قيمتها بمبلغ 443 مليون جنيه إسترليني اليوم) في شركة بحر الجنوب.
وكانت شركة بحر الجنوب تمتلك عقدا حصريا لنقل العبيد من إفريقيا إلى المستعمرات الإسبانية في أمريكا الجنوبية لأكثر من 30 عاما ابتداءً من العقد الأول من القرن الثامن عشر.
وشحنت الشركة عشرات الآلاف من العبيد، وأشارت الأبحاث إلى أن ما يقدر بنحو 15٪ منهم ماتوا على الطريق.
واستمرت استثمارات الكنيسة في شركة بحر الجنوب حتى القرن التاسع عشر.
وقال رئيس الأساقفة: "هذه التجارة البغيضة أخذت الرجال والنساء والأطفال المخلوقين على صورة الله وجردتهم من كرامتهم وحريتهم".
وأضاف: "دعم البعض داخل الكنيسة لها واستفادتهم منها هو مصدر عار".
وتابع: "فقط من خلال مواجهة هذه الحقيقة المؤلمة، يمكننا اتخاذ خطوات نحو الشفاء الحقيقي والمصالحة، وهو الطريق الذي يدعونا يسوع المسيح أن نسلكه".
تحليل
من ناحية، احتفلت كنيسة إنجلترا بدورها في المساعدة على إنهاء العبودية، مستشهدة بالدور الذي لعبه الإنجيلي ويليام ويلبرفورس. ومن ناحية أخرى، كان عليها أن تعترف أكثر فأكثر بمدى استفادتها من العبودية.
خلال السنوات الأخيرة، اعتذرت الكنيسة عن اعتراف العشرات من رجال الدين فيها أنهم كانوا يملكون عبيدا. وأعربت عن أسفها لأن منظمتها التبشيرية، جمعية نشر الإنجيل، تمتلك مزرعة في بربادوس، كانت تقوم بوسم العبيد فيها على صدرهم بكلمة "SOCIETY" (مجتمع).
وأقرت الكنيسة الآن من خلال أبحاثها الخاصة، بأن صندوقها الاستثماري صرف كل أموالها تقريبا، غير تلك التي استخدمها لشراء الأراضي، وعلى مدى عقود، في شركة كانت تحتكر نقل العبيد إلى أمريكا الجنوبية.
ومع وجود أكثر من نصف الطائفة الأنجليكانية في جميع أنحاء العالم الآن في إفريقيا، فإن هذه الاعترافات ستصبح غير مريحة.
بدأت كنيسة إنجلترا هذا التحقيق بهدف أن تكون أكثر صراحة بشأن تعاملاتها التاريخية. وتقول إن المجموعة ستجتمع الآن لتقرير ردها. لكن المتحدث الرسمي لم يحدد ما إذا كان ذلك يعني أكثر من المزيد من البيانات والصلوات، أو ما إذا كان سيتضمن مناقشات حول تقديم تعويضات مالية.
ووجد البحث أيضا أن الصندوق تلقى مساهمات عديدة من أفراد مرتبطين بالرق عبر المحيط الأطلسي واقتصاد المزارع أو استفادوا منه.
وأضاف رئيس الأساقفة: "أصلي من أجل المتضررين من هذه الأخبار وآمل أن نعمل معا لإيجاد طريق جديد للمضي قدما".
ومن جهته، قال أسقف برمنغهام، القس ديفيد أوركهارت، وهو عضو مجلس مفوضي الكنيسة ورئيس المجموعة المشرفة على البحث، إن الهيئة ستستخدم المعرفة المكتسبة من التحقيق للتأكد من أنها كانت في "طليعة الاستثمار المسؤول على الصعيد العالمي".