بكين: دافعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه السبت عن زيارتها المثيرة للجدل إلى الصين، لكنها حضت السلطات على تجنب "الإجراءات التعسفية" في شينجيانغ حيث تُتهم بكين بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.
وسارع نشطاء ومنظمات غير حكومية لانتقاد تصريحات باشليه واتهموها بمنح بكين فوزا دعائيا كبيرا.
توجهت باشليه في إطار زيارتها التي خططت لها منذ وقت طويل، إلى منطقة شينجيانغ الواقعة في أقصى الغرب، حيث تُتهم الصين باعتقال أكثر من مليون من الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة، وبإجراء عمليات تعقيم قسري للنساء وفرض العمل القسري.
لكنها شددت السبت على أن زيارتها "ليست تحقيقا" فيما تباهى نائب وزير الخارجية بأن الزيارة حققت "نتائج إيجابية ملموسة".
الولايات المتحدة
تعتبر الولايات المتحدة أن إجراءات الصين في شينجيانغ "إبادة" و"جرائم ضد الإنسانية"، وهي اتهامات تنفيها بشدة بكين معتبرة أن تدابيرها الأمنية رد ضروري على التطرف.
وقال نائب وزير الخارجية ما تجاوشو في بيان على الانترنت بعد انتهاء المؤتمر الصحافي لباشليه إن "بعض الدول الغربية ... بذلت جهودا كبيرة لتعطيل وتقويض زيارة المفوضة السامية، لكن مخططها لم ينجح".
ومتحدثة في نهاية جولتها وبينما كانت لا تزال في الصين، قالت باشليه إن زيارتها كانت فرصة لها للتحدث "بصراحة" مع السلطات الصينية ومع المجتمع المدني وأكاديميين.
وهذه أول رحلة تجريها المسؤولة الأممية الرفيعة للصين منذ 17 عاما وجاءت عقب مفاوضات شاقة حول شروط الزيارة.
في أقوى تصريحاتها الموجهة لبكين، حضت باشليه الصين على تجنب "الإجراءات التعسفية والعشوائية" في قمعها في شينجيانغ، غير أنها قالت إنها تدرك الضرر الناجم عن "التطرف العنيف".
وقالت للصحافيين "هذه الزيارة لم تكن تحقيقا" مشددة في وقت لاحق على أنها أجرت اجتماعات مع مصادر رتبتها الأمم المتحدة في شينجيانغ "من دون إشراف".
وقالت إنها التقت المسؤول المحلي عن الحزب الشيوعي وقادة أمنيين في أحد أكثر الأماكن الخاضعة لتدابير أمنية مشددة في العالم.
تتهم مجموعات حقوقية بكين بتنفيذ اعتقالات جماعية لمجتمعات بأسرها غالبيتها من الأويغور، لم تتسن للعديد من افرادها فرصة للاتصال بعائلاتهم في الخارج لسنوات عدة.
وقالت باشليه "ندرك عدد الأشخاص الساعين للحصول على أنباء عن مصير أحبائهم ... لقد أثيرت هذه المسألة وغيرها مع السلطات". وامتنعت عن إضافة أي تفاصيل نظرا لحساسية الموضوع بالنسبة لأجهزة الأمن الصينية.
توجهت باشليه إلى مدينتي أورومتشي وكاشغار حيث زارت سجنا ومعسكرا سابقا لإعادة التأهيل إضافة إلى بلدة كاشغار القديمة السياحية، ومعرضا لمكافحة الإرهاب وحقول قطن.
وقال المتحدث ما إن تلك الزيارات سمحت لها ب"اختبار التقدم ... في الحفاظ على تقاليد الأقليات الإتنية والترويج لها"، مضيفا أن "شينجيانغ ليست مسألة حقوق إنسان على الإطلاق".
وقالت المفوضة السامية إنها رأت سجناء ومحكمة استئناف داخلية، واصفة الزيارة بأنها كانت "مفتوحة وشفافة إلى حد كبير".
وطمأنتها حكومة شينجيانغ إلى أن شبكة من "مراكز للتدريب المهني"، والتي تقول مجموعات حقوقية إنها معسكرات إعادة تأهيل قسري، قد "تم تفكيكها" مضيفة بأنها "لم تتمكن من تقدير الحجم الكامل".
أعلنت بكين في 2019 أن جميع "المتدربين" تخرجوا من "مراكز تدريب مهني"، غير أن مجموعات حقوقية تقول إن العديد من المعتقلين نُقلوا إلى مصانع يسري فيها العمل القسري، أو نقلوا إلى شبكة السجون المتزايدة في شينجيانغ.
لم تتحدث باشليه عن تأخر صدور تقريرها المتعلق بانتهاكات مفترضة في شينجيانغ، ووعدت بمواصلة التواصل مع السلطات الصينية في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.
انتقادات
سبق أن تعرضت باشليه لانتقادات من مجموعات حقوقية وأويغور في الانتشار، لكن مؤتمرها الصحافي أثار موجة جديدة من الانتقادات.
وقال ديلاكسات راكسيت، المتحدث باسم المؤتمر العالمي للأويغور إن "الاستقالة هي الشيء الوحيد ذو معنى الذي يمكنها أن تقوم به من أجل مجلس حقوق الإنسان".
ورفض المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش كينيث روث تصريحات باشليه عن أن الزيارة كانت ذات قيمة من ناحية السماح لها بالتحدث بصراحة إلى مسؤولين صينيين.
وكتب روث في تغريدة "مثل هذا الحديث الهادئ السري هو بالضبط ما تريده بكين. لا تقارير عامة، لا ضغط لإنهاء قمعها الكثيف للأويغور وسواهم".
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار في بيان إن "زيارة المفوضة العليا اتسمت بالتقاط الصور مع مسؤولين حكوميين بارزين وبتلاعب وسائل الإعلام الرسمية الصينية بتصريحاتها، ما ترك الانطباع أنها دخلت مباشرة في تمرين دعائي يمكن التنبؤ به بدرجة كبيرة لحساب الحكومة الصينية".
شملت زيارة باشليه اجتماعا افتراضيا مع الرئيس شي جينبينغ ذكرت وسائل الإعلام الرسمية إنها أيدت خلاله رؤية الصين لحقوق الإنسان.
وأوضح مكتبها في وقت لاحق أن تصريحاتها لا تتضمن تأييدا مباشرا لسجل الصين الحقوقي.