بيتروبوليس (البرازيل): تحسباً لهطول مزيد من الأمطار الغزيرة، طُلب الخميس من سكان أحياء عدة في مدينة بيتروبوليس البرازيلية المدمّرة، إخلاء منازلهم، وذلك بعد يومين على مصرع 117 شخصاً من جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية.
وأطلقت صفارات الإنذار لإخلاء الأحياء في هضاب البلدة السياحية التي لا يزال سكانها تحت وقع صدمة فيضان الأنهار والسيول الوحلية التي غمرت منازل وجرفت سيارات وأشجاراً.
وأُغلق شارعان على الأقل من جراء الانهيارات الأرضية المصحوبة بـ"كتل صخرية".
ويأتي تجدد هطول الأمطار الغزيرة في حين تتواصل عمليات البحث عن العشرات ممن فُقد أثرهم في المدينة الواقعة على بعد نحو كيلومتر إلى الشمال من ريو دي جانيرو، ومع بدء مراسم دفن أوائل الضحايا الذين تم التعرّف عليهم.
ووجّهت رسائل نصية لدعوة السكان إلى التوجّه لمنازل أقربائهم أو لمراكز إيواء أقامتها السلطات "نظراً إلى غزارة الأمطار التي تشهدها المدينة والتي سيتواصل هطولها وستتراوح شدّتها بين المعتدلة والقوية في الساعات القليلة المقبلة"، وفق جهاز الدفاع المدني المحلي.
مخاوف السكان
وقال رودني مونتيسو البالغ 45 عامًا والذي لم يهدد هطول الأمطار سلامة منزله "أشعر بالخوف حين أرى أن الأمطار تهطل مجددًا لأن الأرضية مشبّعة بالمياه".
وتابع "أفكر في العائلات التي تقطن الأحياء حيث قضى كثر إلى الآن وأشعر باليأس".
ووسط مخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا سرّع عمال الإطفاء والمتطوعون الخميس عمليات البحث وسط ركام المنازل، الكثير منها في أحياء فقيرة.
ومع تحليق مروحيات الإنقاذ في أجواء المنطقة، سرد السكان روايات حول أحباء أو جيران جرفتهم السيول.
وقال لوسيانو غونسالفيش (26 عاماً) في تصريح لفرانس برس والوحول تغطّيه "للأسف سيكون من الصعب العثور على ناجين".
وتابع "نظرًا إلى الأوضاع، الأمر مستحيل عمليًا. لكن علينا أن نبذل قصارى جهدنا لإعادة الجثث إلى العائلات. علينا أن نكون حذرين للغاية لأن هناك مناطق لا تزال تحت خطر" تجدد الانهيارات الأرضية.
عمليات البحث والإنقاذ
إلى الآن تم إنقاذ 24 شخصًا، فيما يلف الغموض حصيلة المفقودين نظرًا إلى أن الكثير من الجثث لم يتم التعرف عليها بعد. وأفادت محطة غلوبو التلفزيونية بأن 41 شخصًا في عداد المفقودين.
وإلى الآن تم نقل 850 شخصًا إلى مراكز إيواء أقيمت بغالبيتها في مدارس رسمية.
ويشارك في عمليات البحث والإنقاذ نحو 500 عامل إطفاء يؤازرهم مئات المتطوعين مع كلاب وجرافات وعشرات الطائرات.
وسبقت الأمطار عواصف عدة أوقعت ضحايا في البرازيل، ويقول خبراء إن التغيّر المناخي زاد من حدّتها.
وأطلقت المنظمات الخيرية دعوات للتبرع بفرش ومواد غذائية ومياه وألبسة وكمامات.
وقال حاكم ريو دي جانيرو كلاوديو كاسترو إن شوارع بيتروبوليس أشبه بـ"ساحة حرب"، مشيرًا إلى أن الأمطار هي الأغزر التي شهدتها المنطقة منذ العام 1932.
وشدد كاسترو على أن مكامن ضعف في التخطيط الحضري والبنى التحتية للمنازل فاقمت المأساة التاريخية.
وقال خبير الأرصاد الجوية إستايل سياس إن الفقراء هم الأكثر تضررا من جراء تداعيات التوسع الحضري غير الخاضع للمراقبة، حينما تقع الكوارث.
وتابع "من يقطنون هذه المناطق المهددة بالكوارث هم الأكثر عرضة للمخاطر".
وأعلنت السلطات المحلية "حال الطوارئ" والحداد ثلاثة أيام على أرواح الضحايا.
وبيتروبوليس وجهة سياحية تستقطب عددًا كبيرًا من الزوار المحبّين للتاريخ والنزهات في الطبيعة والمناخ الأكثر اعتدالًا أو حتى أكثر برودة من مناخ ريو دي جانيرو، بسبب ارتفاعها.
وتشتهر بشوارعها المشجّرة وبمنازلها الفسيحة التي كان يقطنها أبناء الطبقة الأرستقراطية وبقصرها الذي تحول إلى متحف وبجمال طبيعتها.
وسيزور الرئيس جايير بولسونارو الذي يجري حالياً زيارة رسمية إلى روسيا والمجر، بيتروبوليس لدى عودته الجمعة لتفقد الأضرار، وفق الحكومة.
مخاطر الفيضانات
وينسب خبراء غزارة الأمطار إلى ظاهرة "لا نينيا" أي الانخفاض الواسع النطاق لدرجات الحرارة السطحية في وسط المحيط الهادئ، وإلى التغيّر المناخي.
ولأن الأجواء الدافئة تختزن المياه، يفاقم الاحترار المناخي العالمي مخاطر الفيضانات التي قد تنجم عن غزارة الأمطار.
وتسببت أمطار غزيرة الشهر الماضي بفيضانات وانزلاقات أتربة أودت بـ28 شخصاً على الأقل في جنوب شرق البرازيل، وخصوصاً في ولاية ساو باولو.
كما شهدت ولاية باهيا الواقعة في شمال الشرق، أمطاراً غزيرة قضى من جرائها 24 شخصاً في كانون الأول/ديسمبر.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الجبال المحيطة بريو دي جانيرو لعواصف توقع قتلى.
وفي كانون الثاني/يناير 2011، قضى أكثر من 900 شخص في منطقة ريو الجبلية بسبب انزلاقات تربة وفيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة في منطقة واسعة تضمّ بيتروبوليس ومدناً مجاورة هي نوفا فريبورغو وإيتايبافا وتيريسوبوليس.