إيلاف من بيروت: "لن تكون هناك انتخابات، وسنغلق كل المؤسسات".. بتلك الرسالة توعدت مليشيات تعرف باسم "لواء الصمود"، وتنشط في العاصمة الليبية طرابلس، الاستحقاقَ الأول في تاريخ البلاد والمقرر في 24 ديسمبر الجاري.
التهديد الذي أطلق في الساعات الأولى من فجر الخميس، سبقته تحركات على الأرض، حيث حاصرت تشكيلات مسلحة مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بالعاصمة طرابلس، وحسب مصادر ليبية، تشهد مدن المنطقة الغربية استنفارًا بين عدة تشكيلات مسلحة، بعد حصار مقر رئاسة الوزراء، بحسب "سكاي نيوز عربية".
لم تنتهِ الليلة عند ذلك الحد، بل تم نقل رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي لمكان آمن بعد ورود معلومات عن نية اقتحام منازلهم من قبل المليشيات ، وكشف شهود عيان في العاصمة الليبية عن استمرار توافد العربات والمسلحين في جميع الطرق المؤدية لمقر رئاسة الوزراء.
وأكد شهود عيان من طرابلس سيطرة مجموعة من المليشيات المسلحة على ديوان رئاسة الحكومة ووزارتي الدفاع والداخلية بأسلحة متوسطة وثقيلة، وتم طرد الأجهزة الأمنية والموظفين من داخلها.
48 ساعة من التوتر
تطورات سريعة للمشهد السياسي الليبي قبل عدة أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية، الأكاديمي والسياسي الليبي محمد الدوري، أكد أن ما يحدث الآن على الأرض نتاج طبيعي لحالة الانقسام، وعدم نجاح الحكومة الحالية في إجراء مصالحة بين القوى السياسية قبل الانتخابات.
ونقلت "سكاي نيوز عربية" عن السياسي الليبي قوله إن لا أمل أمام حل الأزمة الليبية سوى بحل جذري لملف المرتزقة والمليشيات التي تتسبب في إفساد أي خطوة نحو حل سياسي للأزمة.
كما قامت مجموعات أخرى من المليشيات بالسيطرة على مقر المجلس الرئاسي، وهذا التوتر على الأرض جاء عقب إقالة المجلس الرئاسي في وقت سابق آمر منطقة طرابلس العسكرية، اللواء عبد الباسط مروان، وتكليف العميد عبد القادر خليفة بالمنصب.
وقال الدوري إن المليشيات لن تسمح بإقامة الانتخابات، ولن تسمح ببناء مؤسسات شرعية؛ لأنها المستفيد الأكبر من حالة الفوضى وانعدام الأمن في البلاد؛ لنهب مقدرات الدولة، وما يحدث الآن يعيد للأذهان أحداث 2014، والانقلاب على الشرعية وانتخابات البرلمان الذي كان يمثل المؤسسة المنتخبة من الشعب.
الأمر لم يقتصر على حد العاصمة، ففجر الثلاثاء الماضي، وقعت اشتباكات بين الجيش ومليشيات تدعى "قوات مكافحة الإرهاب" بمدينة سبها جنوبي البلاد، سبق وشاركت في القتال مع مليشيات "عملية فجر ليبيا" التي قادها الإخواني فتحي باشأغا في معركة ضد الجيش الليبي عام 2014.
دلالات التوقيت
أكد الأكاديمي الليبي لـ"سكاي نيوز عربية" أن المليشيات التي تعد أكبر عقبة أمام الملف الليبي، انتقلت من مربع التهديد والوعيد إلى مربع التنفيذ على الأرض. وأضاف التلاوي أن المليشيات اختبرت رد الفعل الدولي من خلال المناوشات حول مقرات المفوضية العليا للانتخابات خلال الأيام الماضية، ثم انتقلت إلى المؤسسات الحكومية في الوقت الراهن، لتكشف ضعف المؤسسة الأمنية، وتوصيل رسالة للقوى الدولية الفاعلة في الملف الليبي.
وسلط الضوء أيضًا على توقيت تحركات المليشيات بالتزامن مع تواجد المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز في البلاد؛ والتي قامت بالعديد من الاجتماعات مع قوى مختلفة؛ من أجل التوافق العام قبل الانتخابات.
ويرى كثيرون أن عملية تفكيك المليشيات شرط أساسي لإحلال السلم في البلاد، إلى جانب خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
ويواصل دبلوماسيون أوروبيون الضغط على السلطات الليبية لإجراء الانتخابات في موعدها؛ تفاديًا لأي مخاطر قد تترتب على تأجيل الاستحقاق الذي ينتظره الشعب الليبي.