: آخر تحديث
اعتقاد بأن المغرب لا يستفيد من امتياز الوضع المتقدم مع أوروبا

المغرب والاتحاد الاوروبي .. مد وجزر

145
175
144

«إيلاف» من الرباط: يعتقد المغاربة، بنسبة قاربت الثمانين بالمائة، أن بلادهم لم تستفد سياسيًا بالكيفية التي توقعتها من شراكتها المتطورة عبر السنين مع الاتحاد الأوروبي؛ وإنما يرون أن الأخير ربما يخل بالتزاماته حيال الرباط، بينما تقتضي الشراكة أن يتشاور الطرفان بكيفية منتظمة ودورية، من خلال الأجهزة الاتحادية أو عبر القنوات الثنائية؛ أي أنه قبل الأقدام على أي إجراء أو اتخاذ قرار من شأنه إلحاق الضرر بالطرف الآخر أو السير عكس اتجاه مصالحه، يتوجب إخطاره والإصغاء إلى موقفه بدل تصرف أحادي الجانب

وسألت "إيلاف المغرب" قرّاءها إن كانوا يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي، غير منصف فعلاً لبلادهم بخصوص تعاطيه مع القضايا السياسية والاقتصادية، حسب الطريقة التي يتمناها المغرب باعتبارها مطابقة لروح اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وبالنظر كذلك أن الرباط تتمتع منذ عام  2008 بوضعية تفضيلية متقدمة في إطار علاقات الشراكة مع بروكسل.

أجاب المستطلعون بالموافقة بنسبة عالية ( 78,13%) ولم تبرر موقف الاتحاد الأوروبي، إلا نسبة قليلة ممن ادلوا برأيهم استقرت في حدود (21,88%).

يذكر أنه بمقتضى صفة الوضع المتقدم، يتمتع المغرب بامتيازات ومعاملة تفضيلية في مقابل وفائه بالتزاماته حيال المجموعة الأوروبية. صفة الوضع المتقدم قريبة من العضوية الكاملة، إذ تخول المغرب الحضور في كل الأجهزة كملاحظ خاص باستثناء الحق في التصويت.

وكان المغرب قد رحب بإرادة الاتحاد الأوروبي ترسيخ وتنويع التعاون معه في أوسع المجالات، وعلى الثقة في استقرار نظامه السياسي. كما شكرت الرباط في مناسبات، الدول الأعضاء لسعيها في نفس الاتجاه وللاقتراب أكثر من الأسرة الأوروبية، معتبرًا (المغرب) ذلك التطور مفتاحًا لحل كل المشاكل العالقة والخلافات الطارئة التي قد تواجه الطرفين، حاليًا ومستقبلاً.

ويوقن المغرب أن أسباب المشاكل تتعدد، يفرضها تضارب المصالح واختلاف الرؤيا من جهة، وأيضا بسبب المواقف غير الودية لبعض الأعضاء ازاء المغرب، مدفوعين إما بجهلهم لواقعه السياسي أو برغبة شديدة في الدفاع عن مصالحهم إن تعارضت مباشرة أو بصورة غير مباشرة مع مصالح المغرب؛ علمًا ان الأخير كان واعيًا بتلك الدينامية المعقدة، ولذلك فإنه راهن باستمرار على المستقبل الكفيل بتذويب الخلافات وجلاء السحب.

وأضحت الملفات الاقتصادية المتداخلة مع السياسة، محكًا وامتحانًا لاختبار متانة العلاقة بين الرباط وبروكسل ، وخاصة ما يتعلق بنزاع الصحراء في فترات مختلفة.

فقد تبين للمغرب أن  المجموعة الأوروبية تنساق في كثير من الأحيان مع ما تسميه الرباط ابتزاز "جبهة البوليساريو"، التي تنازعه السيادة على الصحراء .اذ شنت حملات استعداء ضده،  من خلال توجيه الاتهام باستغلال الثروات الطبيعية المستخرجة من المناطق الجنوبية ( الصحراء) وخاصة  الثروة السمكية التي يستفيد منها الأوروبيون بمقتضى اتفاق الصيد البحري الذي  يستغرق في الغالب جولات تفاوض عسيرة، تنتهي بصيغة توافقية تعترف للمغرب بسيادته على كامل ترابه الوطني برًا وبحرًا، وضمنها الساحل الأطلسي الصحراوي ، وكذا المتوسطي ، يشملها اتفاق الصيد  البحري الذي يتجدد كل خمس سنوات بناء على إلحاح من الجانب الأوروبي.

ومقابل اعتراف الطرف الأوروبي بالسيادة المغربية على جميع شواطئه، لا يرى المغرب مانعًا في قبول اشتراطات من قبيل تخصيص قسط من عائدات اتفاق الصيد لتنمية المناطق الصحراوية، علمًا أن المغرب يخصص جزءًا مهمًا من موارده المالية لتمويل المشاريع الكبرى المهيكلة في المحافظات الصحراوية بصورة لا تقارن مع ما يكسبه من عائدات سمك شواطئها ، إذ ينفق حوالي 8 دراهم ( 8 دولارات)مقابل درهم واحد يعود اليه من  سمك الصحراء .

وأمام تكرار ممارسات الابتزاز التي مارستها بإمعان جبهة البوليساريو الانفصالية، عبر توظيفها لجماعات تضم حقوقيين مرتزقة، يناوئون المغرب لأسباب إيديولوجية أو لتلقيهم مبالغ مالية من جهات معينة لقاء التنديد بسياسة المغرب، باستعمال أساليب تضليلية للتأثير على الهيئات والأجهزة الأوروبية  والنواب في برلمان" ستراسبورغ "إلى أن  وصل الأمر إلى محكمة العدل الأوروبية التي قضت، على سبيل المثال، بإبطال الاتفاق الزراعي المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهو الحكم الذي استأنفته بروكسل، ونقض الاستئناف الحكم الأول الذي ابتهجت له الجبهة الانفصالية .

وبعد نفاد صبر المغرب وتنبيهه المتكرر للاتحاد الأوروبي والتذكير بما ينص عليه اتفاق الشراكة المبرم بين الطرفين، فإنه لجأ مضطرًا في السنة الماضية إلى تعليق تعاونه مع بروكسل. وفي وقت سابق أوقف العمل باتفاق الصيد البحري ورفض تجديده ما دام الجانب الأوروبي لا يراعي مصالح وحقوق المغرب.

وبطبيعة الحال، فإن ما تعرض له المغرب من محاولات المس بحقوقه في غضون الفترات الاخيرة، إنما يعكس غياب وحدة الرأي  والانسجام   داخل الاتحاد الأوروبي، على غرار تباين مواقف أعضائه حيال  قضايا  دفاعية وامنية ودبلوماسية، علمًا أن التوجه العام في الأسرة الأوروبية ، يدعم تكثيف التعاون مع الرباط، ليس في المجالات الاقتصادية بل في قضايا حيوية مثل الأمن والهجرة السرية ومحاربة الإرهاب والاتجار الدولي في الممنوعات، حيث تأكد للجانب الأوروبي أن المغرب حليف ويمكن الاعتماد عليه والثقة فيه.

وبطبيعة الحال، فإن التعاون الوثيق مع أوروبا تمليه أسباب الجوار الجغرافي وطبيعة التحديات في الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، فضلاً عن الجانب الإنساني حيث تعيش في أوروبا جالية مغربية كثيفة ونشيطة.

ولتلك الأسباب وغيرها، طالب الملك الراحل الحسن الثاني بالانضمام إلى الاسرة الأوروبية، ولم تكن بالعدد الذي أصبحت عليه، وما حمله الملتحقون بها من مشاكل لدرجة أن بريطانيا اختارت الطلاق والعودة إلى حدودها التاريخية.

صحيح ان الأجواء الحالية هادئة بين العاصمة الأوروبية والرباط، من دون استبعاد بروز خلاف جديد، فما دام نزاع  الصحراء مشتعلاً، فإن خصوم المغرب لن يستريحوا .

 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار