هل يمكن تخيل دورة من دورات مهرجان مراكش من دون قفطان يزيد نساء المهرجان وقارًا وجمالًا، وفقرة جامع الفنا، التي تحول الساحة المغربية الشهيرة إلى قاعة سيمائية مفتوحة في الهواء الطلق؟.
إيلاف من مراكش: من المؤكد أن جواب منظمي ومتتبعي هذا الموعد السينمائي الدولي، التي أنهت، يوم أمس (السبت)، دورتها السادسة عشرة، سيكون (لا).
زي عالمي
للسنة السادسة عشرة، حافظ القفطان، هذا الزي النسائي التقليدي المغربي، على تميزه وأثبت ضرورته لاكتمال الصور التي تسوق لمهرجان مراكش.
لا تكتمل مشاركة الفنانات في مهرجان إلا بالقفطان |
تتوالى الدورات وتتغير أسماء ووجوه المدعوات، من فنانات أو زوجات فنانين ومسؤولين وباقي المدعوين. وحده القفطان حافظ على حضوره، حيث شكل رقمًا صعبًا في معادلة تأكيد الحضور وتركيز أضواء المصورين وشد انتباه الجمهور المتتبع. إذ على مدى دورات التظاهرة، اختالت نجمات السينما على البساط الأحمر، في قفاطين زادتهن أنوثة وجمالًا ووقارًا.
خلال دورة هذه السنة، بدا الزيّ التقليدي النسائي المغربي وفيًا لما عرف به، على عكس الأزياء النسائية العصرية التي جاءت في معظمها جريئة، فجّر بعضها جملة من الانتقادات على عدد من الفنانات المغربيات.
تحول القفطان، في السنوات الأخيرة، إلى عنوان لشهرة وتميز الأزياء التقليدية النسائية المغربية، بشكل خاص. وهناك من يذهب إلى القول إن هذا الزي قد تحول إلى "أسطورة في عالم الأزياء العالمية"، من جهة أنه يُقدم إلى الناظرين "لوحة تجمع بين الثقافة الأصيلة التي لا تتخلص من الماضي كليًا، ولا تُهمل مسايرة العصر، محافظة بذلك على أناقة المرأة المغربية وحشمتها".
وساهم إعجاب كبار المصممين العالميين القفطان المغربي في حمله من البيوت والمناسبات المغربية، إلى العالمية، الأمر الذي مكنه من لفت انتباه نساء من ثقافات وجغرافيات وجنسيات متعددة، وخوَّل له عروضًا تقام على شرفه، بانتظام، في عدد من المدن المغربية والعربية والغربية، لمزيد من الترويج له، من جهة، وإظهار جانب يميز الحضارة المغربية، من جهة ثانية.
ليلى حديوي |
سينما في الهواء
يأخذ التجول في ساحة جامع الفنا الشهيرة، على مدى أيام مهرجان الفيلم في مراكش، شكلًا مختلفًا، حيث تختلط الموسيقى التصويرية للأشرطة السينمائية، المبرمجة في إطار فعاليات التظاهرة، بأصوات الباعة والحكواتيين وأهازيج الفرق الموسيقية المغربية، ودخان المشويّات بأضواء الشاشة العملاقة التي نصبت في إحدى جنبات الساحة الشهيرة.
يمكن القول إن فقرة جامع الفنا، المعروفة بتوجهها الفرجوي، لا تجد صعوبة في احتضان سينما المهرجان، حيث تتحول، في جانب منها، إلى قاعة سينمائية مفتوحة في الهواء الطلق، تمنح إمكانية الدخول إليها بالمجان، من دون حاجة إلى الامتناع عن التدخين أو إغلاق الهواتف أو التحدث إلى الأصدقاء، أو حتى الجلوس إلى كراسي تؤثث للفرجة.
الجمهور، الذي تغص به الساحة لمتابعة الأفلام المبرمجة، يحسب بالمئات. حين يتعلق الأمر بفيلم "روبوكوب"، مثلًا، تصير الحسبة بالآلاف، أما حين تحضر شخصية "عبد الرؤوف"، في لباس عبد الرحيم التونسي، لإعطاء انطلاقة عرض فيلم "ماجد" لمخرجه نسيم عباسي، فإن الأعداد والتفاعل يتعديان كل تقدير ووصف.
حب المراكشيين للسينما لا يناقش. في كرة القدم تجدهم يتوزعون بين ريال مدريد وإف سي برشلونة. أما في الفن السابع فتوحدهم السينما الهندية، بشكل خاص.
في جامع الفنا، غير بعيد عن شاشة العرض، يجلس كثير من زوار الساحة إلى طاولات المطاعم الشعبية، بينما تتابع أعينهم مشاهد من أحد الأفلام المبرمجة: أفلام من قارات متباعدة وتجارب متفاوتة، من قبيل "روبوكوب" من بطولة بيتر ويلر وإخراج بول فيرهوفن، و"في وادي الإله" من بطولة لورنس بيكسي وإخراج بول هاجيس، و"ميترو الأنفاق" من بطولة إيزابيل أدجاني وإخراج لوك بيسون، و"الطيب، السيئ وغريب الأطوار" من بطولة جاي وون تشوي وإخراج كيم جي وون، و"لن تحيا مرة ثانية" من بطولة هريتيك روشان وإخراج زويا أختار، و"بزوغ كوكب القرود" من بطولة بيتر شيرنين وإخراج مات ريفز، و"إيفرست" من بطولة بالتازار كورماكور وإخراج تيم بيفان.
ويمكن القول إن أصحاب المطاعم الشعبية هم أكبر المستفيدين من عرض أفلام سينمائية، في أشهر ساحة شعبية في المغرب، خصوصًا وأن برد شهر ديسمبر والوقوف طويلًا أمام شاشة عملاقة لمتابعة فيلم سينمائي، لا يمكن إلا أن يدفعا بالمتفرج إلى التفكير في تدفئة البطن بعد (أو بالموازاة مع) فرجة العين، وهو شيء يعني، بالنسبة إلى أرباب المطاعم الشعبية، مزيدًا من الزبائن، وبالتالي مزيدًا من الأرباح.