إيلاف من سان فرانسيسكو: في وقتٍ نألف فيه سماعات الرأس التي تنقل لنا الصوت، ونظارات الواقع الافتراضي التي تنقل الصورة، لم يتوقّع أحد أن تأتي التقنية يومًا وتُنقل إلينا… النكهة.
جامعة أوهايو الأميركية بدأت بإجراء تجارب فعلية على جهاز صغير يُوضع على طرف اللسان، ويعمل على تحفيز براعم التذوّق كهربائيًا لمحاكاة نكهات معيّنة دون الحاجة لأي طعام فعلي. الفكرة ببساطة: لست بحاجة لأكل قطعة شوكولاتة لتشعر بطعمها، يكفي أن تضغط زرًا في اللعبة أو التطبيق… فيرسل الجهاز إشارة تحاكي المذاق داخل فمك.
التقنية تعتمد على إرسال تيارات كهربائية دقيقة جدًّا إلى أماكن محددة في اللسان لتحفيز الإحساس بالمذاق الحلو أو المالح أو حتى الحامض. التجارب الأولية أثبتت أنه يمكن محاكاة الطعم دون أي أثر جسدي للطعام، مما يفتح الباب أمام تجارب تذوّق جديدة كليًا.
وتقول الدكتورة جيني شاو، الباحثة في المشروع، إن الهدف ليس فقط المتعة، بل إمكانية استخدام التقنية لمرضى اضطرابات التذوّق أو الذين يخضعون لأنظمة غذائية صارمة.
وفي الصور التي انتشرت مؤخّرًا من مختبرات الجامعة، يظهر أحد المتطوّعين وهو يشاهد شاشة تعرض أطعمة شهية، بينما يشعر بنكهاتها عبر شريحة موضوعة على لسانه… دون أن يلمس أي طعام فعلي.
ورغم أن هذه التقنية ما تزال في مراحلها الأولى، إلا أن آفاق استخدامها تبدو واعدة. فبالنسبة لعشّاق الحلويات ممن يسعون لتقليل الوزن، قد تشكّل هذه التقنية حلاً وسطًا: تذوّق النكهة بلا أي سعرات حرارية، بلا سكر، وبلا شعور بالذنب. مجرد تحفيز إلكتروني مؤقّت يخدع الحاسة ويُشبع الرغبة.
وقد يُستخدم هذا الابتكار أيضًا في المستشفيات لمساعدة مرضى فقدان الشهية أو كبار السن، أو حتى في تجارب الطهي الافتراضي والسياحة الرقمية، حيث يمكن للناس اختبار نكهات من ثقافات أخرى من منازلهم. أما في ألعاب الواقع الافتراضي، فقد يُصبح الطعم عنصرًا جديدًا يُضاف إلى الصوت والصورة، لتكتمل التجربة الحسية.
ورغم كل ما تمنحه هذه التقنية من إبهار، تبقى تجربة الطعام الحقيقية بكل تفاصيلها، من القوام إلى الرائحة، شيئًا لا يمكن نسخه بالكامل. ومع ذلك، يبدو أن هذا الابتكار لا يسعى إلى استبدال الأكل، بل إلى تهذيب شغفنا به... ليصبح التذوّق أذكى، وأقل إفراطًا.