كييف (أوكرانيا): أتاح فوز أوكرانيا في مسابقة "يوروفيجن" الغنائية الأوروبية بفضل الدعم الهائل من المشاهدين الأوروبيين، لسكان كييف التمتع بلحظة فرح نادرة في خضم الحرب المستمرة منذ حوالى ثلاثة أشهر إثر الغزو الروسي للبلاد.
فقد فازت فرقة "كالوش أوركسترا" التي تمزج أغنيتها "ستيفانيا" بين الهيب هوب والموسيقى التقليدية، مساء السبت في مدينة تورينو الإيطالية بالمسابقة الغنائية الأوروبية، متقدمة على بريطانيا وإسبانيا في المرتبتين الثانية والثالثة.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أول المعلقين على هذا الفوز، إذ كتب على فيسبوك "شجاعتنا تثير إعجاب العالم. موسيقانا تغزو أوروبا".
وفيما يوميات الأوكرانيين مثقلة بالحرب والخوف منذ الغزو الروسي، أشاد سكان كييف بهذه البشرى النادرة.
وقالت إيرينا فوروبي البالغة 35 عاما، وهي صاحبة مشاريع تجارية، لوكالة فرانس برس إن هذا الفوز "بصيص صغير من السعادة". ووصفت دعم الجمهور الأوروبي بأنه "مذهل"، مضيفة "هذا مهم جدا بالنسبة الينا في السياق الحالي".
أما أندريه نيمكوفيتش، وهو مدير مشاريع يبلغ 28 عاما فقال "أنا سعيد جدا (...)، هذا الفوز مفيد جدا لمعنويات" الأوكرانيين.
والأغنية الأوكرانية المشاركة في المسابقة كُتبت قبل الحرب لكن كلماتها تتّخذ مغزى خاصا في ظل النزاع، ولا سيما مقطع ورد فيه "سأجد طريق المنزل حتى لو كانت كل الطرق مدمرة".
لكن في شوارع كييف الأحد، وفي دليل على محدودية مفاعيل هذا الفوز، سعى البعض إلى التقليل من أهمية الحدث.
وقال فاديم زابلاتنيكوف (61 عاما) "حاليا، ليس هذا الأهم"، معتبرا أن "استعادة القرم ستكون لها أهمية أكبر بكثير".
وهو الفوز الثالث لأوكرانيا في هذه المسابقة التي فازت بها في 2004، وكذلك في 2016 بعد عامين على ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، مع الفنانة جمالا وأغنيتها بعنوان "1944" التي تروي ترحيل ستالين للتتار.
بعد ست سنوات، غزت الأعلام الزرقاء والصفراء ساحة "بالا أوليمبيكو" في تورينو. ولم يتوان الفائز عن التحدث عن الكابوس الذي تعيشه أوكرانيا.
وقال المغني في "كالوش أوركسترا" أوليه سيوك الذي حصد تصفيق الحاضرين إثر تقديم الفرقة أداءها "أرجوكم ساعدوا أوكرانيا وماريوبول! ساعدوا أزوفستال".
وأكد المغني الذي كان يعتمر قبعة زهرية، بعد حصد الفرقة لقب المسابقة "هذا النصر مهم جدا لأوكرانيا، خصوصا هذا العام. نشكركم من أعماق القلب. المجد لأوكرانيا".
والرسائل السياسية محظورة عموما في مسابقة يوروفيجن، غير أن المنظمين أعلنوا عدم التوجه لاستبعاد أوكرانيا على خلفية هذه التصريحات.
وقد أشاد سياسيون بهذا الفوز، بينهم الأمين العام المنتدب لحلف شمال الأطلسي ميرتشا جيوانا.
وبعد ساعات من حصدها لقب المسابقة الغنائية الأوروبية الأشهر عالمياً، بثت الفرقة أيضا كليب الأغنية الفائزة التي تم تصويرها جزئياً في أحياء من كييف شهدت معارك بعد بدء الهجوم العسكري الروسي في 24 شباط/فبراير.
منذ بداية الصراع، تؤدي الموسيقى دورا مهما في تمجيد المقاومة الأوكرانية، بأشكال متنوعة، من الإشادات بمسيّرات "بيرقدار" التركية الصنع إلى إعادة مزج أغنيات شعبية تقليدية مصحوبة بمقاطع فيديو على تيك توك تظهر الدبابات والطائرات الروسية التي أعطبتها القوات الأوكرانية.
كما أظهر نجوم دوليون دعمهم، مثل نجم الروك الأيرلندي بونو قائد فرقة "يو تو" الذي قدم عرضا في وقت سابق من هذا الشهر في مترو كييف.
وبحسب قواعد يوروفيجن، يُفترض أن تُنظّم الدورة المقبلة من المسابقة في أوكرانيا التي ستكون بحسب أوليه سيوك "أوكرانيا جديدة ومندمجة ومتطورة ومزدهرة".
وقال زيلينسكي إنّ مسابقة يوروفيجن 2023 يجب أن تقام في ماريوبول "الحرّة والمسالمة والمُعاد بناؤها". وباتت هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية مدمرة بشكل شبه كامل جراء القصف الروسي ولا يزال آخر المقاتلين فيها متحصنين في دهاليز من الأنفاق تحت الأرض في مجمع أزوفستال الصناعي الضخم.