كان السابع من أكتوبر لحظة تاريخية هزت العالم بأسره، وتستمر تداعياته حتى كتابة هذه السطور، ولن تتوقف قريبًا.
في ذلك اليوم، فتحت حماس حربًا على إسرائيل بدأتها بعبور الحدود وتحطيم خط بارليف الجديد من منظومات أمنية وكاميرات وتقنيات وسياج فوق الأرض وتحتها، واستمرت بقتل الأولاد والنساء والشيوخ واحتجاز الجثث والأحياء ونقلها لغزة للمساومة في ما بعد، إلى جانب أسر عدد من الجنود لم يخطر في بال أحد من قبل.
السابع من اكتوبر كسر هيبة إسرائيل وفتح عليها سبع جبهات وساحات قريبة وبعيدة، تبدأ بغزة إلى الضفة الغربية ومنها إلى لبنان وسوريا ثم اليمن والعراق وايران، سبع ساحات تشغل الجيش والدفاعات الجوية واهل السياسة والتحليل والخبراء، بينما تستمر قوات الدولة العبرية في تدمير مدروس لقطاع غزة من الشمال وحتى الجنوب، والعالم يتململ ثم يوافق وأحيانًا يستنكر خجولًا من قلة دقة القصف الإسرائيلي ووقوع الضحايا من المدنيين.
مع إطالة أمد هذه الحرب المدمرة التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الجانبين، يراهن البعض من الذين في الانفاق وفي فنادق الدوحة وتركيا وسراديب لبنان على ضغط المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، على اسرائيل لوقف آلة الدمار التي تستخدمها في غزة.
عندما أصبح الوقت مواتيًا وضغط البيت الابيض بشكل جدي كما يقول رون ديرمر، الوزير في حكومة الحرب والأقرب إلى نتانياهو، الذي استدعي للبيت الأبيض مؤخرا، جاء من صرح في طهران أن عملية "طوفان الأقصى" انتقام لمقتل قاسم سليماني، قائد فيلق قدس الايراني الذي اغتالته الولايات المتحدة في العراق.
كان الهدف من التصريح إظهار التلاحم ووحدة الساحات في محور المقاومة، إلا انه جاء ملائمًا لإسرائيل وادعاءاتها بتحضير الهجوم في ايران. أضف إلى أن ذلك من شأنه إطالة امد الحرب كما يريد الجيش الاسرائيلي لإتمام مهمته في استهداف قادة حماس ومراكزهم وانفاقهم.
حتى بعد النفي والتنصل، يبقى هذا التصريح الأكثر ضررًا بحماس وأهل غزة منذ اندلاع الحرب، ويدل على أن إيران لا تعترف بحق الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ولا تأبه لحياة اكثر من مليوني فلسطيني في غزة، وما كان يهمها هو الانتقام لسليماني من اسرائيل والولايات المتحدة بشتى الطرق، انتقام على حساب دماء الفلسطينيين في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق.
الإيراني لا يهاجم إسرائيل من أراضيه، مع أنه يملك القدرة التقنية والعسكرية للقيام بذلك، ويفضل دعم المليشيات وبناء اذرع عسكرية وجيوش عقائدية في سبع ساحات للنيل من إسرائيل دون مواجهتها وجهًا لوجه. سبع ساحات عجاف بالحرب والسلاح والموت، سبع ساحات للقتال بدلًا من العلم والثقافة والانطلاق، سبع عجاف في وجه التقدم والازدهار لبلدان تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، سبع عجاف قد لا تتبدل لسبع سمان ليبقى المرشد سعيدًا وحاكمًا في طهران.