الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم. هذا البيت الغني عن التعريف والذي تسبب في مقتل المتنبي، يخيم على فکري کلما أقرأ خبرا عن خيبة بوتين في غزوته المتعثرة في أوکرانيا!
بوتين الذي نفخ في نفسه کثيرا بحيث يبدو کحفيدا ووريثا للقياصرة الروس الذين إنتهت أيامهم مع الثورة البلشفية عام 1917، عندما بادر لهجمته الحمقاء على أوکرانيا والتي يبدو إن الکثيرين إنبهروا بها ولاسيما الکتاب من العالمين العربي والاسلامي وکذلك الذين لا يزالون يتغنون بأيام "الاتحاد السوفياتي" ويعتبرون بوتين الاوليغارشي وارث لينين، يعتقدون بأن جيش بوتين "المتهالك" سوف يعيد أمجاد الجيش الاحمر ومآثره في رومانيا کما وثقتها رواية "الساعة الخامسة والعشرون" وفي ألمانيا کما حدث مع "الفظائع المختلفة ولاسيما إغتصاب النساء الالمانيات" من قبل الجيش الاحمر، يبدو إنه قد باتت حساباته في هجمته هذه تميل أکثر الى إنها تميل بشکل وآخر لنمط ليس ببعيد عن هجمات دون کيشوت على الطواحين الهوائية!
بالامس، کان الرجل يتوعد ويقيم الدنيا ولا يقعدها وکان المنبهرون ببريق هرجه ومرجه يعدون الساعات لکي يصحو العالم على نصره العظيم وإنهيار "الامبريالية الامريکية"، وتتويج بوتين قيصرا کإمتداد لعائلة رومانوف، لکن من کان بوتين ومن رقص على وقع هجومه المتعثر على أوکرنيا، يسخرون منه وينعتونه بشتى النعوت السيئة، صار رمزا للمقاومة بل وأصبح ندا قويا أمام بوتين وجيشه المتورط في حرب صار من الصعب جدا عليه أن يحسمها.
أوراق التوت باتت تتساقط تباعا عن بوتين وعن جيشه وصار هناك الکثير من الاقلام التي تتحدث عن عنترياته السابقة وکيف إنها لم تکن سوى "عفطة عنز"، خصوصا وبعد أن وصل به الحال الى الاعتماد على ملالي إيران، والتوسل بأحفاد جنکيزخان بل وحتى التشبث بأسوء دکتاتور في العالم من أجل ترويع العالم والإيحاء بأنه لا زال بإنتظار تحقيق نصره الکاسح المزعوم.
الترسانة النووية وعصابات فاغنر وکل أنواع وأصناف الاسلحة التي إستخدمها في هجمته على أوکرانيا، لم تنل من العزم الاوکراني شيئا بدليل إن مواجهة الجيش الروسي وإلحاق الهزائم به وتکبيده الخسائر الفادحة لا يزال مستمرا، وها هو بوتين يضطر بالتشبث بإقامة مٶتمرات في موسکو من أجل کسر عزلته المتفاقمة ولکن من دون جدوى، فهو في النتيجة والنهاية مضطر لواحد من خيارين: إما الخيار الشمشوني بلجوئه للسلاح النووي والذي سيجعله يخرج من مولده الدموي بحريق يجعله ملعونا للأبد، أو يجلس على طاولة التفاوض ويسعى من خلالها الخروج بنتيجة يحفظ بها ماء وجهه.