: آخر تحديث

"الذكاء" اليتيم..عربياً! 

66
67
48
مواضيع ذات صلة

بادر المجتمع الدولي بتحرك استباقي في مناقشة مخاطر وتحديات الذكاء الاصطناعي على الدول والشعوب، في حين انشغل العالم العربي -كعادته- في نزاعات عسكرية وصراعات وخلافات سياسية مفتعلة!
لم يغب عن مجلس الأمن الدولي التخطيط الاستباقي في التعامل مع مخاطر وفرص الذكاء الاصطناعي ولم يمنع ذلك التحرك منشأ التطور التكنولوجي الذكي وهو العالم الغربي وليس عالم اعتاد على افتعال الصراعات السياسية والدينية وعدم التركيز على الأولويات. 
ترأست بريطانيا جلسة مجلس الأمن الدولي مؤخرا حيث حظيت الأولوية بمناقشة "مخاطر وفرص" الذكاء الاصطناعي تمهيدا لأول قمة عالمية للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة في وقت لاحق من العام 2023. 
وتعتبر المملكة المتحدة من الدول الرائدة في احتضان الذكاء الاصطناعي الذي يساهم في عائد جيد على الاقتصاد البريطاني على مستوى القيمة المضافة وهو لا يعني التخلي البريطاني عن المسؤوليات السياسية والقانونية والعلمية.  
لا استبعد عدم مشاركة ممثلي الدول العربية في مجلس الأمن الدولي في اللقاء الدولي ولا الاستفادة من المناقشة الاستباقية لمخاطر الذكاء الاصطناعي وتحدياته، فعالمنا العربي يعيش على الانفعال والعاطفة والتحرك العشوائي وهي ظاهرة عربية أزلية. 
الدول العربية تعيش على استهلاك الاختراع الأجنبي والابتكار التكنولوجي في العالم الغربي وغالباً ما تنتفض هذه الدول عشوائيا للدين الإسلامي دون الاعتراف أن منشأ الإرهاب الفكري والجسدي والتطرف الديني هو عالم عربي مسلم.
تستورد الدول العربية الصناعات التكنولوجية الغربية من دون تخطيط استباقي في الموائمة الاقليمية المبكرة للإشكاليات والتحديات الرقمية قبل أن يقع الفأس الاصطناعي بالرأس الإسلامي لتتنادى الدول لاحقا في الاستغاثة السياسية والدينية!
باحثون غربيون استعدوا عملياً في البحث والرصد للذكاء الاصطناعي وقد تنبأ البعض بتطور قد يقود إلى "تأليه" الذكاء الاصطناعي لما تحمله هذه التطورات الرقمية الباهرة من أثر ذهني ونفسي واجتماعي على الأفراد وخاصة في الدول الهشة سياسياً وثقافياً.
لا زالت الأنظمة العربية الأكثر انشغالا في الظواهر الدينية السطحية والنزاعات المفتعلة عسكرياً وسياسياً، فالثقافة السائدة تتحكم فيها الشريحة المُتزمتة اجتماعياً والمتشددة دينياً دون أن يكون للنظام السياسي دور القائد للشارع وليس التابع للغوغائية والصوت العالي.
الذكاء الاصطناعي، بلا شك، لا يحتاج الدعم العربي ولا الإسلامي حتى يتطور وينجح علميا واقتصاديا ولكن المطلوب من الحكومات العربية اقتناص المشاركة في الدراسات والتصورات السياسية والقانونية الدولية وليس الانعزال والاكتفاء بالمراقبة والمتابعة الشكلية.
ينبغي على المؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية تشجيع الاستثمار المالي والبشري والعلمي في الذكاء الاصطناعي، فالمجتمع الغربي بادر في تحمل المسؤولية السياسية والعلمية في التعامل مع تحديات ومخاطر الذكاء الاصطناعي وهو ما يستدعي العمل على نفس المستوى وبذات الاتجاهات الدولية عربياً.
هناك لوبي وضغط نقابي في كثير من البلدان الصناعية والاضرابات ضد الذكاء الاصطناعي والمطالبة بالحماية الوظيفية إلا أن هذه الدول تتعامل مع ردود الفعل من منظور سياسي واقتصادي وعلمي شامل وليس ضيق الأفق، فالسياسات والاهداف العلمية والرقمية لا تتحكم فيها مواقف عشوائية.
تحتاج الدول العربية إلى التركيز على ما يفيد الشعوب والتنمية المستدامة من الذكاء الاصطناعي وليس ممارسة دور المستهلك الجزوع، فالمبادرة في تقديم عمل عربي وإسلامي مشترك عبر المشاركة الفعالة الدولية حتى لا يصبح الذكاء الاصطناعي يتيم عربياً.
وينبغي أن تتعامل الدول والمجتمعات العربية مع التخطيط الاستباقي لتطوير وتحديث مناهج التعليم في ضوء الذكاء الاصطناعي، فالتعليم في جله في بعض الدول العربية والخليجية يخضع لنفوذ تيارات دينية متشددة واجتماعية متزمتة.
الذكاء الاصطناعي وتطوراته يحتم على الدول العربية والخليجية خاصة إعادة النظر في الدور الذي يمارس بشكل انتقائي من أجل تكوين شراكة استثمارية دولية على المستوى السياسي والقانوني والرقمي، بدلا من تبني دور المستهلك الأعمى والمستورد الأحمق!
الوطن العربي بحاجة إلى مبادرة سياسية تنتشلنا من حالة الاستهلاك والتلقي إلى حالة المواكبة الإيجابية والتخطيط الاستباقي للذكاء الاصطناعي بعيدا عن الابعاد الدينية التقليدية وبانفتاح علمي على المستوى الدولي من منظور إسلامي معتدل في التعامل مع تطورات العالم الرقمي.  
*إعلامي كويتي
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.