: آخر تحديث

حريق العراق الکبير وعلي شريعتي

72
73
63
مواضيع ذات صلة

بعد خراب البصرة. هذا القول المأثور الذي ذهب مثلا على أثر إخماد الدولة العباسية لثورة الزنج، حيث إن التلکأ والتأخر العباسي في التصدي لهذا التمرد قد تسبب في أن يقوم زعيم هذا التمرد "علي بن محمد الفارسي" وهو شخص من أصول إيرانيـة کان شاعرا في بلاط الخليفة العباسي، بإحکام قبضته على البصرة وعاث فيها تخريبا وفسادا وسبيا ونهبا، ولهذا فإن العباسيين بعد أن أخمدوا هذا التمرد وقتلوا الفارسي وإستسلام من کان معه، فإن أهالي البصرة وبعد کل الذي جرى لم يشعروا بأي إمتنان للعباسيين وإنما رددوا بحسرة يطغي عليها الالم "بعد خراب البصرة"!

لا أريد أن ألف وأدور وإنما أجد من المناسب جدا للدخول في صلب الموضوع مباشرة، وهو إن ما يجري في العراق يشبه ما جرى في البصرة أيام ثورة الزنج، إذ کما تم إستباحة البصرة بما فيها أمام زعيم الزنج وأتباعه، فإن العراق اليوم شئنا أم أبينا أمام إستباحة غير مسبوقة من قبل نظام الملالي، بحيث إنهم قد تفوقوا على البريطانيين أيام إستعمارهم للعراق وبشکل خاص في فترة الانتداب، فهم يتصرفون على المکشوف وينصبون هذا وذاك وحتى إنهم يقومون بتنصيب من يشاٶون خلافا لنتائج الانتخابات کما جرى مع أياد علاوي، والذي يبعث على الحزن والسخريـة معا هو إن کل ذلك يجري أمام أسماع وأنظار الشعب العراقي، لکن وکأنه "لا من شاف ولا من دري"!!

الاستعمار البريطاني للعراق ومع کل مساوئه لم يصل أبدا الى 10% مما إرتکبه ويرتکبه  نظام الملالي بطرق مباشرة أو غير مباشرة من خلال أذرعه وعملائه من سلب ونهب وفساد وإفساد منذ أن فتح "شيطانهم الاکبر" أبواب العراق لهم، وأجد من الضروري جدا هنا التوقف عند کتاب للمفکر الايراني "علي شريعتي"، إسمه "النباهة والاستحمار"، حيث يقول فيه: "إنه لمن سوء الحظ أن لا ندرك ما يراد بنا، فيصرفوننا عما ينبغي أن نفكر فيه من مصير مجتمعنا"، وهذا ما يقوم به ويفعله نظام الملالي في العراق تحت غطاء الدين عموما والمذهب خصوصا. 

علي شريعتي يقول في کتابه هذا: "عندما يشب حريق في بيتك، ويدعوك أحدهم للصلاة والتضرع الى الله، ينبغي عليك ان تعلم أنها دعوة خائن، فكيف الى عمل آخر؟ فالاهتمام بغير إطفاء الحريق، والانصراف عنه الى عمل آخر، ما هو الا استحمار، وإن كان عملا مقدسا أو غير مقدس". وأقول للعراقيين الذين يواسون بعضهم بالصبر والفرج وقد يجد الکثير منهم مبررات لهذا الحريق بما يبرئ ساحة نظام الشٶم والشر في طهران؛ هل هناك من حريق أکبر ملتهم للإمکانيات والمقدرات والطاقات العراقية من الحريق الذي أشعله نظام الملالي منذ أن وطأت أقدامهم أرض العراق؟ وهل هناك من مهمة أکثر قدسية من إطفاء هذا الحريق؟!

إنه يظلم ويسرق الشيعي قبل السني والعربي قبل الکردي، يظلم ويسرق الجميع تحت مزاعم ومسميات مختلفة يمکن وضعها جميعا تحت يافطة "الاستحمار"، ذلك الاستحمار الذي کانت ذروته يوم تفجير مرقدي الامامين العسکريين في 22 شباط 2006، والذي إعترف "جورج شلتون"، "قائد القوات الامريکية وقتئذ في العراق"، بأن النظام الايراني هو من قام بذلك وإنه تم إعتقال عناصر شارکت في ذلك الهجوم وکانوا إيرانيين وطلب نوري المالکي الذي کان رئيس وزراء العراق يومئذ تسليمهم له، لإجراء اللازم، وقد قام من أسموه في ذلك الحين بـ "مختار العصر" بإجراء اللازم فعلا، حيث إستعرت نار فتنة طائفية لم يستفد منها أحد کما إستفاد ويستفيد نظام الملالي في إيران، حيث من يومها صار العراق مجرد عربة يتم دفعها وتسييرها من قبل هذا النظام ومن يخدمون مشروعه المشبوه في هذا البلد المغلوب على أمره!
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.