تعيش الكويت ترقباً سياسياً جديداً لطبيعة "الإصلاحات السياسية والقانونية" القادمة التي أعلنت عنها القيادة السياسية في شهر أبريل الماضي بعد صدور مرسوم حل مجلس الأمة 2020 مؤخرا.
الكويت، بلا شك، بحاجة ملحة لإصلاحات سياسية وقانونية جذرية تأجلت كثيرا وخاصة منذ زحف السلطة التشريعية على اختصاص السلطة التنفيذية وتنازل الأخيرة للأولى خلال الفترة 2013-2020 علاوة على استفحال ظاهرة السجال الإعلامي حول الشأن القضائي، وهو تطور خطر على الدولة.
فقد شهدت الكويت بعد عودة مجلس 2020 بحكم قضائي دستوري تطورات مؤسفة من الحرب الكلامية ضد سمو الشيخ أحمد النواف، رئيس الوزراء، حيث شن النائب السابق مرزوق الغانم هجوما إعلامياً قاسياً اتسم بالشخصانية وعدم الموضوعية والخروج عن إطار النقد الهادف.
مرزوق الغانم، النائب السابق، طغى على حديثة الصحفي عن رئيس الحكومة الانفعال وقد بدا متألما من فقدان سطوة النفوذ التي تمتع فيها خلال الأعوام 2013-2020 إلى درجة التصريح العلني في اعتبار الشيخ أحمد النواف، رئيس الوزراء، "خطر على الكويت"!
تزامن انحدار الحوار عن القيم السياسية والاجتماعية مع عاصفة الإفتاء بالجوانب السياسية والقانونية من المختصين وغير المختصين، وهو ما أشعل نار الأقاويل والاشاعات ونسب الاقوال للمراجع السياسية دون تدخل رسمي حاسم وسريع!
وتأجلت الحلول السياسية الحاسمة كثيرا حتى باتت الفوضى والغوغائية عنوانا للمشهد لشهور عديدة وهو ما حفز على التشويه والـتأويل والتحريف لكثير من الحقائق والأوضاع دون توضيح رسمي حول حقيقة الوضع السياسي وتحدياته!
مرزوق الغانم، النائب السابق، لم يعد جزءا من التورم السياسي القائم منذ توليه رئاسة مجلس الأمة خلال الأعوام 2013-2020، بل أصبح طرفاً رئيسياً من الصراعات السياسية والنيابية إلى درجة الزج بدوائر القرار في دولة شقيقة في الشأن البرلماني الكويتي!
ولم يكن للتورم السياسي في الكويت الذي اشعله بعض النواب السابقين في مجلس 2020 ومن خارجه أيضاً أن يحدث ويتطور لولا غياب شجاعة القرار الرسمي في مواجهة مصدر الصراعات السياسية وحسم الجدل حولها دون تأخير وتسويف وتهاون وتعطيل للحياة السياسية.
من المؤكد أن الفطنة السياسية لا تملكها فئة معينة ولا مستشارين الحكومة والديوان الأميري ومجلس الأمة، فهي فطنة يفترض ألا تغيب عن دائرة القرار كحالة طبيعية في الدولة، ولا شك أن الخطر يكمن في ترك الكويت عرضة للتآكل الاجتماعي والسياسي!
خرجت الكويت من أزمات مختلفة ولعل أهمها في تاريخها الحديث الغزو العراقي، ولكن الدروس والعبر دون الطموح الشعبي، بل أن الغزو العراقي في طي النكران الرسمي والمؤشرات على ذلك كثيرة مقابل بهرجة أعياد التحرير ورفرفة الأعلام هي الأهم إعلامياً وسياسياً!
الكويت لم تعد تحتمل التأخير ولا التأجيل في القرارات المصيرية للدولة، فالفوضى نالت من السلطات الثلاث وتحديدا السلطة القضائية ولابد من التحرر من السلوكيات التقليدية ونزعات التقليل من خطر تحول التورم السياسي إلى تآكل سرطاني في المجتمع والدولة.
من المؤسف للغاية أن تستشري المغامرات والصراعات والخلافات بين البعض في السلطة وأطراف شعبية ومؤسسات خاصة أيضاً، فالقضاء والتصدي لمشاهد الغوغائية من المسؤوليات الاساسية للسلطة وليس غيرها.
ينبغي أن تقود مؤسسات الدولة حملة إعلامية وسياسية محكمة لدعم انتخابات نيابية نزيهة وتثقيف المواطنين بمسؤولية الإرادة الشعبية الوطنية بعيدا عن النعرات القبلية والطائفية والفئوية، فمن دون تحرك رسمي رصين لن تخرج الكويت من حالة الاختناق السياسي المتجدد دون نهاية!
نتمنى أن تكون انتخابات 2023 نقلة سياسية وثقافية نوعية تترجم الحكومة عملياً وفعلياً دون غيرها التعبير الحقيقي عن احترام الإرادة الشعبية وتطلعاتها خارج إطار اللغة الانشائية لطالما الغاية الكبرى هي المصلحة الوطنية لكويت اليوم والمستقبل.
نحن كشعب نملك الرأي والرؤية للإصلاحات السياسية الملحة ونعلم أن الـتأجيل والتهاون في تنفيذ الإصلاحات الجذرية الشاملة تقليد حكومي تاريخي ولذلك تتعاظم المسؤولية على السلطة في التنفيذ العاجل لهذه الإصلاحات أكثر من أي وقت مضى وقبل الـتآكل السياسي والاجتماعي.
*إعلامي كويتي
الكويت قبل التآكل ...!
مواضيع ذات صلة