لا شك أن انتخاب رئيس للعراق وتكليف رئيس وزراء جديد لتشكيل حكومة يشكل منعطفاً كبيراً ومهماً في تاريخ العراق المتعطش للديمقراطية الحقيقية، وأن هذه الخطوة ستسهم في العملية السياسية نحو عراق ديمقراطي مستقر بعدما انحدر لما يزيد على عام نحو نفق خطير بسبب مأزق الحكومة بعد تنظيم الانتخابات.
هذه التطورات الجديدة جاءت مدروسة وفي ظروف دقيقة لتحصين العراق من التوترات السياسية الدولية، وقد جاءت أيضاً مع مناخ نفور عام من الطائفية وانتعاش للوطنية العراقية باعتماد أحكام الدستور والنظر إلى استحقاقات الإصلاح بمسؤولية ورص الصفوف، وأكيد أن أبرز ما يشتد به عضد السياسي الناجح والحاكم النزيه هو الحزم الذي لا يتحقق إلا بالابتعاد عن المحاصصة وإشراك الجميع دون استثناء والحيلولة دون الانفراد بطرح الآراء بتشجيع كافة الأحزاب على الاشتراك علماً أن هنالك أجندات خارجية قادرة على سحب كل خطوة أو اثنتين إلى الوراء، لذلك فإن تقاسم السلطة واحترام حقوق كل العراقيين هو الصيغة الوحيدة لإبعاد البلاد عن التدخلات والوصاية الخارجية.
وغني عن القول إن القادة السياسيين أمام تحدٍ كبير لهذه المهمة الصعبة التي اختيروا من أجلها، لذلك من الضروري أن يكونوا على قدر من المسؤولية والشعور الحقيقي بالمواطن العراقي ومواجهة المناورات السياسية والادخارات السلبية لبعض التشكيلات السياسية وتبديد أجواء عدم الثقة المستندة إلى ماضي العراق، بتطويق الأزمات التي تتوالد كل يوم، واتخاذ خطوات موحدة للجم من يعرّض البلاد لمخاطر الانقسام، ووضع آليات للبحث عن بدائل محتملة كمخرج عند اشتداد الأزمات المتشكلة، ولا شك أن مثل هذه المبادرات تعطي للدور العراقي حيوية الفعل واستقلالية القرار.