يقول الخبراء إن التجربة الاقتصادية الصينية جديرة بالدراسة المعمّقة، إذ يكتنفها الغموض والأسرار التي ينبغي إفشاؤها، ليعرف الجميع كيف تحوّل هذا البلد إلى أحد أقوى اقتصادات العالم. هذا الكتاب يقول الكثير في هذا المجال.
إيلاف: ربما يمكن اعتبار كتاب "قراءة في الاقتصاد الصيني: كشف أسرار أقوى اقتصاديات العالم" Demystifying the Chinese Economy للكاتب الصيني لين يي فو، النائب السابق لرئيس البنك الدولي، وأشهر خبير اقتصادي صيني، من أهم الكتب في هذا السياق.
أسرار قوة الاقتصاد الصيني في كتاب |
إذ يضم في 12 بابًا كل ما يهمّ الباحث والقارئ العادي في ما يتعلق بالاقتصاد الصيني، فيتطرق إلى الفرص والتحديات التي واجهت وتواجه الاقتصاد الصيني منذ بدايات القرن الجديد، ويقارنها بالتحديات التي واجهت الاقتصاد في دول أخرى، مثل ألمانيا واليابان.
الصين والغرب
المثير في هذا الكتاب، الذي ترجمته ريهام محمد دشيش وهند سلطان، وراجعه وقدم له الدكتور أحمد السعيد، هو باب الصين ونظريات الغرب، فيه سبب عدم حدوث ثورة صناعية صينية تشبه ثورة الغرب، ونتيجة اتباع الصين للغرب وتأثرها به فترة ليست بالقصيرة.
كما يتناول موضوعًا أكثر حساسية قلّ بحثه، وهو شعور الطبقة المثقفة بانكسار الدولة وضعفها، حيث يصطبغ التاريخ الاجتماعي والسياسي الحديث للصين بذلك المزيج من الشعور بالإحباط والإحساس بالمسؤولية لدى مثقفي الصين.
يتحدث المؤلف كذلك عن جانب التطبيق الواقعي للحاق بالركب العالمي، حيث تم الإسراع في تحويل الدولة من مجتمعٍ زراعي متخلف إلى مجتمع صناعي، وبناء دولة قوية والاعتماد على الذات والتركيز على الصناعات الثقيلة.
يقارن لين يي فو بين تجارب دول جنوب شرق آسيا، أو ما عرف بالنمور الآسيوية، ويطرح السؤال الآتي: هل التجربة الناجحة لاقتصاديات دول شرق آسيا توفر طريقًا بديلًا قابلًا للتطبيق في البلدان النامية؟. ويجيب عن السؤال من خلال تحليل الأسباب الكامنة وراء نجاح اقتصاديات شرق آسيا ومقارنتها بالصين والعالم النامي.
التحول الزراعي الصناعي
يتطرق الكتاب إلى موضوع أكثر تفصيلًا، وهو تجربة التحول الزراعي الصناعي والسياسات الصينية في الثمانينيات التي حوّلت الصين إلى دولة منتجة كبرى. وتعدّ هذه التجربة من أكثر التجارب إفادة للدول، التي تمتلك مقومات زراعية جيدة ولا تستفيد منها.
يتعمق أيضًا في تجربة الاقتصاد الصيني، حيث مرحلة إدارة المشروعات الصغيرة، ثم دفع تخصيص الموارد ونظام تشكيل الأسعار، وتحويل مسار نظام الأسعار والتخصيص الفردي إلى مسارين، والاتجاه في النهاية نحو المسار الأحادي لنظام السوق.
كما يستعرض تجربة الصين في موضوع إصلاح مؤسسات الدولة، وهي تجربة عالمية فريدة ومميزة جديرة بالتأمل والانتباه. يكمل التجربة مع تفاصيل إصلاح النظام المالي للصين، وصولًا إلى الحكم على مدى حقيقة الإصلاح الاقتصادي الصيني، وما أظهره من مشكلات تتعلق بالتنمية في الريف والحضر وكيفية الموازنة بينهما.
يأخذنا الكتاب إلى مشكلات ما بعد صعود وتقدم الاقتصاد: تحسين نظام السوق، وتعزيز وحدة العدالة والكفاءة، وتحقيق التنمية المتناسقة.
يختتم المؤلف كتابه بموضوع انعكاسات واستنتاجات الاقتصاد الكلاسيكي القديم، ودور النظريات الاقتصادية بشكل عام في التعريف باقتصاد ما.