: آخر تحديث

ثورة نسائية غير منطقية في فيلم (ليلة العيد)

7
6
5

إيلاف من لندن: فيلم (ليلة العيد) يحكي قصة مجموعة نساء يعشن في جزيرة، يتشاركن جميعهن معاناة تعنيف الرجل، سواء أكان أباً، أخاً، أو زوجاً، من خلال قصص مؤثرة ومحزنة.

والشخصية الأكثر بروزاً في الفيلم هي (عزيزة)، تؤدي دورها الفنانة يسرا، التي تمتلك شجاعة ووعياً أكثر من قريناتها في الجزيرة، ما يجعلهن يلجأن إليها في عدة مواقف.

الفيلم مليء بالنجوم المبدعين، كريهام عبد الغفور، عبير صبري، يسرا اللوزي، سميحة أيوب، أحمد خالد صالح، وسيد رجب.

ولكن بدلاً من أن يستغل المخرج (سامح عبد العزيز)، أو المؤلف (أحمد عبد الله)، وجود هذه النخبة من الممثلين لصنع فيلم بفكرة أصيلة ومؤثرة، فقد استسهلا واعتمدا على اللحاق بالموجة النسوية الحقوقية الدارجة جداً في الوقت الحالي، لضمان نجاح الفيلم، بدلاً من الخوض في مغامرة عمل قصة مبتكرة.

لا شك أن المرأة عانت الكثير من المجتمع الذكوري، وخاصة في المجتمعات الشرقية، وما زال البعض يعاني منها حتى الآن.

ومما لا شك فيه أيضاً أن المرأة لم تكن قادرة على البوح بهذه المشكلات في ظل الظلم والكبت، وكان الوقت الأنسب هو عندما تنال حقوقها، كعصرنا الحالي.
وهذا ما حدث وما زال يحدث حتى الآن، لكن (ليلة العيد) أعادنا إلى الماضي وكأننا نشاهد لأول مرة فيلماً عن العنف ضد المرأة! فبالغ في تجميع جميع نماذج العنف الذكوري ضد المرأة في أعلى درجات قسوته، في فيلم واحد.

بل ومن شدة المبالغة، استحضر المؤلف مشكلات قديمة، بث فيها القضاء المصري لصالح المرأة، كختان الإناث الذي جرّمه قانونهم، وجعل عقوبة فاعله تصل إلى عشر سنوات من السجن المشدد، وحرمان المرأة من ميراثها أيضاً يجرّمه القضاء المصري. وإذا أرادت الزوجة الطلاق من زوجها، فتستطيع خلعه بموجب قانون الخلع، والمحاكم المصرية مليئة بمثل هذه القضايا.

وإذا كانت هذه الجرائم ما زالت تحدث في بعض القرى، فهذا بسبب الجهل، واتباع العادات والتقاليد التي يُظلم فيها الرجل أيضاً!

ففي القرى يُجبر الرجل من أهله على الزواج من إحدى قريباته، ولا يحق له اختيار تخصصه في الدراسة، أو مستقبله المهني، ويُجبر أيضاً على اتباع نشاط أو عمل والده. لذا فالظلم الذي يحدث في هذا النوع من المجتمعات ليس قاصراً على المرأة فقط.

كما أن (ليلة العيد) ينادي بعدم التفرقة والمساواة. وبالتأكيد أنه تناول مشكلات موجودة في الواقع، إلا أنه كان غير عادل في طرح قضيته.

فمثلاً، لو قمنا بالمقابل بعمل فيلم في جزيرة أخرى، فيه المرأة التي اتفقت مع عشيقها على قتل زوجها، والأخرى التي افتعلت مشكلة للطلاق من زوجها واستولت على كل ما يملك، وزوجة أب تعذب أبناء زوجها، وأخرى ادعت كذباً أن زوجها يؤيد حريتها، وعلى أساس هذا قاضته وحرمته من أطفاله، وامرأة ثانية قررت الاستغناء عن مسؤولية تربية أطفالها الصغار، وتركتهم لوالدهم، لتعيش حياتها وتحقق أحلامها التي تذكرتها فجأة.

فسنجد أن هذا الفيلم سيظهر جميع النساء سيئات، وبأن الرجال مظلومون. ونستطيع أن نعلل ذلك أيضاً بأن هذه القصص تعكس أحداثاً تحدث في الواقع أيضاً!

وفي الحقيقة، هذا اختيار نماذج من الواقع لترسل رسالة إلى المشاهد. فلا توجد جزيرة كل نسائها مظلومات، ولا أخرى كل رجالها مظلومون. والسينما إذا أرادت تجسيد الواقع، فعليها نقله دون تحيز.

كما أن الفيلم يظهر الرجل المتدين بنفس الطريقة النمطية التي "قُتلت بحثاً" في السينما والدراما المصرية.

حيث أظهر نموذجين لرجلَي دين: الأول جاهل ومتطرف، يجبر زوجته على النقاب، ويعنفها ويغصبها على واجباتها الشرعية، (وبالطبع لابد من مشهد تكسير التلفاز ونعته بالشيطان)، والآخر رجل دين بمنظر سمح، يروج لزواج القاصرات.

والسينما المصرية بشكل عام، تبتعد عن أن تظهر نموذج الرجل المعتدل دينياً، والناجح والمثقف والرياضي، أو المرأة المحجبة المخترعة، أو الموهوبة، والأنيقة المظهر.

بشكل عام، جميع الأفلام حول العالم لها رسائل وأجندات، فإن كان لابد من وجودها، فأقل ما يجب فعله من صناعها هو جعلها أكثر منطقية وإقناعاً، وليس كما حدث في فيلم (ليلة العيد).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.