: آخر تحديث

أميركا والخليج وبينهما الكويت

9
7
6

منذ انتشار فيديو لوزير التجاري الأمريكي عن الكويت ودور واشنطن بحرب التحرير، خرجت بكثافة التعليقات الشعبية الكويتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً بمنصة إكس، وقد اتسم بعضها بحصافة التحليل العلمي والبرغماتية، في حين ذهب البعض الأخر إلى التصعيد والشعبوية! 

السياسة مهما كانت حصيفة، فلابد من ثغرة فيها أو ثغرات، ولابد من إدراك أن السياسية لم تعد فن الممكن، ولم تعد قواعدها رهينة التاريخ ولغة الحوار التقليدي، فقواعد اللعبة السياسية تغيرت في أمريكا بعد صعود نجم الرئيس ترامب.

ترديد رسالة الوزير الأمريكي وغايتها ليست بصالح الكويت، لكن تحليلها مهم للغاية من دون استعجال الحكم، ولا التهور في الاشتباك مع الإدارة الأمريكية الجديدة إعلامياً، والدخول في دهاليز معركة إعلامية وسياسية غير متكافئة.

الشعبوية لا ينبغي تجاهلها في نهج الإدارة الأمريكية الجديدة وسياسية الرئيس ترامب وأهدافه داخل أمريكا وخارجها وتحديداً تجاه العالم الغربي وحلف الناتو قبل العالم الثالث ودول لا تستوعب قواعد اللعبة السياسية الجديدة وتحدياتها وثقلها على المستوى الإقليمي والدولي.

الشعبوية في الكويت تراث سياسي فشلت حكومات ومجالس أمة ومؤسسات مدينة في معالجتها، والاعتراف بتكاثر هذا التراث في مجتمع صغير أفضل من مناقشة التكوين الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في الكويت وأمريكا والعالم ككل.

بيئة الحياة في الولايات المتحدة قادرة على هضم العجائب والغرائب والتعبير من دون سقف وحدود ولا اعتبار للرئيس وإدارته والفريق الاستشاري والحزبي، في حين بيئة الحياة السياسية في الكويت مختلفة تماما لاعتبارات دستورية وسياسية وقانونية واجتماعية.

الدول الشقيقة بمجلس التعاون الخليجي لها علاقات ومصالح براغماتية مع أمريكا، ولها دور سياسي دولي له ميزانه وثقله وحساباته على خلاف دور الكويت وخموله على الساحتين الساحة الدولية والإقليمية، لذلك المقارنة غير عادلة بحق أمريكا ودول الخليج والكويت. 

لسنا بصدد مناقشة النزعات الشعبوية وأسبابها في أمريكا ولا في الكويت وظروفها، ولا مناقشة هيجان الشارع الكويتي وانفعالاته ضد الإدارة الأمريكية الجديدة، فتوظيف الحكمة والتأني وترجيح التحليل والبحث عن حلول عملية وواقعية من الناحية الزمنية أفضل من إضاعة فرص الحلول!

الحلول العملية في حال الكويت ليس بالضرورة الدخول في مزاد ضخ الأموال في أمريكا وهي على أبواب "الدين العام" و"الاقتراض"، والظروف في الدول الخليجية الشقيقة مختلفة بطبيعتها وعلاقاتها مع الغرب ودورها الإقليمي والدولي.

أفضل الحلول تفرض علينا في الكويت مراجعة تاريخ الدولة اثناء الغزو وما ترتب عن ذلك من توظيف لشركات إعلامية عالمية لصالح قضية الكويت وشرعيتها، وكذلك الحال بعد التحرير في توظيف شركة إعلامية دولية لمواجهة سرقة استثمارات الدولة في اسبانيا.

مشاعر الغضب لها مبرراتها على المستوى الشعبي، لكن الغضب السياسي للدول لا يمنح الثقل السياسي ولا يخدم المصالح مع أميركا، ولابد من إدراك ظروف الشعبوية في أمريكا، والشعبوية بالكويت أي دغدغة مشاعر فزعات اجتماعية وتشنجات إعلامية كويتية، وعضلات إعلامية رخوة!

الحلول العملية والواقعية للكويت في توظيف الأذرع القادرة على أيصال الرسالة الكويتية والموقف خارج كواليس دبلوماسية تقليدية، فلعبة الرئيس الأميركي ترامب أصبحت منقولة على الهواء مباشرة، ولا أتوقع أن الكويت قادرة على قسوة المشهد الإعلامي في البيت الأبيض.

التحليلات العفوية والعشوائية لا تقود إلى نضوج سياسي ووعي واقعي وتفكير عقلاني في فهم السياسة الجديدة لأميركا تجاه الخليج وبينهما الكويت، فمشاعر الغضب الشعبي وانفعالات شعبوية وتشنجات المواقف تعد من مظاهر إضعاف دور الحكومة وحججها.

*إعلامي كويتي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.