: آخر تحديث
بعد غياب عربي طويل دام 11 عامًا

كأس آسيا: انتفاضة سلوية للأردن ولبنان من رحم المعاناة

68
75
60

بيروت: أعاد المنتخبان اللبناني والأردني العرب إلى الخارطة السلّوية الآسيوية من الباب العريض بعد تأهلهما الى نصف نهائي كأس آسيا لكرة السلة في العاصمة الاندونيسية جاكرتا، بعد غياب عربي طويل عن المربع الأخير دام 11 عامًا. لكن لكل منتخب قصته الخاصة من المعاناة والتحديات. 

شكّلت نتائج المنتخبَين الأردني واللبناني اللذين سيتواجهان السبت في نصف النهائي، عقب تجاوزهما إيران حاملة اللقب ثلاث مرات (91 76) والصين حاملة الرقم القياسي بـ 16 لقبًا (72 69) تواليًا في الدور ربع النهائي، حدثا لافتًا للبلدين.

ذلك لأن كرة السلّة الأردنية تشهد تدهورًا وسط تراجع الاهتمام بالدوري المحلي الذي فقد بريقه مع احجام رجال الاعمال او الشركات الخاصة عن رعاية الأندية، بخلاف الفترة ما قبل العام 2015، عندما برزت أندية متموّلة كفاست لينك (زين لاحقا)، والعلوم التطبيقية وغيرهما، ما أنعش اللعبة وأسهم في نهضتها وبروزها.

آنذاك، نجحت الفرق الاردنية في تحقيق نتائج بارزة عربياً وآسيوياً، وصولاً الى الفوز بكأس آسيا للأندية عام 2006 عن طريق نادي زين، ثمّ تقدم المنتخب الأردني ليصبح قوة بارزة عربياً وآسيوياً من خلال حلوله ثالثاً في كأس آسيا 2009 ثمّ وصيفا في 2011.

وللدلالة على الصعوبات التي تواجه السلّة الأردنية محلياً ولمنعها من الاندثار بعد العجز عن تنظيم بطولات محلية لفترات طويلة، يقوم اتحاد اللعبة في تمويل الأندية قدر المستطاع لتسديد رواتب بعض اللاعبين البارزين الذين يمثلون منتخباً وطنياً يضم عشرة أفراد من اصل 12 يلعبون في الدوري المحلي.

وتعوّل تشكيلة المدرب وسام الصوص على الأميركي المجنّس دار تاكر (فلامنغو البرازيلي) ولاعب ارتكازه احمد الدويري (فنربغشة التركي) وفريدي إبراهيم وزيد عبّاس. 

"حياة اللاعب الأردني صعبة"

يشرح قائد منتخب الأردن السابق زيد الخص الذي رافق نجاحات السلّة الاردنية كافة بين العامين 2006 و2013 في حديثه لوكالة فرانس برس، الصعوبات التي تواجه اللعبة "النتائج لا تعكس حجم التطوير الذي يجب أن يحصل لإحداث التغيير في السلّة الاردنية، لا نملك دماء جديدة من اللاعبين لتعويض اللاعبين الذين ينوون الاعتزال قريبا".

وتابع "لا نملك اي خطة للمنتخب وكذلك لدوريات الفئات العمرية من أجل صناعة جيل جديد. نحتاج إلى تغيير الثقافة كلها من أجل التطوير والنجاح في الأعوام المقبلة".

وأردف الخص الذي كان لاعب الارتكاز "أستطيع القول إننا نملك أسوأ أسلوب حياة بالنسبة للاعب كرة السلة في اي بلد في العالم. اللاعبون يتقاضون رواتب أقل مما يجب ولا يحصلون على التقدير الكافي ولا على الضمانات الكافية لمستقبلهم". 

هذه المشكلة التي تواجه السلّة الاردنية، تختلف عن نظيرتها اللبنانية، حيث إنّ اللاعبين يعيشون شبه احتراف مع رواتب عالية نسبيًا مقارنة بالمهن الأخرى.

غير أنّ بلاد الأرز تعيش أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية عرفتها منذ عقود طويلة، تزامنت مع انفجار مروّع هزّ العاصمة بيروت في آب/أغسطس 2020 وتسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، ملحقاً دماراً واسعاً بعدد من أحياء العاصمة.

وعند اندلاع احتجاجات شعبية في تشرين الأول/اكتوبر 2019، أوقف الدوري وألغي الموسم لاحقاً بشكل رسمي، ما دفع بعض اللاعبين إلى الاعتزال ومن بينهم لاعب المنتخب الحالي إيلي شمعون الذي أعلن ابتعاده عن كرة السلة للعمل في المملكة العربية السعودية قبل أن يعود لاحقاً عن قراره.

كما غادر العديد من لاعبي المنتخب الذين يحملون جنسيات أخرى البلاد، على غرار جوزيف الشرتوني وشارل تابت ودانيال فارس وغسان نعمة، قبل أن تستعيد اللعبة جزءًا من عافيتها في العامين الماضيين دون أن تصل بعد إلى ما وصلت إليه قبل العام 2019 من حيث الازدهار في رواتب اللاعبين وقدوم أبرز اللاعبين الاجانب.

وقد عكست تصريحات اللاعبين اللبنانيين ادراكهم لمعاناة المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة صعوبات شديدة كنقص في الكهرباء وغلاء في المعيشة وتراجع الخدمات الحكومية، ومع ذلك يجدون في منتخبهم السلّوي بارقة أمل ومتنفساً لهم، إذ احتشد قرابة ثمانية آلاف متفرّج الشهر الماضي لمؤازرة المنتخب الوطني بمواجهة الأردن في تصفيات كأس العالم وانتهت بفوز أصحاب الأرض.

قال صانع ألعاب لبنان ونجمه وائل عرقجي (27 عاماً) الذي قاد تشكيلة المدرب جاد الحاج أمام الصين بتسجيله 32 نقطة "هذا الفوز يعني الكثير لشعبنا الذي يقاتل يومياً. نأتي من بلد مكسور، حزين، نريد إسعاد شعبنا ونعيد رفع علم لبنان في القمة".

"بريق أمل للبنانيين"

ومن إمارة دبي حيث اضطر آلاف اللبنانيين إلى الرحيل بحثاً عن فرص عمل، قال أسطورة المنتخب اللبناني فادي الخطيب لوكالة فرانس برس "إنها نتائج مذهلة ونأمل أن يستمر المنتخب حتى النهاية، فما يحصل هو بمثابة بريق أمل للشباب اللبناني ويعطيهم الدفع في ظل ما نعيشه".

وتابع الخطيب الذي قاد منتخب لبنان إلى مركز الوصافة آسيوياً ثلاث مرات "في حقبتنا، قارعنا أهم المنتخبات الآسيوية والعالمية أيضاً، والمقارنات لا تفيد بين جيل وآخر، إلا انّ الأساس هو أنه في الحقبتين، نحن نمثّل لبنان أفضل تمثيل". 

وأضاف الخطيب الذي أعلن اعتزاله قبل عامين بعد مسيرة دامت أكثر من 25 عاماً في الملاعب "أتحدث إلى اللاعبين بشكل شخصي دائماً، ومع الجهاز الفني أيضاً، كل الدعم لهم". 

ومع ضمان وصول منتخب عربي إلى النهائي للمرة الأولى منذ العام 2011، فإنّ إحراز اللقب سيكون سابقة تاريخية للعرب في البطولة القارية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة