: آخر تحديث

الدكتور النفيسي واليابان بالعربي!

45
38
46
مواضيع ذات صلة

قبل حوالي 4 سنوات وتحديداً في عام 2018، كتب الدكتور الكويتي المعروف/ عبدالله النفيسي، هذه التغريدة على حسابه بمنصة تويتر:

"هل تصدّق أنّ اليابان كانت (في عام) 1908 ترسل طلبتها إلى مصر لاكتساب الخبرات والتدريب المهني؟ قارن الآن 2018 بين اليابان ومصر، ترى لماذا تقدَمت اليابان وتراجعت مصر؟"

وقد بادر حينها حساب "اليابان بالعربي" التابع لمؤسسة الاتصالات اليابانية (Nippon.com)، بالرد على تغريدة النفيسي بالتالي:

"هل يمكنك مدنا بمصدر هذا الكلام؟ وما هي المهارات التي تعلمها الطلبة؟ وفِي أي مجال؟ كم كان عددهم؟ وكيف استفادت اليابان منهم؟ وما هي المدة التي قضوها في مصر؟ في أي مدينة؟ وكم من الوقت مكثوا هناك؟"

وحينها لم يتلق الحساب أي رد على تساؤلاته من النفيسي.. ويفترض أنها انتهت هنا "الحدوته"، ولكن الحساب بادر قبل أيام بتجديد تساؤلاته القديمة عبر هذه التغريدة أسفل تغريدة النفيسي الأصلية المذكورة أعلاه:

"هل تصدق مر 4 أعوام على تلك التغريدة، ولم نحصل على رد على التساؤلات التي طرحناها.. أهلا بكم في عالم "خرافات عن اليابان"... وتضمن الرد تهكما بالرموز التعبيرية ومقطع ساخر متحرك أو ما يعرف ب "الميم".

والتزم هنا أيضا النفيسي الصمت، وأنا لكي أكفي حساب "اليابان بالعربي" مؤونة تجديد "تغريدة النفيسي" بعد أربع سنوات أخرى، وكونه أثار فيني فضولاً حميداً بعكس فضول القائمين على حساب "اليابان بالعربي" الذي يبدو بأنه فضول بقصد الإثارة خاصة وحساب النفيسي يمتلك أضعاف أضعاف متابعي حساب اليابان بالعربي (أكثر من 2 مليون متابع لحساب النفيسي على تويتر).. فإلى القائمين على هذا الحساب والقارئ الحقائق ، ومن مصادر موثوقة !

ربما خان المصدر الذي استقى منه الدكتور عبدالله النفيسي الدقة في المعلومة، وتحديداً السنة التي ذكرها (1908)، فلم أقف على مصدر يرجح "إرسال اليابان لطلبتها لمصر في تلك السنة بقصد اكتساب الخبرات والتدريب المهني"... ولكن السياق صحيح نسبيا إنما في فترة سابقة وتحديداً في منتصف القرن التاسع عشر.. فوفق مقال بأرشيف موقع "منظمة دول الآسيان" الرسمي على شبكة الانترنت – مصدر موثوق ما يخرش المية! – جاء في المقال بتصرف بأنه في أعقاب فترة الانفتاح الياباني على العالم – بعد عزلة طويلة – أو ما تعرف بفترة "ميجي"، أرسلت اليابان "بعثة ساموراي" إلى فرنسا بقصد الاطلاع على التقدم العلمي والتقني الذي وصلت له أوروبا، وكان خط سير البعثة يتضمن المرور بمصر، وهو ما كان قبيل مغادرته لفرنسا، وهذه المعلومة ذكرها حساب "اليابان بالعربي" سابقاً، ولكنه وقف كمن قرأ ووقف على "لا تقربوا الصلاة"!.. ولم يستطرد بأن نفس البعثة عادت بعد رحلتها من فرنسا إلى مصر مجدداً، وطافت في مصر لتقف على الانجازات المصرية حينها، وذهلت بمشروع قناة السويس التي لم تكن قد اكتملت حينها بعد، وذهلت أيضاً عندما علمت بأن مصر تمتلك قطارات وسكك للحديد بعكس اليابان التي لم تكن تمتلكها حينها، بل وسجَلت ملحوظة عادت بها لليابان، وهي بأنه خلال زيارة البعثة اليابانية للحمامات العامة في القاهرة وجدتها قمة في النظافة والبناء الهندسي ويجب أن تتوفر مثلها في اليابان. انتهى.. ومتى ما أراد حساب "اليابان بالعربي" مصدر المعلومة، فليسألها مني وإن كان "سينسي قوقل" أقرب بخبطة زر !

والشيء بالشيء يذكر، وللمفارقة.. وليعتبرها حساب "اليابان بالعربي" معلومة "بونس"، كيف تغافل عن كون وزيرة دفاع اليابان السابقة، وعمدة طوكيو الحالية، السيدة/ يوريكو كويكي، هي خريجة "جامعة القاهرة" ببكالوريوس في علم الاجتماع في عام 1976؟!، علماً بأن نفس المؤسسة – المذكورة آنفاً - التي ينتمي لها حساب "اليابان بالعربي" قامت بالتشكيك في صحة دراسة الوزيرة في جامعة القاهرة وحصولها على البكالوريوس من هناك، وأحدثت زوبعة اعلامية في اليابان انتهت بتأكيد المؤسسة لهذه المعلومة والاعتذار للوزيرة كويكي !

وقبل الختام، فيما لو كانت اليابان قد أرسلت بعثة طلاب لمصر في بداية القرن العشرين، وبالتحديد لجامعة فؤاد/ الجامعة المصرية – وجامعة القاهرة اليوم -، فالتساؤل الذي على شكل تمني هنا، كم كانوا هؤلاء الطلاب سيمتلكون من الحظ واكتساب العلم بأن يلتقوا حينها بمثل عميد كلية العلوم حينها، العالم الفيزيائي المشهور/ علي مصطفى مشرَفة، أحد أنبغ العقول البشرية على مر التاريخ، وصديق مقرب كان لآينشتاين نفسه، وأحد القلة في العالم حينها من ألمَ تماماً بنظريته النسبية، وبسر الذرة وقوتها؟

ختاماً، ليت حساب "اليابان بالعربي" انتبه للجزء الأهم في تغريدة الدكتور النفيسي وهو، "لماذا تقدَمت اليابان وتراجعت مصر؟".. عوضاً عن أن ينطبق عليه المثل الذي من جارته الصين، "أنا أشير إلى القمر، والأحمق ينظر إلى إصبعي"!.. ولعل بعض – أو كل! - الاجابة على تساؤل الدكتور النفيسي تستطيع أن تقتفي أثره بداية من عصر "محمد سعيد باشا" – الذي زار وفد اليابان المذكور آنفاً مصر في عهد ولايته لمصر – عندما قام بإغلاق "المدارس العليا" - وتعادل جامعات اليوم - التي بناها والده "محمد علي باشا" معللاً: "الأمة الجاهلة أسهل في الانقياد من الأمة المتعلمة".. في ذات الوقت التي كانت بعثة اليابان ذاتها قد وصلت لليابان لتبدأ مشوار نقل العلم واليابان لما هي عليه اليوم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في