: آخر تحديث

الطموح النووي ونظرية القوة: إيران أنموذجًا

47
39
46
مواضيع ذات صلة

تقوم العلاقات الدولية بين الفواعل الدولية وخصوصا الدول وهى الفاعل الرئيس على مبدأ القوة. وتعرف السياسه بفن توظيف القوة في العلاقات الدولية بمعنى القدرة في التأثير على سلوك الفاعلين الآخرين بإستخدام القوة وخصوصا القوة العسكرية والإقتصاديه، واليوم تضاف القوة الناعمه بكل صورها بما يتفق والإستجابه لمصالح الدولة التي تمارس القوة. والقوة ليست علاقه أحادية الإتجاه بل تفاعليه وتسير في كل إتجاه. القاعده العامه كل الفواعل تمارس القوة. وكل دوله تسعى لزيادة وحماية مصالحها بتفعيل عناصر قوتها العسكرية وألإقتصاديه وذلك لدعم نفوذها في السياسة الدولية. هذا وتؤكد نظرية القوة او الواقعية على دور القوة، وإعتماد الدول على قوتها الذاتيه لضمان مصالحها في البقاء والأمن. وتستنند على فرضيه أساسيه أن السلوك القومى للدولة يكون مدفوعا بالمصالح القومية العليا ولوجاءت على حساب الإهتمات الأخلاقيه. وطبقا لمورجنثو احد ابرز انصار هذه النظرية الإنسان يولد ولديه الرغبه الفطريه في القوة، وأنه لا حدود للقوة. المصالح القومية هي القوة الدافعه والمحركة للسلوك السياسى للدولة، ومن المقبول أن كل الدول تسعى للحفاظ على تكاملها القومى وإستقلالها السياسى هذه مصالح مشتركه، لكن قد تتفاوت الدول حسب طموحاتها في توسيع مناطق نفوذها وتضخيم مصالحها حتى لو على حساب الدول الأخرى. والقوة القومية تتحدد في القوة الصلبة العسكرية والإقتصادية والدبلوماسية والناعمة وتتصدرها منظومة القيم والنموذج الذى تمثله، وكل ما يتعلق بالمكونات الثقافيه. وفى العلاقات الدوليه تسعى الدول لتحقيق المزيد من المصالح، بعض الدول قد تعمل على نشر نموذجها السياسى أو الاقتصادي، إيران مثالا وأنموذجا، الولايات المتحده والنموذج الليبرالى. والسياسه لا تعدو أن تكون مباراة إكتساب مزيد من القوة. وهذا قد يفسر لنا لماذا تذهب الدول بعيدا في إمتلاك كل أشكال القوة وفى أقصاها القوة النوويه التي توفر للدولة إعترافا بدورها ومكانتها العالمية والإقليمية وضمان الحفاظ على بقائها وحماية نظامها. وفى السياق النووي تكون الخطوة الأولى لتلحقها مزيد من تطوير وإمتلاك القنابل النوويه وحاملاتها من الصواريخ لتصل لما تريد. وتعتقد الدول أن القوة النووية تجعل الدولة أكثر قوة وتفرض موقعها على خارطة السياسه العالميه. لكن التنافس الغير مقيد قد يزيد من درجة المخاطر النووية مما قد يتسبب في كارثه كونيه، من هنا القيود التي تفرض على الدول خارج النادى النووي كإيران. ولعل اكثر المناطق التي قد تشهد سباقا نوويا اليوم منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر من المناطق الإستراتيجية التي تسعى الدول الكبرى والإقليميه لفرض نفوذها ومصالحها. وهنا النموذج الإيراني الإسرائيلي ومحاولة إسرائيل والولايات المتحده فرض القيود على إمتلاك إيران للقوة النووية. وطموحات إيران النوويه تعود لزمن الشاه ومحاولته إستعادة حدود الإمبراطوريه الفارسيه لكن العقوبات الإقتصاديه وتراجع القدرات التكنولوجيه الإيرانيه حالت دون أن تكون إيران نوويه. هذا الطموح النووي يتجدد اليوم منذ الثورة الإسلامية عام 1979 والتي أسقطت نظام الشاه لكنها لم تسقط طموحات الإمبراطورية الفارسية واضيف اليها الحفاظ على النظام الإيراني وإحياء مناطق النفوذ الإيراني شرقا وغربا. ورغم العقوبات المفروضه على إيران بسبب زيادة قدرات التخصيب لديها، ورغم توقيعها على الاتفاق النووي الذى إنسحبت منه إدارة الرئيس ترامب والعودة للتفاوض من جديد مع إدارة بايدن فإن إيران لم تسقط طموحها النووي وسعيها أن تكون الدولة النووية العاشرة. والدوافع كثيره التي تقف وراء الطموح الإيراني النووي وفى قمته الإعتبارات والهواجس الأمنيه، فإيران ترى انها دولة مهدده بالجوار من الدول أهمها اإسرائيل وتركيا رغم علاقاتها مع الأخيرة، والتهديد الذى يشكله التواجد الأمريكي في المنطقه وإعتبار إيران على لسان الرئيس بوش محور الإرهاب. وكمال يقال في العلاقات الدولية إمتلاك دولة للقوة النوويه يدفع الأخرى لإمتلاكه إسرائيل والهند والباكستان وهى دول نوويه تحيط بإسرائيل دافع لإيران لإمتلاك هذه القوة التي ترى أيضا أن إمتلاكها يحقق لها السمو ويحمى نظامها، ويجعلها اكثر قوة وإحتراما وهيبة. وتعتقد إيران تاريخيا كانت الدولة الإقليميه الكبيره، وهى تحاول إستعادة هذا الدور، وهنا لا تختلف إيران الشاه عن إيران النظام الحالي في إستعادة هذا الدور الذى يتوافق والرغبه القومية في بناء الإمبراطوريه الإيرانيه في المنطقه. ولإيران القوة النوويه لا تعنى انها يمكن أن تستخدمها بل تعنى القدرة على الردع والضامن القوى في سياق نظرية الواقعية من ضمان امنها وبقائها ومد مجالها الحيوى ومناطق نفوذها شرقا حتى البحر المتوسط. ويبقى هذا الطموح قائما أيا كانت نتيجة المفاوضات التي تجريها مع الولايات المتحده ومجموعة الخمس، ولن تسقط هذه المفاوضات هذا الطموح الذى قطعت فيها إيران خطوات متقدمه وتنظر لنفسها انها قوة نوويه. 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي