: آخر تحديث

داعش تلوّث والكلاب تُنَظّف

53
40
44
مواضيع ذات صلة

مقدمة لابد منها : 
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها ( 60 / 97 ) المؤرخ في 8 كانون الأول 2005، يوم 4 نيسان من كل عام رسمياً اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام.
ودعت الجمعية إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام، للقيام، حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيراً على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.
وتعتبر الإجراءات المتعلقة بالألغام عملاً إنسانياً لإنها تنقذ الأنفس. وتضمن تلك الإجراءات إيجاد الألغام الأرضية وأخطار المواد المنفجرة في المناطق التي مزقتها الحروب ومن ثم تدمير تلك الألغام والمواد، مما يمكن في نهاية المطاف من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لها. وتنسق إدارة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أعمال فرق لتطهير الطرق والمدارج من المواد المنفجرة فضلا عن تدريب السكان المحليين على إزالة الألغام والتخلص من المواد المنفجرة. 

حقول الألغام الارضية في إقليم كوردستان : 
اظهرت إحصائية دولية أن أعداداً كبيرة من الالغام  والمتفجرات غير المنفلقة توجد في المناطق الريفية والجبلية في الإقليم , حيث يقدر عدد الألغام المزروعة باكثر من (عشرة ملايين ) لغم حسب إحصائيات الامم المتحدة . وبالرغم من ان مؤسسة الألغام في الإقليم والتي تاسست في عام 2005 من اجل العمل على  إزالة ملايين الالغام المزروعة من قبل النظام البعثي الفاشي ووحوش داعش , لاتزال تعاني من وجود الالاف من الحقول الملوثة  والتي تنشر في عموم مناطق الإقليم , وحسب أخر مسح اجرته المؤسسة تبين وجود ( 2039 ) حقل الغام في إقليم كوردستان بينها حقول تغطي مساحة الفي متر مربع! 
ومن الجدير بالذكر ان اهم المشاكل التي تواجه عمل المنظمات الدولية المختصة برفع الألغام في الإقليم هي عدم وجود خرائط لتلك الحقول ومن المتوقع بان النظام البعثي الفاشي ووريثه الشرعي (داعش ) قد اتلفا عمداً جميع الخرائط لتبقى تلك المناطق شبحاً يطارد كل من يقدم اليها . ويقدر المختصون في شؤون رفع الالغام بان مشروع تطهير الحقول من الالغام يحتاج إلى اكثر من مئة عام . 

إقليم كوردستان اكبر حقل الغام  في الشرق الاوسط : 
تفيد تقاريرالمنظمات الدولية المتواجدة في اقليم كوردستان و المختصة بازالة الالغام , بان 20٪ من الالغام المزروعة في العالم موجودة في إقليم كوردستان . وتعتبر لغم (P.M.N ) من اخطر انواع الالغام المزروعة في كوردستان والتي كانت تصنع في هيئة التصنيع العسكري العراقي الصدامي وباشراف من ( الفريق الركن حسين كامل حسن المجيد وزير الصناعة و المسؤول عن التصنيع العسكري ) انذاك . 
وحسب التقاريرالدولية هناك ما يقدر بنحو خمسة ملايين لغم أرضي على طول الحدود العراقية- التركية، عدا تلك الموجودة على الحدود الإيرانية - العراقية الناتجة من الحرب العراقية الإيرانية  (1980-1988) ولم تنزع , إضافة إلى مخلفات داعش بعد احتلال المدن والمناطق العراقية عام 2014. 
وبعد سقوط الصنم في 2003 اصبحت الدولة الداعشية امتداد لدولة العصابات التكريتية  
فكلاهما يؤمنان بقتل وإبادة الناس . وعلى غرار النظام البعثي الفاشي زرعت الدولة الوحشية الداعشية جميع المناطق التي انسحبت منها بالالغام العشوائية والعبوات الناسفة , واصبحت تلك المناطق ومنها المناطق الايزيديين ملوثة بالألغام,وعليه تضاعفت تلك المشكلة  جراء تحوّل الأحياء السكنية والبيوت والأراضي الزراعية ومساحات الرعي والمدارس والمستشفيات والجسور إلى حقول الموت . 
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 80 في المائة من المصابين بالألغام عادة هم من الأطفال , وان كلفة إنتاج اللغم المضاد للأفراد تبدأ بـ(ثلاثة دولارات )فقط، لكن كلفة نزعه تصل إلى (ألف دولار)، إضافة إلى الجهد والعمل الشاق والطويل. 

الفرق بين الكلاب والدواعش : 
 الفرق بين الدواعش والكلاب التابعة للمنظمات المعنية بإزالة الألغام كالفرق بين الأرض والسماء، , الاول لوثت المناطق والمدن  قبل انسحابها وهزيمتها في اواخر اب 2017 , لوثتها  بالذخائرالمدفونة مثل قذائف الهاون والقذائف والقنابل اليدوية والالغام (بعثداعشية الصنع ) ، إذ تركت الدولة الوحشية  (داعش) عمدًا هذه المتفجرات في كل مكان (الشوارع ، والجدران، والبساتين، والمنازل والأبنية الحكومية، والأجهزة الكهربائية، وساريات الأعلام، ومحولات الطاقة، وأعمدة الكهرباء، و الأشجار وحتى العاب الاطفال) و التي لا تزال تقتل وتشوه الكثير من سكان المنطقة حتى الآن. وحسب التقارير الدولية والمحلية تصل أرقام العبوات التي زرعها التنظيم والمنازل التي تم تفخيخها في سنجار والمناطق الأخرى في سهل نينوى الى نحو نصف مليون عبوة، تمت معالجة 10% فقط حتى الآن.
اما الكلاب التابعة للمنظمات المعنية بإزالة الألغام والتي تعمل في إقليم كوردستان منذ عام 1992 ومنها منظمة( MAG )*البريطانية غير الحكومية , تقوم بتنظيف وكشف مخلفات الدواعش من الالغام والمتفجرات المختلفة  و المصنوعة محلياً وخاصة بعد ان  سيطرت  وحوش داعش  على مناطق واسعة من العراق وفتحت مصانع محلية لصنع المفخخات والالغام والعبوات في مناطق كثيرة منها مدينة الموصل , بعد ان استولت على حشوات وقذائف الهاون والمدافع والدبابات بعد انهيارالقطعات العسكرية العراقية في حزيران 2014.  
 ومن الجدير بالذكر أن معظم عناصر داعش هم من الضباط السابقين في جهاز المخابرات والحرس الخاص في زمن النظام العراقي البائد ولهم خبرة كبيرة في صناعة وزرع المفخخات .  
لقد استطاعت هذه الكلاب التابعة للمنظمات المعنية بإزالة الألغام خلال سنة واحدة كشف آلاف الألغام في مدينة (سنجار)المنكوبة, كما استطاعت ان تكشف ايضاً على العبوات المخبأة داخل البيوت والمناطق السكنية والمستشفيات والمدارس وألغام مخبأة في الأواني والقدور ولعب الأطفال وتحت انقاض المباني المدمرة  ، فضلاً عن كشف حزام من الألغام يبلغ طوله حوالي نصف كيلومتر.  
تقول بورتيا ستراتون، المديرة الإقليمية لمجموعة ( MAG) : (صنعت داعش ألغاماً أرضية يدوية بكميات كبيرة لزرع الرعب وتهديد أرواح الأبرياء لأجيال قادمة , وقامت  بتفخيخ كل 100 متر بـ40 عبوة ناسفة )!
وتستطرد ستراتون قائلاً : (بسبب مخلفات داعش لم يعد سوى حوالي ربع السكان الأيزيديين إلى سنجار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الدمار طال معظمها ولكن ثمة سبب آخر وهو أن الإرهابيين لغموا المنطقة بعبوات مميتة قبل مغادرتهم إياها ) .
ويرى مراقبون ان تنظيف أراضي العراق من الألغام والمواد المتفجرة غير المنفلقة هي مهمة ستستغرق سنوات عديدة أخرى، ولكن بفضل فريق الكلاب المدربة على كشف مخلفات بعثداعشي سيكون الامر اسهل واسرع بكثير . 
والان هل عرفتم الفرق بين الكلاب ـ  الصّديقة الوفية للإنسان ـ  والدواعش او بالاحرى وحوش بعثداعشي ؟ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* MAG  ( Mines Advisory Group ), منظمة بريطانية مختصة بازالة الالغام ومقرها الرئيسي في مدينة مانشستر,  تأسست المنظمة عام 1990 ولديها مكاتب في  اكثر من 35 دولة, وبدأت عام 1992 جهودها لمكافحة الالغام في إقليم كوردستان  وفتحت فروعاً في محافظات دهوك واربيل والسليمانية ولها فرق عمل في كركوك والموصل. تمكنت المجموعة الاستشارية للألغام، هذا العام 2021 ، من نزع 1200 لغم من أصل 6750 لغم يعتقد أنها لا تزال مدفونة في سنجار.  تعمل الان في المنظمة المذكورة 24 امرأة أيزيدية في مجال ازالة الالغام . تقول المنظمة بان العراق اكثر البلدان تلوثاً بالألغام الارضية عالمياً ويرجع ذلك جزئيًا إلى الألغام التي زرعتها عصابات داعش الارهابية للدفاع عن الأراضي التي كانت تحتلها في العراق , وان  مساحة الاراضي الملوثة بالألغام في العراق أكبر من مدينة لندن . 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في