: آخر تحديث

دفاعا عن المملكة السعودية ودورها الاقليمي

60
67
68
مواضيع ذات صلة

عندما نقارن بين الدور الاقليمي للمملكة السعودية وايران منذ سقوط الشاه واستيلاء نظام الملالي على طهران، نجد ان الاول كان دائما مرافقا للسلام والبناء والاستقرار والمبادرات الاقليمية السياسية الايجابية، بينما الثاني تحول منذ تغيير نظامها الى منبع للصراعات والتوترات والازمات الامنية والمشاكل المذهبية الدينية، ومن خلال النظام الجديد في طهران تعرضت المنطقة الى مخاطر واندلعت فيها حروب كبيرة، وانطلقت منها انفجارات بركانية مذهبية خطيرة، ودخلت في توترات ونزاعات واضطرابات دامية، وفرضت عليها صراعات لا بداية لها ولا نهاية، وكل ذلك بسبب زرع نظام مذهبي باسم الثورة الاسلامية  في المنطقة، وليس بخافي ان النظام قام بتصدير ثورته المزعومة الى دول وشعوب منطقة الشرق والاوسط وشمال افريقيا، ليغرس فيها الاضطرابات والعنف الدموي من اجل تحقيق اهدافه التوسعية وفرض دوره ونفوذه ومصالحه في مناطق عديدة، وتمكن من تحقيق ذلك بواسطة مد وزرع اذرع ومجموعات مسلحة له في مناطق كثيرة باسم الدعوة الى التشيع الاسلامي الايراني وحماية اهل الشيعة، ويظن ان ذلك يتم تحقيقه بدعم من مخابرات دول عالمية لضرب الشعوب المسلمة من السنة واهل الجماعة.
ويبدو من خلال قراءة الاحداث التي سبقت التفجير الارهابي للبرجين التجاريين العالميين في نيويورك، وتحليل المواقف فيما قبل الانفجار وفي ما بعده، ان مراكز القرار السياسي ومخابرات العواصم الغربية وخاصة الولايات المتحدة قد اطلقت الحرية لايران لكي تلعب دورا اقليميا كبيرا لايذاء اهل السنة من المسلمين من دول وشعوب وعلى رأسهم المملكة السعودية والعراق والخليج، وبالمقابل فان تلك الدول الغربية ومخابراتها رسمت بيئة وعالما من العنف الدائم والازمات المضطربة الامنية والعسكرية والاقتصادية في الدول المحيطة بتلك الدول، وصارت المملكة والعراق هدفان مرصودان لالحاق الضرر الاستراتيجي بهما على المدى الطويل، وازالة نظام صدام حسين وتدمير قوته العسكرية والاقتصادية من قبل واشنطن، كان اول سقوط للجدران الوقائي المحيط بالمملكة السعودية والخليج، وكان اول ايذان بفتح باب الملعب الاقليمي لايران لكي يلعب نظامها كيفما يشاء، ويضرب ويضر من يشاء من شعوب ودول المنطقة وعلى رأسها الشعبين العراقي والسعودي.
وما يجري في المنطقة من صراعات ولعب اقليمية خبيثة وحروب عرقية ومذهبية ونفطية في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين والسودان وليبيا وغيرها من خلال حركات ومنظمات ومجموعات سياسية ومسلحة تابعة لطهران وانقرة ودول اجنبية، فان الهدف الحقيقي والمباشر من كل هذه اللعب العسكرية والاقتصادية والمخابراتية القاتلة، هو ضرب المملكة السعودية بكيانها وقوتها الاقتصادية والنفطية والدينية، والهدف الاول الذي تزعم به ايران وبعض الانظمة والحركات الثورية المزيفة ليس اسرائيل ولا امريكا قاطبة انما هو السعودية، والهدف الثاني هو القضاء التام على منظومة الانظمة السنية التي حكمت العالم العربي بعد الحرب العالمية الاولى والتي ادارت الدولة بمنظومة ادارية مدنية شبه حديثة وعادلة جزئيا ونزيهة من الناحية الاخلاقية، والتي اتسمت بالبعد عن الفساد والاضطرابات والازمات.
بينما نجد ان ما يحصل اليوم من اضطراب عام في شعوب ودول المنطقة، وما يحصل من انحدار للقيم الاجتماعية والاخلاقية والدينية، وما يحصل من انهيارات لبعض الدول والانظمة التي بنيت على اسس الدولة المدنية الحديثة، وما يحصل من استنزاف وهروب عملاق لثروات وموارد وممتلكات الشعوب، هو دمار وخراب بالمفهوم الانساني العام، وهذه المظاهر الهدامة باتت امرا مجبرا بحكم الامر الواقع وباتت مفروضا بحكم السياسات المحلية والاقليمية والدولية في المنطقة، ولا سبيل للخروج منها لان الازمات المختلقة بفعلها وـاثيرها كبيرة جدا ومتشعبة جدا لا يمكن حصرها لايجاد حلول لها.
وبفعل هذه التأثيرات الهدامة المتتالية عبر عقود وسنوات، يبدو ان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا قد تم ازالة نظام الحكم السني منه بقرار من مجموعة عالمية تلعب دورها من وراء الستار بزعامة الولايات المتحدة لرسم سياسات النظام العالمي، وبالمقابل تم تسليم المنطقة الى نظام الحكم الشيعي الايراني بزعامة نظام طهران، وذلك من خلال فرض سياسات الحكم الايراني على كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، والاحداث تؤكد مازال الحبل على الجرار لالحاق دول اخرى الى هذه المنظومة الحكمية الجديدة التي يبدو انها مقبولة من قبل النظام العالمي، ويبدو انها قادرة على تقديم خدماتها باخلاص الى المجموعة العالمية المتحكمة بادارة النظام العالمي.
لذلك فان الضرورات السياسية والاستراتيجية والانسانية والاخلاقية النابعة من حاجة شعوب ودول المنطقة وحاجتهم الحياتية لاسباب العيش والسلام والاستقرار والبناء، تستدعي حماية المملكة السعودية بشعبها الاصيل وقيادتها من الحروب والمعارك والاضطرابات التي ترمى بها على حدودها وعلى المناطق المجاورة لها، والحفاظ على وجودها وحضورها وقوتها واقتصادها، وفسح المجال وفتح كل الابواب امامها للقيام بالدور القيادي الاقليمي لسلامة وحماية شعوب ودول المنطقة، وتوفير اسباب النجاح لمبادراتها السلمية والتنموية لوقف الحروب، ومثلما المملكة هي خيمة ابوية لشعوب ودول الخليج فحري بها ان تكون خيمة قيادية لكل شعوب ودول المنطقة.
ومن هذا المنطلق، فان الخطوات الحقيقية العملية المطلوبة لتحقيق القيادة الاقليمية والرعاية الابوية من قبل المملكة السعودية لشعوب ودول المنطقة، هي ما يلي:
(1): الرعاية الابوية للعملية السياسية في العراق، والعمل على ابعاد مسارها عن التمذهب الشيعي الايراني والتسنن الاخواني التركي، وحعلها نافعة للعراقيين عامة بعقلانية ووطنية، وصالحة لكل شعوب المنطقة.
(2): العمل على انضمام العراق الى مجلس التعاون الخليجي، وتسهيل الاجراءات اللازمة لها بخطوات عملية، وذلك لتحقيق التوازن الاستراتيجي الاقليمي المفقود في المنطقة، وتكملة البناء الحيوي المتكامل والموحد للكتلة الاقتصادية والنفطية والعسكرية والامنية الخليجية والعراقية.
(3): اطلاق مبادرات سعودية وخليجية لبناء واقامة تحالفات ومشاريع وبرامج عسكرية واقتصادية وتجارية وتنموية تعاونية مشتركة بين العراق والمملكة وبين العراق ودول الخليج.
بالختام، نأمل ان تكون هذه الدعوة بادرة خير وجهد متواضع لخدمة العلاقات بين المملكة السعودية والعراق وخاصة بين شعبيهما الكريمين، وكل ما هو آت انشاءلله من النافعات، والله من وراء القصد.

 كاتب صحفي
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في