بينما كنت تحت حصار جيوش "كورونا" وفي الإقامة الإرادية في منزلي بعد نحو أسبوع تناولت كتاب: "الوطن الممنوع..في ذاكرة فاروق القدومي (أبو اللطف)" وأتممت قراءته في نهار واحد وحقيقةً أنّه تضمن بعض المعلومات المهمة لكنني وجدت أن فيه مبالغة زائدة في مدح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي هناك الآن خلاف في مصر حتى بين من يعتبرون أنفسهم ناصريّين وهنا فإنّ ما يجب أن يقال هو أن الرئيس المصري قد لعب أدواراً رئيسية كثيرة من بينها تأميم قناة السويس ومواجهة العدوان الثلاثي أي عدوان بريطانيا وفرنسا ودولة العدو الصهيوني حيث وقف العرب كلهم إلى جانب أرض الكنانة في تلك المواجهة التاريخية التي كانت مواجهة عربية ضد المعتدين وبكل معنى الكلمة.
لكنني قد وجدت أن الأخ (أبواللطف) قد بالغ كثيراً في مدح عبدالناصر وأنه أظهره بدون أي أخطاء وهذا مع أن بعض من كانوا يعتبرون أنفسهم ناصريين قد إعترفوا بأنه كان وقع في أخطاء كثيرة تقضي الأمانة التاريخية ليس فقط الإشارة إليها وإنما الحديث عنها بكل صراحة وصدق، وحقيقة أنّ هذا جاء وورد وبكل وضوح في كتب لكبار السياسيين والمفكرين المصريين.
إنّ الأمانة التاريخية تقضي بإيضاح أن عبدالناصر، رحمه الله، قد إرتكب ثلاثة أخطاء لا تبرّر على الإطلاق وأنّ حتى بعض اللذين يعتبرون أنفسهم على أنهم ناصريين قد إعترفوا بها وأصدروا عنها كتباً كثيرة وهنا تجدر الإشارة إلى ثلاثة منها هي:
أولاً: تدخله العسكري غير المبرر إطلاقاً في حرب اليمن في عام 1962 تلك الحرب التي إستنزفت مصر والجيش المصري الذي كان قد تم سحبه بعد خمسة أعوام وحيث أقحم فوراً وهو في حاله مزرية في حرب عام 1967 التي كانت بمثابة كارثة لمصر والشعب الفلسطيني والعرب كلهم حيث أحتل الإسرائيليون الضفة الغربية كلها حتى نهر الأردن وهضبة الجولان حتى مشارف دمشق وسيناء حتى قناة السويس.
ثانيا: وعن هذه الحرب أي حرب عام 1967، التي كانت كارثة الكوارث منذ ذلك الحين وحتى الآن حيث الضفة الغربية لا تزال فعلياً محتلة وكذلك هضبة الجولان التي تم ضمها إلى إسرائيل، فإنّ ما بات معروفاً هو أنّ الأردن كان قد أقحم بها مرغماً وأن وصفي التل كان قد عارض الإشتراك فيها وأنّ الملك حسين قد ردّ عليه عندما حذر من "أننا" سنخسر الضفة الغربية إذ "شاركنا" بالقول: إننا سنخسر الضفتين الغربية والشرقية إذا لم نشارك.
أمّا "ثالثاً": فهو أن عبدالناصر كان ورداًّ على حلف بغداد الشهير الذي كان أبرم عام 1955 قد أستدرج سوريا في 1958 إلى وحدة لا هي مدروسة ولا هي متوازنة وكانت النتيجة إنفصالاً عام 1961 الذي أدّى إلى حكم حزب البعث عام 1963 ثم إلى إنقلاب حافظ الأسد عام 1970 ثم إلى ما هو عليه الوضع الآن.