: آخر تحديث

جيل كيبال والربيع العربي والإرهاب

76
66
73
مواضيع ذات صلة

في بداية ما سمي بالربيع العربي "، أصدر المستشرق الفرنسي جيل كيبال عن دار" غاليمار "المرموقة كتابا حمل عنوان:" عشق عربي -يوميات 2011-2013 "، واصفا فيه خواطره وتعليقاته عن ما أصبح يسمى ب" الربيع العربي "من خلال ما كان يسمع  ويرى، طارحا الأسئلة، ومجيبا على أخرى، متجولا في الأسواق وفي الأحياء الشعبية، متحدثا إلى الطلبة والجامعيين وزعماء الأحزاب وبسطاء الناس. وهو الذي عودنا منذ الثمانينات من القرن الماضي ببحوث صارمة عن أوضاع الإسلام السياسي، وعن الجماعات الإسلامية سواء في أوروبا، أو في البلدان  العربيّة ، أراد أن يغيّر  يكون صحافيا، وباحثا في نفس الوقت.
 وقد اشتهر جيل كيبال كمستشرق تعلم اللغة العربية في جامعة دمشق في السبعينات من القرن الماضي بكتب وببحوث ميدانية وعلمية تكشف الظروف الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي أتاحت للحركات الأصولية التغلغل في المجتمعات العربية.وعند اندلاع الثورات في البعض من البلدان العربية، شرع جيل كيبال يتنقل بين تونس،  والقاهرة، ودمشق، وطرابلس، والبحرين.كما أنه تردد على الدوحة أكثر من مرة للتثبت من تورطها في إذكاء الثورات من خلال قناة "الجزيرة" .وما نستنتجه من قراءتنا لكتاب "عشق عربي" هو أن جيل كيبال أدرك منذ البداية العثرات، والإنحرافات التي  سوف لن تلبث الثورات العربية ان تتعرض لها، لتحولها عن مسارها الذي قامت من أجله، وتهديها بكامل اليسر والسهولة إلى الحركات الإسلامية لتصبح وسيلتها الأساسية في الوصول إلى السلطة عن طريق صناديق الإقتراع.
 ويتحدث جيل كيبال في كتابه عن الصراع الواضح والخفي بين السنة والشيعة، وعن المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تنجم عن ذلك لغرق منطقة الشرق الأوسط في حروب جديدة قد تكون أشد دمارا من الحروب السابقة.ولا يغفل جيل كيبال عن دراسة ظاهرة الصعود السريع والمدوي لما يسمون ب  "السّلفيّين" في أكثر من تونس ، ومصر.  وهو يصف لنا اجتماعًا شعبيًا.  وقد انتظم الإجتماع في مدينة الأقصر على بعد بضعة مئات من الأمتار من المعبد الفرعوني الذي فيه قتل ستين من السياح الأجانب عام 1997.
 وقد تمكن جيل كيبال خلال الثلاثة عقود الأخيرة من إنتاج مستشرقين شبانا ومن مساعدتهم على إنجاز أعمالهم.وطلبته متوزعون اليوم على مجالات متعددة.فهم يعملون في مجال البحث، وفي الديبلوماسية، وفي وزارة الداخلية، والإستعلامات، وفي حلقات التفكيروالمالية، وفي الصحافة.  كل هذا؟
 وفي مطلع عام 2016 أصدر جيل كيبال المتخصص عن نفس الدار كتابا جديدا طرح فيه منظوره الخاص عن العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا، متطرقا إلى الأسباب التي جعلتها البلد الأكثر تضررا من الإرهاب الأصولي.وفي هذا الكتاب، يشير جيل كيبال إلى أن هناك حوالي ألف فرنسي التحقوا خلال السنوات  القليلة الماضية بالمنظمات الأصولية الأشد تطرفا في منطقة الشرق الأوسط، مرتكبين جرائم فظيعة خصوصا في سوريا .كما يشير جيل كيبال إلى أن التطرف الأصولي ظهر في فرنسا في الثمانينات من القرن الماضي، وراح يتوسع ليجذب شبانا من الجيل الثاني من المهاجرين الجزائريين بالخصوص.  في التسعينات ، أي في الفترة التي حدثت فيها.  ويرى جيل كيبال أن سنة 2005 كانت مهمة جدا في تاريخ الحركات الأصولية الجهداية المعادية للغرب.  فيها نشر أبو مصعب السوري بيانا ب 1600 صفحة دعا فيه إلى ما سمّاه ب "المقاومة الإسلامية العالمية".  وقد انتقد هذا المهندس الذي درس في فرنسا، وتزوج من إسبانية الهجوم على مركز التجارة العالمية في نيويورك، داعيا إلى ضرورة إعداد إستراتيجية جهادية جديدة تقوم على ضرب مصالح الدول الأوروبية التي تعيش فيها أعداد وفيرة من المهاجرين المسلمين، ومؤكدا أن ذلك قد يفضي إلى إندلاع حروب  أهلية في هذه البلدان.  وما أن إنتهى العقد الأول من الألفية الجديدة، حتى كانت السلفية الجهادية قد تحولت إلى ظاهرة خظيرة بسب استقطابها للشبان المنتمين إلى أوساط المهاجرين المسلمين.ويعود ذلك إلى تدفق العديد من الدعاة المتطرفين الذين انطلقوا من داخل المساجد الموجودة في العواصم والمدن الأوروبية الكبيرة يدعون إلى الجهاد،  و العنف من "أجل نصرة الإسلام" ، ونشره في أوروبا ، وفي العالم.  ومع انتشار وسائل التواصل التكنولوجية الجديدة في مجال المعلومات، أصبحت فتاوي هؤلاء الدعاة تلقى صدى هائلا لدى فئات واسعة من المهاجرين المسلمين القادمين من بلدان المغرب العربي، ومن بلدان عربية أخرى.  وقد حاول البعض من المثقفين العرب الذين يعيشون في الهجرة التصدي للتطرف الذي أصبح يسم الخطاب الديني، ويدعو إلى رفض الآخر، المتمثل في الغرب، غير أنهم منيوا بفشل ذريع .ويعود ذلك إلى أن خطابهم ظل منحصرا في حلقات ضيقة .وهذا هو حال مفكرين من أمثال  الراحلين محمد أركون ، وعبد الوهاب المدب...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.