: آخر تحديث

إرادة الشعوب في احداث التغيير بطرق سلمية

133
125
119
مواضيع ذات صلة

حب السلطة والبقاء في الحكم ليس قاصرا على بلد دون أخر أو على شعوب دون غيرها بل هو طبيعة بشرية مثل حب التملك والسيطرة، لذلك اتفق الفلاسفة والحكماء منذ الثورة الفرنسية في عام 1789م على تحديد مدة البقاء في الحكم وأصرت عليها الشعوب المتقدمة، ولا زالت شعوب العالم الثالث تكافح من اجل تطبيقها كفاحا مريرا، لأن الحكام في هذه البلدان عندما يشعرون بخطرإقصائهم عن كرسي الحكم تشتد شراستهم من أجل البقاء، فيكثرون من الحراس ويملؤون السجون بالمعارضين من اجل بقائهم في السلطة.

تغيير نظام الحكم له طريقان، الطريق الأولى الثورة الشعبية على الحكام وهو طريق محفوف بالمخاطر ويحتاج الى الكثير من التضحيات، وقد يعرض البلد للفوضى حيث يتعرض فيه الناس والبلد والأموال والممتلكات للضياع والتلف. والطريق الثاني هو التغيير السلمي وهو طريق سهل تسلكه الشعوب المتحضرة والواعية بهذا التغيير كلما وجدت نفسها في حاجة إليه وأسلوبه هو الانتخابات الحرة التي يعبر فيها الناس عن رغبتهم في التغيير. الشعوب عادة لا تلجأ إلى الطريق الأول إلا إذا فقدت الأمل في إحداث التغيير بطريقة سلمية.

التغيير السياسي الحقيقي لا ينجز إلا من خلال قوة سياسية مجتمعية، وهذه القوة تتمثل اليوم في إرادة الشعوب التي لا تقهر، والشعوب - بالمعنى العام - لا تستطيع أن تذهب إلى أفق التغيير إلا بوجود قيادة منبثقة منها. هذه القيادة بالتحامها مع إرادة الأمة لا بد ان تملك القدرة على انتزاع وصنع وسائل الذهاب إلى تحقيق أهداف ومقاصد الانتفاضة السلمية.   

وكي لا يبقي هدف التغيير السلمي غير واضح المعالم،فلا بد أن تتوافر فيه الشروط التالية: الأول، التأسيس لحياة ديمقراطية دستورية تتجاوز حكم الفرد الواحد. والثاني، تطوير الجهاز الحكومي وسائر الإدارات بما يتلاءم ومنطق دولة القانون والمؤسسات، وتطهيره منالفاشلين والفاسدين، فالديمقراطية وسيلة غايتها إنشاء الحكومة الرشيدة، وما أكثر الديمقراطيات في دول العالم الثالث التي انهارت على أيدي حكومات فاسدة ومتسلطةمنذ منتصف القرن الماضي. والثالث، أن يكون في مقدمة واجبات الحكومة الرشيدة السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين، عبر تضييق الفجوة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع لتفادي تفجير الصراعات الأهلية والنزعات المتطرفة، وانقسام الوطن بين من يملكون ومن لا يملكون. والرابع، التشريع لمؤسسات مجتمع مدني حرة وقادرة على تجاوز العصبيات التقليدية من تكوينات اثنية وقبلية وطائفية وعشائرية، في إطار من الفكر المنفتح والحوار الجاد.

يبدو ان الشعبين في الجزائر والسودان استوعبا الدرس من موجة الربيع العربي الأولى، وهما – حتى الآن –يبدوان مصران على التظاهر والاعتصام السلميين حتى تحقيق مطالبهما بالكامل، وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين لاختطاف ثورتيهما. اقناع قادة الجيش في كل من الجزائر والسودان بالتخلي عن الحكم وتسليمه لمن يختاره الشعب من المدنيين عبر انتخابات حرة ونزيهة ما يزال تحديا مهما في طريق تكريس نظام حكم مدني ديمقراطي أكثر استجابة لاحتياجات ومتطلبات الشعوب.لا بد من دعم وتمكين قوى المجتمع المدني في كلا البلدينلتشكيل قوة تكبح جماح القوى العسكرية والأمنية، وفي حال استقرت تجربتهما، وتم تحجيم حكم العسكر وتدخله في الشؤون السياسة، فسيفتح المجال لمسار التغيير أن يستمر وينتشر في باقي البلدان العربية آجلا ام عاجلا.الجيوش في الدول الديمقراطية مهمتها الرئيسية حماية الوطن من أي اعتداء خارجي، وتأخذ الأوامر من رئيس الدولة، ولا يحق لها التدخل في الشؤون السياسية. 

"الأكثر صعوبة في مراحل تاريخ الثورات هي المرحلة الانتقالية. بعد عقود من حكم الفرد وغياب المؤسسات، لا بديل عن توافق الجميع على حكومة وحدة وطنية تأخذ الوقت الكافي لصياغة عقد اجتماعي جديد وبناء مؤسسات المجتمع المدني. إن إدارة المرحلة الحالية بعقلانية هي الضامن لمنع اختطاف الثورة والعودة إلى الوراء. (الدكتور محمد البرادعي).

التغيير سنة الحياة، ومن يقصرون نظرهم على الماضي او الحاضر سوف يخسرون المستقبل. (جون كنيدي).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في