: آخر تحديث

بين حزب الله وإسكوبار الشامي على الكولومبي

86
80
73
مواضيع ذات صلة

"أليس قيام حزب الله الإرهابي بحفر الأنفاق عبر حدود لبنان هو تهديد صريح لاستقرار لبنان وهو شريك الحكم فيه؟ من يتحمل المسؤولية حين تأخذ الدول المجاورة على عاتقها مهمة التخلص من هذا الخطر الذي يهددها؟"

بهذه التغريدة قبل أيام قليلة على حسابه بموقع التدوينات المصغرة (تويتر)، أقام وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، هذا العالم الافتراضي ولم يقعده، عبر طرحه لتساؤلات واقعية ومنطقية وجريئة، يتحاشى من هو واقع تحت سلطة خوف "حزب الله" في لبنان وخارجه من الهمس بها، ويفضل تجاهلها مريدو هذا الحزب والاستمرار في عيش وهم أن حزب الله هو "سيد المقاومة"، وأن "حزب الله" هو لبنان، ولبنان هو "حزب الله" (لاحظ بأنني أكرر حصر اسم "حزب الله" بين علامتي تنصيص، وذلك بقصد السخرية، لكون الاسم ولبنان أكبر منه!). والحقيقة تقال بأن الوزير ممن إذا غرّد أسمع، وكوني أحد متابعيه فقد أسمعني تغريده، وكان هذا ردي حرفياً على تغريدته:

"الذي يتحمل المسؤولية وحده هو لبنان ممثلاً برئيسه والحكومة، والحل وحده في إقصاء هذا الحزب من المشهد السياسي اللبناني بكل حزم.. هذا ما فعلته كولومبيا ب "بابلو إسكوبار" الذي كان يظن بأنه لا يقهر، وبعدها نهضت – ونظفت! – كولومبيا. من يقارب بموضوعية بين حزب الله وإسكوبار سيفهم مثالي هنا!"

فأنهالت علي الردود (خاصة بعد إعادة تغريد الوزير لتغريدتي) ولم تتوقف، وأكثرها استنكرت مقاربتي هذه، وأغلبها جاءت عبر اسماء حسابات في تويتر كمثل "جيش الحزب الالكتروني" و "أبطال المقاومة" وغيرهم من مريدي "حزب الله"، وليت الاستنكار كان بقصد دفع الحجة بالحجة مع التأدب في الطرح، ولكنها كانت استنكارات فجة من على مثل "إن لم تكن معي فأنت ضدي!"، مشحونة بالطائفية والسباب والبذاءات التي عندها ترفعت عن قاعٍ ازدحم بأصحابها.. فإليكم بالتفصيل ما الذي جمع الشامي على الكولومبي، ولو أن تغريدتي المذكورة ذات ال280 حرفاً فيها الكفاية "لمن كان لهقلب او ألقى السمع" عند التغريد !

- بين حزب الله وإسكوبار.. الشامي على الكولومبي!

في عام2016، كشفت السلطات الأمريكية التي أوقعت بشبكة حزب الله لتهريب الأموال المتأتية من تجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية، تفاصيل جديدة عن تورط الشبكة مباشرة مع ورثة أكبر مهرب وزعيم لكارتل إجرامي في كولومبيا بابلو إسكوبار، وبدأت التحقيقات، التي أفضت إلى تفكيك شبكة ورجال حزب الله الذين يتولون الإشراف على تأمين الأرباح المتأتية من هذه التجارة، لتحويلها إلى سوريا لدفع رواتب المقاتلين والمرتزقة الذين يقاتلون فيها إلى جانب قوات الحزب والنظام السوري.
وكشفت السلطات الأمريكية أن شبكة حزب الله، كانت تعتمد طريقة سهلة وناجعة لضمان استمرار أعمالها، بتهريب أدوية ومخدرات من أوروبا إلى الشرق الأوسط، وفي المقابل كانت الخلية تدفع لمهربي المخدرات المقابل عن طريق "الحوالة" أي عبر وسطاء موثوقين في أكثر من بلد، وصولاً إلى كولومبيا، لتضليل أي محاولة لتتبع أثر حركة الأموال.
ومن جهته يعمد حزب الله، إلى تبييض الأموال التي يحصل عليها، مستعملاُ طريقة مشابهةً لنظام الحوالة "البيزو الأسود" الطريقة الرائجة في أمريكا اللاتينية في المعاملات بين شبكات الجريمة المنظمة، منذ اختراعها على يد بابلو اسكوبار الكولومبي، الذي أفلت بفضلها من المتابعات القضائية ومن الجواسيس الأمريكيين أكثر من عقدٍ كامل من الزمن.
وفي أمريكا اللاتينية، كانت شبكة الحزب بحسب السلطات الأمريكية تقوم أساساً على متطوعين ومؤيدين لبنانيين، أو من أصول لبنانية تماماً مثل ما هو عليه في أفريقيا الغربية، بفضل الانتشار الكبير لللبنانيين في المنطقتين بسبب الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان منذ منتصف السبعينات وحتى بداية التسعينات من القرن الماضي.
وعلى صعيد آخر، نجحت خلايا حزب الله في أمريكا اللاتينية في التواصل مع بقايا كارتل بابلو اسكوبار، الذي يُعرف اليوم بكارتل "لا أوفيثينا دي انفيغادو" الذي استعاد جانباً هاماً من أنشطة إسكوبار وشبكاته السابقة، وورث علاقاته الواسعة في القارة الأمريكية وفي غيرها من دول العالم.
وقد كشفت قناة سي ان ان في تقريرٍ لها، أن التدفقات المالية الكثيفة التي وصلت البحرين في بداية عام 2015، فتحت المجال أمام المحققين لوضع اليد على الشبكة المالية السرية، بعد التحقيقات التي أجرتها السلطات البحرينية، واتهامها الصريح حزب الله بتمويل خلايا وشبكات لتنفيذ عمليات إرهابية على أرضها، استناداً إلى حقائق ووثائق، وجدت طريقها على ما يبدو إلى الدول المشاركة في مشروع كاسندرا (مشروع استخباراتي أمريكي – أوروبي سري لمطاردة شبكة حزب الله الخارجية وكشف تعاملاته المالية المشبوهة).

وكشفت قناة سي ان ان، أن التحقيقات البحرينية، ربطت بين المشروع الإرهابي وقتها وبين حركة كثيفة في الاتجاهين بين البحرين وكولومبيا، مروراً بلبنان.

وأوضحت القناة الأمريكية، أن المحققين انتبهوا عند التركيز على لبنان، إلى الدور المحوري الذي لعبه البنك اللبناني الكندي، الذي تورط في فضائح مالية وقضايا فساد، ما سمح بمتابعته عن كثب وهو البنك الذي ربطته السلطات الأمريكية منذ سنوات بعمليات مالية غير شرعية أجراها البنك لصالح حزب الله، لتتضح تفاصيل الشبكة اللبنانية الكولومبية، وتفاصيل تبادل المصالح بين الحزب من جهة وكارتيل المخدرات الكولومبي وطريقة تبادل الأموال وتبييضها.

هذا ما جمع الشامي على الكولومبي بالتفصيل "تؤبرني".. مع مشترك آخر، وهو في كون إسكوبار نجح في الفوز بعضوية البرلمان الكولومبي، وكذلك نجح أعضاء من حزب الله في الفوز بعضوية البرلمان اللبناني بل وأن يصبحوا وزراء أيضاً!، مع فارق أن إسكوبار أجبر على الاستقالة من البرلمان بعد عامين من قبل وزير العدل الكولومبي، أما حزب الله فما زال يعشعش في البرلمان اللبناني والحياة السياسية ككل هناك، بل ويترافع عن جرائم أعضائه "وزير عدل لبناني سابق"!

وختاماً، بينما يشتط غضب "ثوار الكيبورد" و "ذباب الحزب الالكتروني"، في العوالم الافتراضية،  يناقش على أرض الواقع اليوم مجلس الأمن الدولي بصورة طارئة بعد طلبٍ تقدمت به كلاً من أمريكا وإسرائيل للمجلس، "أنفاق حزب الله" على أنها انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، بعد أن أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، أن أنفاق حزب الله تشكل انتهاكاً صارخا للقرار الذي بناء عليه توقفت حرب عام 2006.وأسئلة هنا تضاف إلى "أسئلة الوزير".. ماذا لو قرر مجلس الأمن إعطاء إسرائيل وأمريكا الضوء الأخضر لشن هجمات عسكرية ضد الحزب؟ فهل سيكون موقع الحزب في "عالم افتراضي" حينها؟ أم في لبنان ؟! وهل "أنفاق حزب الله" تدخل ضمن بنود المبادرة العربية للسلام التي عليها إجماع عربي كان للمفارقة في قمة بيروت؟ وهل وضع لبنان والمنطقة ككل المهلهل ابن تعيسة يتحمل تعاسة حرب جديدة بسبب حزب لم يقدم للبنان والمنطقة سوى الفوضى والتعاسة والعمالة لإيران الذي ينشر تخريبها ويبشر بمشروعها التوسعي في المنطقة بالوكالة؟ وألم يحن الوقت للشعب اللبناني أن "يثور" على "حسن الأول" – وحزبه - الذي يشبه "لويس الرابع عشر" في اعتقاده: "أنا الدولة، والدولة أنا" ؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في