إيلاف من بيروت: ينظر زعيم حزب الله إلى بقايا الشقة التي قُتل فيها صالح العاروري، ويسأل نفسه إن كان يريد أن تبدو شقق بيروت كلها مثل هذه الشقة. في الوقت نفسه، ترى إسرائيل أن قدرتها على الردع تتأكل. قريباً، سيتعين على حزب الله أن يختار بين خيارين أحلاهما مر: السكوت والقول إنه هذه ليست حربنا... أو التصعيد.
يقول الإسرائيلي بين كاسبيت في موقع "والا" العبري إن عملية اغتيال العاروري الدقيقة، المستندة إلى استخبارات عالية الجودة في وقتها الحقيقي، اثارت عاصفة قوية بين أعداء إسرائيل. يضيف: "إن افترضنا أن حسن نصر الله يقدر أن إسرائيل نفذت عملية الاغتيال في قلب ضاحية بيروت، فهو أمام معضلة صعبة. يسأل نفسه إن كان سيتمكن من البقاء حياً من حرب أخرى مع إسرائيل، وإن كان حياة بعض قادة حماس، مهما كانوا كبارا، تستحق تكبد هذه الخسائر".
يتابع كاسبيت: "السؤال الأخير الذي يطرحه نصر الله على نفسه، وربما أيضاً على طهران، هو إن كان من الصواب والحكمة إدخال قواته في المعركة الآن إن قررت إسرائيل مهاجمة إيران".
"نيلي" لتصفية الحسابات
بعد 7 أكتوبر، تم إنشاء خلية نيلي في الشاباك هدفها قتل كل المسؤولين عن الهجوم، أي قادة حماس كلهم، إضافة إلى كل من شارك، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الهجوم على المدنيين الإسرائيليين، وذلك على شاكلة عملية "غضب الله" التي قررتها حكومة غولدا مئير بعد قتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ في عام 1972. قد يستغرق إطاحة قيادة حماس بأكملها بعض الوقت.
يقول كاسبيت في "والا" العبري: "أدى اغتيال العاروري في بيروت، كما كان متوقعًا، إلى تجميد الاتصالات لصفقة أخرى لتبادل الرهائن والأسرى بين إسرائيل وحماس. على المدى المتوسط، لا ينبغي لهذا الإلغاء أن يعيق الاتصالات المستقبلية. ربما حتى على العكس، فكلما فقد يحيى السنوار ثقته بنفسه، بدأ بالتفكير في نهايته الوشيكة، وأصبح أكثر استعداداً لعقد صفقة مع إسرائيل. إنها لعبة عض اصابع تتطلب أعصابًا فولاذية وصبرًا وتحملًا. ومنذ 7 أكتوبر أثبتت إسرائيل أن لديها هذه المقومات".
في الجبهة الشمالية، رفع نصر الله مستوى المواجهة مع إسرائيل ببطء وثبات منذ بداية الأحداث. ولم يتخذ قرارا بالانضمام إلى الحملة، بل اكتفى بتقديم مساعدة محدودة لحماس، رغم أنه يدفع ثمنًا باهظًا (قُتل حوالي 120 من رجاله).
يقول كاسبيت: "الاغتيال في بيروت يتحدى قرار نصر الله في وقت حساس بالنسبة لنا أيضاً: مع الإعلان الأميركي عن عودة حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى أميركا وتقليص وجودها العسكري قبالة سواحل بيروت بشكل كبير، يتراجع الردع الإسرائيلي. مع ذلك، يعرف نصر الله أن الأمر ليس في يده. فإسرائيل مستعدة، ويتم تعبئة الاحتياط في الشمال وإجلاء السكان، ويحتفظ سلاح الجو بمعظم قوته في الشمال. ستصل لعبة نصر الله الدقيقة بين الترهيب والتصعيد إلى مرحلة حاسمة في الأيام المقبلة. فهل تتحول المواجهة مع حماس إلى حرب متعددة المجالات؟ سنعرف ذلك قريبًا.
المصدر: "والا"