مجرد عرض جديد لمجزرة جديدة، يشاهدها العالم . صور الرُّضَّع يموتون في مستشقيات غزة لأن إسرائيل قررت قطع الكهرباء.. العالم يتفرج وينتظر موت آخر طفل فلسطيني.. أكثر من مليونين إنسان محصورون بين توحش جيش الاحتلال الإسرائيلي ـ وخطب قادة حماس التي يلقونها من مكاتبهم الفخمة في عواصم العالم.. بينما سيد البيت الأبيض يتعثر وهو يصعد الطائرة، ويصاب ببلادة مستدامة عندما يُسأل عن ما يجري من مذابح داخل غزة.
بايدن الذي شد الحزام وتوجه إلى إسرائيل ليقدم الدعم إلى حكومة نتنياهو العنصرية هو نفسه بايدن الذي فرح به معظم الساسة العراقيين ووجهوا له برقيات التهنئة، وكانوا يهللون عندما تولى رئاسة أمريكا، متناسين أن بايدن يمثل نظاماً سياسياً يبحث عن مصالحه، وانه قال ذات يوم وهو يشرح رؤيته الرائعة لمشكلة العراق "إن تقسيم العراق إلى ثلاث دول صغيرة سيكون أفضل لبناء الديمقراطية". هذه الديمقراطية نفسها التي تدير وجهها اليوم ولا تريد أن تشاهد الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء غزة وقد تحولوا إلى جثث مكدسة في الشوارع والمستشفيات وتحت الأنقاض، فلا يزال بايدن يراهن على قدرة نتنياهو على تحويل غزة إلى مقبرة كبيرة.
يثرثر الديمقراطيون في أمريكا بحقوق الإنسان والحريات، لكنهم تركوا لنا ويلات وحروب، واستعراضات على الفضائيات، ومجازر تذكرنا بما فعله أدولف هتلر ذات يوم.
يتفرج العالم على تطهير عرقي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولا يستطيع أن يقول لحكومة نتنياهو أن تتوقف عن إكمال هذا الفيلم الوحشي. تخيل جنابك أن بلاداً مثل ألمانيا عانت من ويلات النازية والحروب يخرج مستشارها أمس ليعلن، رفضه وقفاً فورياً لإطلاق النار في قطاع غزة، فيما العالم بانتظار الإذن من إسرائيل للسماح بدخول الأغذية والأدوية لمئات الآلاف من أبناء غزة الذين يعيشون أوضاع مأساوية، حيث دُمِّرت أحياء وقرى بكاملها، لكي لا يفكر الفلسطيني بالوقوف في وجه الاحتلال.. وفي الوقت الذي تحاول فيه زمرة نتنياهو محو كل أثر للحياة في عزة، وتحقيق الحد الأقصى من تهجير الفلسطينيين، نجد الوضع الدولي مأخوذ بتوصيف ما يجري؛ هل هو حرب إبادة ضد الفلسطينيين؟، أم دفاع مشروع عن النفس تمارسه إسرائيل مثلما تصر أمريكا وبريطانيا وألمانيا ومعها بلاد روسو وفولتير، فرنسا ماكرون.
كان يمكن أن تكون صور موت أطفال غزة حافزاً للعالم على أن يستعيد إنسانيته، وأن يبعث رسالة لكل مجرمي الحروب أنهم مسؤولون، وكان يمكن أن تتوقف المأساة لو عرف همجيو جيش الاحتلال الإسرائيلي أن القانون سيحاسبهم ذات يوم، لكن يبدو أن لا شيء ما دامت حضارة النازية لا تزال مهيمنة، وما دام القاتل يعتبر نفسه بريئاً. ومادام بايدن لا يزال يتعثر كلما اراد صعود الطائرة .