برلين: أعادت ألمانيا والدنمارك من شمال سوريا عددا من النساء اللواتي انضممن إلى تنظيم الدولة الإسلامية وأطفالا في أكبر عملية من نوعها تنفذها برلين منذ 2019 بدعم لوجستي من الجيش الأميركي.
وأعلنت ألمانيا ليل الأربعاء الخميس أنها أعادت من شمال سوريا ثماني جهاديات و23 طفلاً.
وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية في بيان أنه خلال العملية نفسها أخرجت الدنمارك من سوريا ثلاث نساء و14 طفلاً، مشيرة إلى "إنجاز مهم".
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إنّ "الأطفال ليسوا مسؤولين عن وضعهم (...) والأمهات سيحاسبن أمام القضاء الجزائي عن الأعمال التي ارتكبنها"، موضحا أن "عددا كبيرا منهنّ وُضع في الحبس بعد وصولهنّ إلى ألمانيا".
في الواقع، أعلن مكتب المدعي العام الاتحادي المسؤول بشكل خاص عن قضايا الإرهاب صباح الخميس توقيف ثلاث من هؤلاء الألمانيات عند نزولهن من الطائرة في فرانكفورت "لاشتباه كبير في انتمائهم إلى منظمة إرهابية في الخارج".
وقال المدعي العام في كارلسروه في بيان صدر عن مكتبه إنه يُشتبه أيضا في تورط أحداهن في جرائم ضد الإنسانية في فظائع ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية ضد الأقلية الأيزيدية.
وأكد وزير الخارجية الألماني في بيانه "أنا مسرور لأنّنا تمكنّا من أن نعيد إلى ألمانيا هذا المساء 23 طفلاً ألمانياً آخر وثماني أمّهات"، مشيراً إلى أنّ العائدين ولا سيّما الأطفال، صُنّفوا على أنّهم "يحتاجون بشكل خاصّ إلى حماية".
وأوضح بيان الخارجية الألمانية أنّ "الأمر يتعلق أساساً بأطفال هم إمّا مرضى أو لديهم وصيّ في ألمانيا، وبإخوتهم وأخواتهم وأمّهاتهم".
محتجزون
وكان العائدون محتجزين في مخيّم روج الذي تسيطر عليه القوات الكردية في شمال شرق سوريا.
وذكرت صحيفة بيلد الألمانية أنّ ممثّلين عن وزارة الخارجية والشرطة الجنائية الألمانيتين وصلوا صباح الأربعاء على متن طائرة عسكرية أميركية إلى شمال شرق سوريا واصطحبوا النساء والأطفال معهم وتوجّهوا جميعاً على متن الطائرة نفسها إلى الكويت..
ماذا فعلن؟
وأضافت الصحيفة أنّه بوصول الطائرة العسكرية الأميركية إلى الكويت استقلّت المجموعة طائرة أخرى أقلّتها إلى ألمانيا وهبطت في فرانكفورت مساء الأربعاء.
ومنذ دُحر تنظيم الدولة الإسلامية في آذار/مارس 2019 يواجه المجتمع الدولي معضلة إعادة عائلات الجهاديين الأجانب الذين أُسروا أو قتلوا في سوريا والعراق. وبالنسبة إلى غالبية الدول الأوروبية فإنّ إعادة هؤلاء تتمّ بعد أن تُدرس حالة كلّ منهم على حدة.
وفي آخر عملية مماثلة نفّذتها في كانون الأول/ديسمبر 2020 بالاشتراك مع فنلندا، أعادت ألمانيا من سوريا خمس نساء و18 طفلاً.
من جهتها ذكرت مجلّة دير شبيغل الألمانية على موقعها الإلكتروني إنّ أعمار الجهاديات الألمانيات العائدات تتراوح بين 30 و38 عاماً وإنّهن يتحدّرن من أنحاء مختلفة من البلاد، بينهن ست صدرت مذكرات اعتقال بحقهن.
وتحدث مكتب المدعي العام الفدرالي عن رومينا اس إحدى النساء اللواتي أوقفن موضحا أنها إلى سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2014 مع ابنتها خلافا لرغبة والدها. قبل ذلك نظمت فعليا تجنيد ومغادرة فتاة تبلغ من العمر 16 عاما إلى سوريا.
وفور وصولها إلى سوريا تزوجت "ستة على الأقل من أعضاء الدولة الإسلامية الواحد تلو الآخر"، بحسب النيابة التي أوضحت أنها كانت تعرض على طفلها مقاطع فيديو لعمليات إعدام للتنظيم الجهادي.
وفي نهاية 2016 في الرقة معقل التنظيم في سوريا ، وظفت أيضا "على ما يبدو" لأعمال منزلية سيدة من الأقلية الأيزيدية العراقية كانت من سبايا الجهاديين.
وتحدثت دير شبيغل عن سيدة أخرى تدعى فيرينا ام وتتحدر من رينانيا شمال فستفاليا (غرب ألمانيا). وقد توجهت إلى سوريا في 2015 وتدربت على استخدام الأسلحة لدى تنظيم الدولة الإسلامية وعملت على ما يبدو بعد ذلك في شرطة الأخلاق التابعة للتنظيم الجهادي.
وفي 2016 أجبر ابنها البالغ من العمر سبع سنوات على التقاط صور له وهو يحمل مسدسا ويقسم الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية.
ويعتقد أن سيدة أخرى بين هؤلاء النسوة روّجت للمنظمة على منتديات على الانترنت ونجحت في إقناع فتى ألماني واحد على الأقل يبلغ من العمر 16 عاما بالتوجه إلى سوريا.
وقالت صحيفة بيلد إنه ما زال هناك حوالى سبعين بالغا يحملون الجنسية الألمانية في مخيمات يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، بالإضافة إلى نحو 150 طفلًا من المواطنين الألمان.
وتفيد أرقام نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" في آذار/مارس، أن هناك حوالى 43 ألف أجنبي، بينهم 27500 قاصر، محتجزين لدى القوات الكردية في شمال شرق سوريا، يتوزّعون بين رجال موقوفين في سجون ونساء وأطفال محتجزين في مخيّمات.