: آخر تحديث

مفترق طرق في "وسط" صناع الأفلام السعودية

42
39
45
مواضيع ذات صلة

خالد المطرون من الرياض: حين تمعن النظر في سيرة صناع الأفلام الذين ظهروا في بداية تجربة  السينما السعودية. ستجد أن قصصهم الشخصية متشابهة حيث تنتهي أن اكتشافهم لفن السينما والولع به قد غير مجرى حياتهم و توجهاتهم السابقة. نستطيع القول أنهم كانوا يسيرون بمحاذاة بعضهم البعض في طريق واحد دون اتفاق بينهم. ذاك الطريق كان يدعى "لـ السينما مكان في السعودية ".

وقد وصل الصناع إلى غاية هذا الطريق عند قرار عودة فتح صالات السينما في السعودية. فبدأ فصل جديد شهدنا فيه الأفلام السعودية في صالات السينما التجارية. والتي كانت ثمرة تنافس المنتجين لاكتشاف معايير الفيلم السعودي الذي يضمن تحقيق إيرادات عالية في شباك التذاكر السعودي. مما جعلنا نشهد تجارب عديدة ومختلفة من الأفلام ذات تفاوت في النوع والأسلوب.

ولطالما اعتقدت أن خروج نموذج ناجح واحد كفيل برسم مفترق طرق في توجه صانع الفيلم السعودي. وبما أنه الآن أصبح هناك نماذج ناجحة على مستوى المبيعات؛ سنشهد في الفترة القادمة محاولات تكرار نجاحات سابقة عن طريق عمل قوالب وأشكال متكررة من الأفلام السعودية والتي ترتكز على الشعور بالإثارة اللحظية أو حصد الضحكات. وهذه الافلام ستغدو متشابهة رغم اختلاف مخرجيها. بل ستصبح نقطة القوة الفارقة  بين كل فيلم وآخر هو " النجم"، الذي يمثل الشخصية الرئيسية. وهذا ما حدث في إنتاجات التلفزيون سابقًا.

واليوم يقف صانع الأفلام بين طريقين مختلفين ليسلكهما: إما أن يصنع فيلم يقص فيه الحكاية بنبرته الخاصة، والتي تحاكي شخصيته ورؤيته، وما بين أن يكون مقيد برؤية الاستديوهات التي تهتم بالإيرادات العالية والنجاح الجماهيري على وجه الخصوص. حيث الطريق الأول يرى أن السينما فن قادر على إيصال أعمق المفاهيم الانسانية والفلسفية تمامًا كالشعر والأدب، وتعود أهميته لكونه يعنى بازدهار الثقافة والترفيه النوعي. أما الطريق الآخر يرى أن السينما لابد أن يكون هدفها الأساسي هو الترفيه الذي يشبه رحلة إلى الملاهي، وترجع أهميته للاقتصاد والترفيه العام. ومن السهولة ملاحظة انتقال معظم الصناع إلى الطريق الثاني مؤخرًا، والذي سيغدو مزدحمًا في القريب العاجل

وهذان الطريقان موجودان منذ زمن بعيد في الخارج ولهم روادهم، ونحن من القلائل - وأرى هذا محمسًا- التي تشهد تعبّد هذين الطريقين؛ لكون السينما المحلية لاتزال حديثة نسبيًا. بيد أن وصف" نخبوي " سيعد كشتيمة تقال لصانع الأفلام الذي لا يعمل تحديدًا لشبّاك التذاكر، كما أن وصف " تجاري" سيكون جلبًا للعار.

اللافت هنا هو أن هناك منتجين محبين للأعمال الفنية بالخارج، ودخلوا مجال صناعة الأفلام عبر أبوابها. لكنهم يمتنعون عن إنتاج مثيلاتها محليا خوفًا من فشلها على صعيد شباك التذاكر المحلي، والذي لم يعتد على الأعمال الفنية المختلفة. وتحديدًا في تلك اللحظة.. ستقيّد حرية الفنان الذي دخل المجال راغبًا بمساحة تعبير حرّة.

وسيضمحل التنوع في التجربة السعودية؛ ويكون جزء لا بأس منه مما يعرض على الشاشة هو ما يمارس تجاوب لحظي مع المشاهد، وما تحكيه الأرقام هو الذي سيقوم الإنتاج بتعميمه كذائقة واحدة على الجمهور، وذلك سيعيق الصنّاع ذوي التوجهات المختلفة من الوصول لشريحة من الجمهور المتطلّع للأعمال الجديدة بختلافها.

عندها..ستتضح حركة الأفلام المستقلة للجميع لأنها ستكون أكثر صراحة وجرأة. وستكوّن هي الموجة الجديدة الفعلية. بيد أنها ستحظى بدعم أقل؛ نتيجة اختفاء الدوافع بعد اكتمال جزء كبير من مهمة النهضة بقطاع الصناعة، كما أنها لن تجد وفرة الخيارات وتنوع سُبل العرض كغيرها. وما يشيّيد جسر تلك الأفلام للوصول إلى المشاهد هم صناديق الدعم. فلربما نقول مستقبلًا عن هؤلاء الصناع

‎"خمسة عشر رجلاً ماتوا من أجل صندوق"

في النهاية .. هناك أسطورة تنبئ بوجود طريق ثالث .. الطريق الأصعب الذي يدمج القيمة الفنية والجماهيرية.

الطريق الوسط .. لكن أين الوسط؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه