: آخر تحديث

هل (الحقوق تبي حلوق) في المجتمع الوظيفي؟!

9
9
8

(الحقوق تبي حلوق) مثل من الأمثلة الشعبية السائدة في منطقة الخليج العربي، و"حلوق" جمع (حْلْقْ)، ويُضرب هذا المثل للرجل الذي يسعى للحصول على حقوقه، إذ لا بدَّ أن يكون صاحب لسان طويل وصوت عالٍ، لذلك رُمز للصوت بالحلق. وهو مثل صحيح في كثير من مناحي الحياة لحقبة زمنية مضت – برأيي الشخصي – ومنها محور موضوعنا اليوم: المجتمع الوظيفي. لكن مع التطور الكبير في أسلوب الحياة اليومية، وهنا أتحدث عن وطني العزيز المملكة العربية السعودية، باتت الحلول الرقمية مضرب المثل في كل مكان، لذلك لم يعد من الجائز أن يلجأ الموظف لحلقه لنيل حقّه، سواءً في تحسين جودة بيئة العمل أو الترقيات أو الدورات التطويرية.

كانت مناسبة عيد الفطر المبارك السعيد الماضي فرصة سانحة للالتقاء بالكثير من الأصدقاء بعد أن باعدت بيننا ظروف الحياة، وخلال نقاشاتنا العامة فوجئت بالبعض وهو يبدي مشاعر الامتعاض من أسلوب إدارة بعض القطاعات التي يعملون فيها، وذُهلت من حجم جسارة وجرأة بعض مسؤوليها وهم يتفننون في هضم حقوق الموظفين وعدم تقديرهم. لقد سمعت بعض القصص من الأصدقاء، اعتقدت بأنها انتهت منذ زمن بعيد، لكن للأسف الشديد اكتشفت بأنها لا تزال قائمة، منها عدم العدل في الترقيات، فتجد موظفًا قد نال ترقيات استثنائية أكثر من مرة، بينما موظف آخر بنفس المؤهلات والمهارات لم ينلها بدون سبب مقنع! وصديق آخر يقول بأن لديهم موظفاً من جنسية أوروبية لا يحمل سوى شهادة الثانوية العامة وليس لديه من المواهب التي تعود بالنفع على القطاع، ومع ذلك يتقاضى مرتبًا عاليًا رغم وجود موظفين سعوديين أكثر منه كفاءة وإنتاجية! وامتدّ نقاشنا وشارك صديق ثالث قصته في قطاعه، وهو يسرد تفاصيل مثيرة حول ما يُمكن تسميته بـ(المستوطنات الشللية) المستأثرة بكل المنافع والامتيازات، بعضها بحق وكثير منها بغير وجه حق، فيما بسطاء الموظفين لا حول لهم ولا قوة، فكل شكاويهم ترتدّ عليهم بالمزيد من التضييق وسوء التعامل. لا أخفيكم سرّاً بأن تلك القصص قد أثرت فيّ، فآثرت الكتابة عنها اليوم، وإرجاء كتابة سلسلة المقالات التي أعددت لها مسبقًا للتعليق على لقاء معالي وزير الإعلام في برنامج الليوان بشكل مؤقت.

بعد صولة الحق الخالدة التي قادها قاصم ظهر الفساد، سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله ورعاه، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، واجتَثَّ بها جذور الفساد، وأسس لمنهج جديد كان شعاره التاريخي (لن ينجو أي فاسد كائنًا من كان)، رفع من سقف طموحاتنا كسعوديين، ونحن نرى الحساب العسير يكتسح الفاسدين إداريًا وماليًا، متجاوزًا أي حصانة وظيفية أو مكانة اجتماعية أو صفة اعتبارية، بعد أن بات الجميع سواسية تحت سقف القانون. وهذا يدفعني لأسوق اقتراحًا بسيطًا لمعالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) الأستاذ مازن بن إبراهيم الكهموس، وفقه الله، بتكليف موظفي الهيئة للقيام بجولات ميدانية في القطاعات الحكومية لتسمع من صغار الموظفين الحقيقة كاملة دون رتوش، وضمان عدم تضررهم من كبار مسؤولي تلك القطاعات، لتكون هذه الجولات امتدادًا للقنوات التي أعلنت عنها نزاهة مسبقًا للإبلاغ عن أي شبهة فساد. وأنا على يقين وثقة بحرص معاليه على رفع المظالم التي أوغل فيها بعض المسؤولين، الذين يتعاملون مع قطاعاتهم كما لو كانت مزارعهم الخاصة أو من بقية ميراث أسلافهم!

كلّي إيمانٌ جازم بأن حال أبطال نزاهة مع الفاسدين سيكون كما قال شاعر العرضة النجدية السعودية المرحوم سعد بن حبشان "مع بعض التصرف":
  
والله أنك بنومك ما تهنّى.. (والفاسد) خلقنا الله عذابه

حفظ الله مملكتنا الغالية تحت راية مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وأدام علينا نعمة الأمن والرخاء والاستقرار.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.