الدوحة: أحرق "متوهّجو" كراوتيا آمال منتخب البرازيل بإحراز لقب سادس قياسي في كأس العالم لكرة القدم، عندما قلبوا الجمعة تخلفهم في الدقائق القاتلة من الوقت الممدّد، إلى فوز جديد بركلات الترجيح 4-2 (1-1) وضعهمفي نصف نهائي مونديال قطر 2022 الذي بلغته الأرجنتين بسيناريو هيتشكوكي بركلات الترجيح أيضاً أمام هولندا 4-3 (2-2).
وتلتقي في نصف النهائي الثلاثاء على استاد لوسيل، الأرجنتين مع كرواتيا، فيما يُستكمل ربع النهائي السبت بمبارتي المغرب مع البرتغال وفرنسا حاملة اللقب مع إنكلترا.
أمام 44 ألف متفرّج في المباراة الثامنة والأخيرة على استاد المدينة التعليمية في الدوحة، كانت البرازيل في طريقها إلى بلوغ نصف النهائي وضرب موعد مع الفائز بين الأرجنتين وهولندا، عندما افتتح لها نجمها نيمار التسجيل قبل انتهاء الشوط الإضافي الأول بلمحة فنية رائعة (105+1).
لكن المنتخب الملقب "فاتريني" (المتوهجون)، لم يستسلم، فسجّل هدف التعادل في الدقيقة 117 عبر البديل برونو بتكوفيتش.
جاءت لحظة الحارس دومينيك ليفاكوفيتش الذي قبل ان يتخطاه نيمار بغريزة مميزة، بدا وكأنه حارس مرمى في رياضة كرة اليد: صدّ الكرة تلو الأخرى بيده، ركبته، قدمه (45، 55، 66، 76)، وجنّب كراوتيا خسارة ثقيلة في الوقت الأصلي.
وبعد أن لعب دوراً بطولياً أمام اليابان في ثمن النهائي وصدّه 3 ركلات ترجيحية، كرّر حارس دينامو زغرب البالغ 27 عاماً دور البطل بصده ركلة ترجيح لرودريغو، فبلغت كرواتيا نصف النهائي مرة ثانية توالياً بعد حلولها وصيفة في روسيا 2018.
قال ليفاكوفيتش "نحن فريق يتمتع بالخبرة ونشأنا كمقاتلين. لا نبخل بأي جهد. نحن نقدّم أفضل ما لدينا وهذه هي الوصفة من أجل النجاح".
أما مدربه زلاتكو داليتش فتوجه إلى الشعب الكرواتي "تحلينا بالشجاعة.. سنواصل الذهاب بعيدا. كرواتيا أظهرت أن بإمكانها الفوز والآن يجب أن تكونوا فخورين.. إنه إنجاز".
على وقع بكاء نيمار الذي عادل رقم الأسطورة بيليه بتسجيل الهدف الـ77 دولياً، ودّع البرازيليون بخُفّي حُنين، بعد أن دخلوا البطولة في طليعة المرشحين لاحراز اللقب.
كان ردّ فعل نيمار على مستوى الحدث، لكن من ناحية سلبية، فألمح ابن الثلاثين عاماً الى اعتزاله دولياً "أنا لا أغلق أي أبواب على المنتخب الوطني، لكن أيضاً لا أضمن 100 في المئة أنني سأعود".
وطالب لاعب الوسط كازيميرو برفع الرؤوس "من الصعب إيجاد الكلمات. يجب أن نرفع رؤوسنا، تستمر الحياة. نحن حزينون. نشعر بالضيق، خاصةً الطريقة التي خسرنا بها، كان الفوز بأيدينا، لكننا فرطنا به وكان من نصيب الكروات. انه إقصاء صعب".
ستطوي هذه الخسارة صفحة العديد من البرازيليين، على غرار المدرب تيتي الذي أكّد رحيلاً أعلنه منذ أشهر "هي هزيمة مؤلمة لكنني أرحل بسلام. هي نهاية حقبة"، فيما رأى قلب الدفاع المخضرم تياغو سيلفا (38 عاما) "للأسف أنا تقدمت في السن ولكن من الصعب للغاية استيعاب هذا الامر واتخاذ قرار في هذا الوضع. أتمنى أن أكون تركت إرثا هاما للأجيال القادمة".
وكان الثنائي البرازيلي الأرجنتيني يحاول كسر هيمنة أوروبية مستمرة منذ 2006، وفرض موقعة صاخبة بينهما لايصال مرشح قادر على منع تتويج أحد ممثلي "القارة العجوز".
منذ تتويج البرازيل مرة خامسة قياسية عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، تناوب الأوروبيون على حسم اللقب: إيطاليا عام 2006 مرّة رابعة في تاريخها، إسبانيا في باكورة ألقابها عام 2010، ألمانيا مرّة رابعة في عقر دار البرازيل في 2014 وأخيراً فرنسا للمرة الثانية في روسيا 2018.
وفي نسخة قطر 2022، بدت حظوظ أميركا الجنوبية مرتفعة، لكن الأرجنتين بقيادة نجمها الخارق ليونيل ميسي التواق للقب أول، بقيت لوحدها كي تنقذ سمعة القارة ونجحت بذلك بعد سيناريو جنوني أمام 88 ألف متفرّج على استاد لوسيل.
افتتح ناهويل مولينا التسجيل للارجنتين بتمريرة حاسمة سحرية من ميسي (35)، وأضاف الاخير الثاني من ركلة جزاء (73). إلا أن البديل فاوت فيخهورست قلّص الفارق في الدقيقة 83 برأسية مميزة، قبل أن يسجل هدف التعادل في الدقيقة الحادية عشرة من الوقت بدل الضائع من ضربة حرة ملعوبة (90+11)، ويلجأ الفريقان الى شوطين إضافيين ومن ثم ركلات ترجيح تألق فيها الحارس إيميليانو مارتينيس بصده كرتين.
وهذا خامس فوز للأرجنتين من اصل 6 حصص في ركلات الترجيح (رقم قياسي)، مقابل فوز يتيم لهولندا في أربع حصص.
وخلافاً لمشاركاته الأربع السابقة، حيث بدا شبحاً للاعب حقق المعجزات مع نادي برشلونة الإسباني، ورغم قيادة بلاده إلى نهائي 2014 وحصوله على جائزة أفضل لاعب في البطولة، يعيش ليونيل ميسي أجمل مشاركاته مع الأرجنتين، مدركاً انها ستكون الأخيرة له "على الأرجح" كما أعلن أكثر من مرّة.
حظي ابن الخامسة والثلاثين وصاحب 7 كرات ذهبية، بدعم جماهيري هائل، سجّل أربعة أهداف حتى الآن، بفارق هدف عن المتصدر الفرنسي كيليان مبابي، ويبهر عشاق اللعبة بقدراته الفنية الخارقة.
عبّر البرغوث عن غضبه من قرارات الحكم الإسباني أنتونيو ماتيو لا هوس "(بعد التعادل) كنت مستاء ولم أكن آمل في أن تنتهي المباراة بهذه الطريقة يجب أن نقول أن الحكم لا يمكن الحديث إليه ونكون صريحين في حديثنا معه، ولكن الناس شاهدوا ما حصل، وقبل المباراة كنا متخوفين لأننا كنا نعرف ما سيحدث، و(الاتحاد الدولي) فيفا يجب أن يهتم بهذا ولا يجب تعيين حكم مثله لقيادة مباراة من هذه الأهمية، الحكم لا يجب أن لا يكون في المستوى".
في المقابل، عجزت هولندا، الوصيفة ثلاث مرات، عن الثأر من الأرجنتين بعد ان انتهى مشوارها في مونديال البرازيل 2014 عند نصف النهائي بركلات الترجيح أيضاً، علماً انها خسرت نهائي مونديال 1978 أمام الأرجنتين المضيفة بعد التمديد 1-3.