الدوحة: لم يكن ليتخيل نفسه ركيزة في تشكيلة المدرب ديدييه ديشان بعد الذي اختبره قبل أربعة أعوام، لكن الظروف لعبت دورها وجعلت من أدريان رابيو حجر الأساس في وسط المنتخب الفرنسي خلال مونديال قطر، ليشكل مع أوريليان تشواميني وأنطوان غريزمان مضلعاً متحركاً و"توازناً" حيوياً جداً لحملة "الديوك".
فبعد الجدل الذي اختبره قبل أربعة أعوام برفضه أن يكون ضمن لائحة فرنسية بديلة للنهائيات الروسية، حصل لاعب وسط يوفنتوس الإيطالي على فرصة ذهبية للتعويض في مونديال قطر ويشعر أنه "قادر على أن يكون قدوة" من دون أي رغبة "ثأرية".
قبل أربعة أعوام، راسل رابيو المدرب ديشان ليعرب عن رفضه أن يتم إدراجه على لائحة اللاعبين الاحتياطيين للتشكيلة النهائية، إدراكاً منه بأن حظوظه بخوض المونديال الروسي شبه معدومة لأن الأمر مرتبط بتعرّض أحد لاعبي الوسط للإصابة.
الآن ونتيجة غياب بول بوغبا ونغولو كانتي عن المونديال بسبب الإصابة، حصل ابن الـ27 عاماً على فرصته وبات مركز الثقل في خط وسط حاملي اللقب، معولاً على المستوى الرائع الذي قدمه مؤخراً مع يوفنتوس (5 أهداف وتمريرتان حاسمتان في 16 مباراة).
نجح ديشان في إيجاد الصيغة السحرية في وقت قصير، من دون تحضير، وذلك بفضل البراعة التكتيكية للاعبين المتواجدين تحت تصرفه.
وتحدث ديشان عن رابيو قائلاً "معه، لا أحتاج الى أن أكرر الأشياء ثلاث أو أربع مرات".
شكل رابيو الذي يتوجه على الأرجح للرحيل عن يوفنتوس، ثنائياً رائعاً في وسط "الديوك" مع الشاب تشواميني (22) وبجانبهما على الجهة اليمنى غريزمان في دور غير اعتيادي لمهاجم أتلتيكو مدريد الإسباني لكنه تأقلم معه على أكمل وجه.
هذه التوليفة التي فرضتها الإصابات، كانت موفقة في المونديال القطري ويعوّل عليها الفرنسيون مجدداً حين يتواجهون السبت مع إنكلترا على مقعد في دور الأربعة.
وتحدّث مهاجم ميلان الإيطالي أوليفييه جيرو عن زميله في المنتخب وغريمه في "سيري أ"، قائلاً "حقق بداية رائعة لكأس العالم... يملأ الفجوات ويتمتع بنشاط ملفت جداً. أشعر أنه وصل الى الكمالية. إنها فرصة للحصول على لاعب مثله في منتصف الملعب، لاسيما عندما نعرف (أهمية) الغائبين".
"أنا ممتن لكل ما حصل"
يمرّ لاعب باريس سان جرمان السابق "على الأرجح في أفضل فترة في مسيرتي" باعترافه الخاص، ويستمتع بالاشادات الإعلامية التي تنهال عليه في هذا المونديال، بعيداً عن الانتقادات "الشديدة" التي قال إنه عانى منها في سنوات شبابه.
اعترف الأربعاء في مؤتمر صحافي "لن أبالغ (في الاحتفال بالاشادات) أيضاً، لكن هذا لطيف"، متوجهاً الى الصحافيين بشيء من المزاح "من الصعب جداً إرضائكم".
وقبيل النهائيات، تطرق رابيو لعودته الى المنتخب بعدما غاب عن تتويج روسيا 2018، قائلاً "مرَّ أكثر من أربعة أعوام. كانت خيبة كبيرة، هذا صحيح. عملت كثيراً لأكون هنا في 2022. أنا لا أعتبر ذلك بمثابة ثأر، أنا ممتن لكل ما حدث منذ عودتي (في 2020)، أعتبرها فرصة".
وتحدث عن "مسؤولية كبيرة في بطولة من هذا النوع، لكني مستعد لتحملها. أنا شخص تنافسي، أفضّل أن أكون في هذا الموقع عوضاً عما كنت عليه قبل أربعة أعوام".
وعن قوله إنه لاعب التوازن في الوسط الفرنسي، ردَّ رابيو "لقد عَرَّفت عن نفسي بهذا الشكل لأنه يناسبني. لقد وجد المدرب أن هذه الكلمات الصحيحة (لوصفه)، ونحن متفقان على ذلك".
وتابع "انتُقدت في الماضي لعدم رغبتي باللعب في مراكز مختلفة... أفضل اللعب حيث أكون أفضل أداءً، حيث يمكنني إظهار كل قدراتي".
"أين يجب أن يتمركز"
بعد طلاق مرير في 2019 مع فريقه السابق سان جرمان الذي أمضى فيه 10 أعوام، وبعد الجدل الذي تسبب به قبيل مونديال روسيا 2018، "أزال" رابيو "الأشياء التي كانت تزعجه في وقت من الأوقات" وفق ما أفاد ديشان، معتبراً أنه "بات اليوم لاعب وسط كاملاً، لاعباً متوازناً" بعدما كان منزعجاً سابقاً من تموضعه في الملعب.
بات "يعرف ويشعر أين يجب أن يتمركز" بحسب مدربه، بعدما كان يتذمر دائماً من موضوع تمركزه في أرضية الملعب.
بالنسبة لرابيو "منذ اللحظة التي توقفت فيها عن طرح هذه الأسئلة على نفسي (بشأن تمركزه)، شعرت أخيراً بتحسن كبير على أرض الملعب"، معرباً الأربعاء عن سعادته لأنه بات "أكثر تحرراً" على أرض الملعب وفي ذهنه.
نسخة 2022 من رابيو تتولى مهاماً هجومية أكبر على الرغم من القوة الضاربة لفرنسا في الخط الأمامي بوجود جيرو، كيليان مبابي وعثمان ديمبيليه وغريزمان أو حتى تيو هرنانديز الذي يتقدم كثيراً من مركز الظهير الأيسر الى منطقة جزاء الخصم.
وهذا الأمر ممكن بالنسبة لرابيو بفضل وجود تشواميني الذي يؤمن التغطية الدفاعية في خط الوسط، ووجود لاعب وسط ريال مدريد الإسباني "يسمح لي أن ألعب بالطريقة التي أحبها والتي لا تنحصر بالدفاع وافتكاك الكرة كلاعب وسط، بل أن أتمكن من التقدم والدخول في منطقة الجزاء. هو (تشواميني) خلفنا لكي يضمن التغطية".
من المتوقع أن تكون مباراة ربع النهائي السبت مثيرة جداً بمواجهة جود بيلينغهام وآخرين في المنتخب الإنكليزي.
في الوسط، يملك الإنكليز "بعض الخصائص التي نتمتع بها. لديهم أسلحة مهمة لكننا لسنا أقل شأناً. معركة خط الوسط ستكون مهمة. هذا أمر مؤكد".