طوكيو: تطمح رياضة ألعاب القوى المغربيّة التي أنتجت في الماضي نجومًا عالميّين، إلى العودة لمنصّات التتّويج في أولمبياد طوكيو، بعد فشلها في حصاد أي ميداليّة خلال الأولمبياد الأخير وتأثّر صورتها بحالات تعاطي المنشّطات في السنوات الأخيرة.
يراهن الفريق المغربي، المكوّن أساسًا من عدّاءات وعدّائين في السباقات المتوسّطة والطويلة، على نيل ميداليّتين أو ثلاث، وفق المدير التقني الوطني عبد الله بوكراع الذي أعرب لوكالة فرانس برس عن "ثقته في الشباب المؤهّلين رغم صعوبة شروط التأهّل واشتداد المنافسة بالمقارنة مع الدّورات السابقة".
يعوّل المغرب أساسًا على العدّاء سفيان البقالي (23 عامًا) صاحب أحسن توقيت عالمي هذا العام في سباق 3 آلاف متر موانع للوصول إلى منصّة التتويج، علمًا بأنّه يملك فضيّة وبرونزيّة مونديالي 2017 و2019 تواليًا، بينما تخلو لائحة الفريق الذي يضم 15 عدّاءة وعدّاء، من نجوم عالميّين.
ارتبطت إنجازات الرياضة المغربيّة في الألعاب الأولمبيّة تاريخيًّا بأسماء لامعة في رياضة ألعاب القوى.
فقد حصلت المملكة على أوّل ميداليّتين ذهبيّتين في تاريخ مشاركاتها في الأولمبياد بفضل "الأسطورة" سعيد عويطة (5 آلاف متر) ونوال المتوكّل (400 متر حواجز) خلال دورة لوس أنجليس 1984.
تواصل حصاد ذهبيّات وميداليّات أخرى في الدورات اللّاحقة، كان أبرزها حصول هشام الكروج على ذهبيّتين في دورة أثينا 2004 في سباقي 1500 و5 آلاف متر. كما شهدت تلك الفترة تحقيق عدّة ألقاب في بطولات العالم.
وحطّم عويطة عدّة أرقام قياسيّة في سباقات 800 إلى 5 آلاف متر في ثمانينيّات القرن الماضي، كما سيطر الكروج على سباقات 1500 متر ما بين منتصف التسعينيّات ومطلع الألفيّة، محطّمًا هو الآخر أرقامًا عالميّة.
ومن أصل 23 ميداليّة في الألعاب، أحرز المغرب 19 في ألعاب القوى والباقي في الملاكمة، من بينها جميع الذهبيّات الست.
لكن السنوات الأخيرة كانت عجافًا حيث عادت العدّاءات والعدّاؤون المغاربة بخفّي حُنين من دورة ريو 2016، واكتفوا بميداليّة برونزيّة واحدة في دورة لندن قبل أربع سنوات، فضلًا عن تأثّر صورة هذه الرياضة بسبب المنشّطات.
"خطر المنشّطات"
يعتقد الصحافي المتخصّص في ألعاب القوى يونس الخراشي أنّ المغرب كان يتوفّر على صناعة للبطل في ألعاب القوى "فهؤلاء النجوم لم يخرجوا من عدم، هناك إذن تراجع واضح يرتبط أساسًا بغياب الخلف بسبب إنعدام الإستقرار التقني ورؤية واضحة حول الأهداف المراد بلوغها".
في المقابل يرى الباحث في التشريعات الرياضية يحيى السعيدي أنّ الحديث عن تراجع لا يستقيم بالنظر إلى أنّ ألعاب القوى المغربيّة "ظلّت عمومًا غائبة عن 70 بالمئة من مسابقات بطولة العالم والألعاب الأولمبيّة"، معتبرًا أنّ الإنجازات التي كانت تحقّق في الماضي إنّما هي "شجرة تخفي هذه الحقيقة".
بالنسبة إليه، يكمن السبب الرئيس في الغياب عن منصات التتويج خلال السنوات الأخيرة إلى "المراقبة الصارمة في محاربة المنشّطات التي باتت تنهجها الجامعة الملكية (الإتحاد المغربي لألعاب القوى)".
وهو ما لم يكن قائمًا في فترة سابقة "بدليل تسجيل 46 حالة تعاطي للمنشّطات ما بين 1998 و2006، ما يؤكّد أنّ أسلوب التأطير التقني آنذاك لم يكن يختلف عن نظيره في بلدان أوروبا الشرقية"، وفق السعيدي الذي كان أيضًا عدّاء ومدرّبًا سابقًا.
على الرغم "من الجهود الكبيرة المبذولة" من الإتحاد المغربي في هذا الصدد، إلّا أنّ "خطر المنشّطات لا يزال كبيرًا في المغرب"، كما نبّه لذلك الإتحاد الدولي للّعبة في آذار/مارس 2020، مصنّفًا المملكة ضمن "قائمة الدول الأكثر خضوعًا للمراقبة في تعاطي المنشّطات".
ودعت وحدة النزاهة في الإتحاد الدولي المملكة إلى "بذل المزيد من الجهود للتصدّي لهذا التهديد، بدعم من السلطات المغربيّة".
من جهته، استبعد الإتحاد المغربي ثلاثة عدّائين من المشاركة في أولمبياد طوكيو بالرغم من تأهّلهم بسبب "عدم التزامهم بالخضوع لكافة إجراءات برنامج فحص المنشطات"، وفق ما أفاد المدير التقني للإتحاد عبد الله بوكراع وكالة فرانس برس.
وأضاف "لكلّ زمن رجاله، لكن الفريق الحالي لديه مؤهّلات واعدة، يحتاج الكثير من الثقة في مواجهة الضغوط المرتبطة بالإنتظارات الكبيرة للجمهور".