يخشى المغرب على ملفه لإستضافة نهائيات كأس العالم 2026 من سلاح التصويت العلني الذي اقره الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في عهد رئيسه الجديد السويسري جياني اينفانتيو مع توسيع التصويت ليشمل كافة أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد، بعدما ظل التصويت لاختيار منظم المونديال سراً و مقتصراً على رئيس الاتحاد وأعضاء المكتب التنفيذي في حال تساوي ملفين في عدد الأصوات.
هذا ويعقد الاتحاد الدولي مؤتمره العمومي في الثالث عشر من شهر يونيو المقبل في روسيا قبيل انطلاق نهائيات كأس العالم 2018 ، من اختيار البلد الذي سيستضيف نهائيات مونديال 2026 بين المغرب ومنافسيه الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك التي قدمت ملفاً مشتركاً بقيادة أميركا.
ورغم أن الاتحاد الدولي برر قراره بالتصويت العلني على اساس تعزيز الشفافية في قراراته عكس ما كان سائداً سابقاً، والذي جعل شبهة الفساد تلاحق "الفيفا" وتطيح برئيسه الأسبق جوزيف بلاتر وعدد كبير من مسؤولي الاتحاد، إلا انه بالرغم من ذلك فإن التصويت العلني لم يرق للمغرب ، حتى ان هناك جهات أخرى عارضته بما فيها الاتحاد الأوروبي .
وكان المغرب يفضل التصويت السري الذي يسمح لرؤساء الاتحادات الوطنية المنضوية تحت راية "الفيفا" بمنح أصواتها لمن تشاء بكل حيادية بعيداً عن أي ضغوطات سياسية أو رياضية قد يتعرض لها أي اتحاد قبيل عملية التصويت مما يؤثر على نتائج الاختيار.
وجاءت مخاوف المغرب من التصويت العلني بعد التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد البلدان التي تصوت ضد الملف الأميركي الشمالي المشترك ، إذ خيرها بين منحها أصواتها أو حرمانها من المساعدات الإقتصادية والعسكرية التي تحصل عليها من قبل واشنطن.
وأسفرت تلك التهديدات عن تراجع عدد من الاتحادات خاصة الأفريقية عن دعمها لملف المغرب، واتخاذها قراراً بالتصويت للملف الأميركي على غرار الاتحاد الليبيري الذي أكد رسمياً بأن صوته لن يكون مع المغرب بقرار من رئيس ليبيريا جورج وياه نجم الكرة الإفريقية و العالمية في التسعينات مبرراً القرار بالمصلحة العليا للدولة .
وأن كانت اتحادات مثل الاتحاد الليبيري قد تحلت بالشجاعة وأعلنت التصويت للملف الأميركي مبكراً لوضع المسؤولين على ملف "موروكو 2026" في الصورة الحقيقية، فإن المغرب يخشى ان تواصل واشنطن تشديد ضغوطها السياسية على البلدان الأفريقية والآسيوية بما فيها البلدان العربية ، خاصة بعدما دعت وزارة الخارجية الأميركية كافة السفراء للتحرك من اجل تعزيز فرص أميركا في كسب تحدي المونديال .
وفي وقت كان التصويت السري يحمي أعضاء المكتب التنفيذي من أي مساءلة سواء كانت سياسية أو إعلامية أو جماهيرية على اعتبار استحالة معرفة أسرار التصويت والمصوتين، إلا ان التصويت العلني جاء ليضع رؤساء الاتحاد في موقف حرج خاصة الاتحادات التي مسها التهديد الأميركي ، إذ وضعها بين خيارين أحلاهما مر، فإما التنازل عن سيادتها و التصويت لأميركا رضوخا لرغبة رئيسها ترمب، أو التحلي بالجرأة والتصويت للمغرب وتقبل التبعات والآثار السياسية والاقتصادية .
ومما يزيد من مخاوف المغرب أن الوعاء الانتخابي الأكبر والأثقل يتشكل من الاتحادات الأفريقية و الآسيوية التي سترجح كفة احد الملفين ، حيث تخضع اتحادات غالبية هذه البلدان للسلطة السياسية وتتدخل حتى في الأمور الفنية والتكتيكية ، ورئيس الاتحاد هناك لا يتمتع بالاستقلالية في اتخاذ القرار النهائي وملزم بالتصويت بحسب رغبة الدولة وليس بحسب رغبة الاتحاد.
ولا يريد المغرب أن يخسر رهان تنظيم المونديال بسبب وجود ازدواجية في مواقف الاتحادات الوطنية التي تعلن دعمه في الخفاء وخلال العمومية تصوت ضده علناً، بعدما عانى من هذه الإزدواجية سابقاً في المرات الأربع التي ترشح فيها لتنظيم المونديال، حيث كان يحصل على الدعم العلني وفي التصويت السري يحدث العكس ، لذلك فهو يريد مواقف صريحة وواضحة تجعله يعمل على معطيات واقعية تكشف عن مدى حظوظه قبل مؤتمر "الفيفا".