دبي: أكدت وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم المهيري في لقاء صحافي أن بلادها مستعدة لدرجات حرارة مرتفعة يُخشى بأن تجعل أجزاء من منطقة الخليج غير قابلة للحياة بحلول نهاية القرن الحالي.
وأضافت بأن الخبرة الطويلة في مواسم الصيف الصحراوية الحارة علّمت الإمارات على التعايش مع درجات حرارة تصل أحيانا إلى 50 درجة مئوية.
رحلة تأقلم
وقالت المهيري عشية انطلاق قمة كوب28 التي تعقدها الأمم المتحدة في دبي "نخوض رحلة تأقلم منذ سنوات".
وتابعت "عندما تنظر إلى درجات الحرارة حاليا خلال الصيف، يقول ناس من مختلف أنحاء العالم 'كيف تعيشون في ظل درجة الحرارة هذه؟'. لكن في الحقيقة، يمكننا البقاء هنا خلال الصيف ونعيش بشكل جيّد. يمكننا القيام بالأنشطة التي نرغب بها. كل ما في الأمر هو أننا تأقلمنا منذ سنوات عديدة".
تبدو مواسم الصيف في الإمارات التي تدفع كثيرين للهرب إلى بلدان يعد طقسها أكثر اعتدالا في طريقها لتزداد سوءا بسبب تغيّر المناخ، بحسب عدد من الدراسات.
ويعد مزيج درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة خطيرا إذ أن جسم الإنسان يواجه صعوبة في خفض درجة حرارته من خلال تبخر العرق من على سطح الجلد.
تقاس أدنى درجة يمكن الوصول إليها من خلال التبريد عبر التبخّر بواسطة ميزان حرارة يتم لفّه بقطعة قماش مبتلة.
الإجهاد الحراري
وكانت منطقة الخليج من بين مناطق قليلة في العالم تجاوزت فيها قراءات درجات الحرارة بعد التبريد عبر التبّخر عتبة 35 درجة مئوية التي تعد أقصى درجة يمكن للبشر تحمّلها والتي قد يؤدي الإجهاد الحراري وبعدها إلى الموت في غضون ساعات بغض النظر عن السن والوضع الصحي واللياقة البدنية.
ولهذا السبب يحذّر الخبراء من أن تسارع التغيّر المناخي قد يجعل أجزاء من منطقة الخليج غير قابلة للعيش بحلول أواخر القرن الحالي.
البصمة الكربونية
مع ارتفاع درجات الحرارة حول العالم وفيما يبدو هذا العام في طريقه ليكون الأشد حرّا على الإطلاق، تغيّر الإمارات العربية المتحدة تصاميم أبنيتها وتخطيطها العمراني لخلق بيئات أكثر برودة للعيش، حتى في الأماكن الخارجية، بحسب المهيري.
وأضافت أن من شأن إقامة المزيد من الحدائق والأغطية النباتية بما في ذلك خطة لزراعة 100 مليون شجرة أيكة ساحلية (التي تمتص الكربون بفعالية) بحلول العام 2030، أن تخفف من شدّة الحر.
وقالت "لا يدرك الناس بأن أكثر من 70 في المئة من اقتصادنا ليس قائما على النفط. أسسنا بالفعل بنى تحتية كثيرة مرتبطة بالطاقة المتجددة".
وتابعت "تأكّدنا أيضا من أن الأبنية ستقام على مستوى محدد يأخذ في الاعتبار أي ارتفاع في مستوى البحر تشير النماذج إلى أنه قد يحصل قريبا".
تعني درجات الحرارة المرتفعة بأن التكييف يستخدم على مدار العام تقريبا في المنازل والمكاتب ومراكز التسوق والسيارات وحتى مواقف الحافلات في الإمارات، وهو عامل رئيسي يجعل بصمتها الكربونية من بين الأكبر في العالم نسبة للفرد.
وتشمل العوامل الأخرى أساطيل سيارات الدفع الرباعي والسيارات عالية الأداء وتلك الرياضية التي تملأ الطرقات السريعة متعددة المسارات، فضلا عن شح وسائل النقل العام، والوجهات الترفيهية التي تستهلك الطاقة بشكل كبير مثل منحدر داخلي للتزلج يعتمد على الثلج الاصطناعي وتبقى الحرارة فيه ثابتة عند درجتين تحت الصفر.
"داعم للمناخ والنمو"
رغم هذه التحديات، تهدف الإمارات العربية المتحدة لتحقيق الحياد الكربوني محليا بحلول العام 2050 (من دون حساب صادرات النفط والغاز) عبر زيادة الطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح وتوسيع خدمات المترو وسكك الحديد ودعم المركبات الكهربائية.
وتعد شركة "مصدر" برئاسة رئيس مؤتمر كوب28 سلطان الجابر من بين شركات الطاقة المتجددة الأكبر في العالم، في مؤشر على طموح البلاد لقيادة التحول في مجال الطاقة.
ولفتت المهيري إلى أن تبديل المواقف غير المبالية حيال الطاقة والموارد في بلد متعدد الثقافات واللغات يشكّل المغتربون 90 في المئة من سكانه من بين أبرز مهام الإمارات العربية المتحدة.
وقالت "ننظر في كل قطاع على حدة، بما في ذلك القطاع الخاص وأفراد المجتمع والأكاديميين ونسعى لضمان أن الشباب جزء من هذا النقاش أيضا، لفهم الكيفية التي يمكننا من خلالها نزع الكربون من هذه القطاعات والكيفية التي يمكن للأفراد من خلالها أن يؤدوا دورهم أيضا".
وأضافت "أتحدّث أنا نفسي دائما عما أقوم به في منزلي سواء ضمان عدم إلقاء الطعام في سلة المهملات والوعي أكثر بقليل حيال المشتريات ومصادرها".
وأكدت المهيري أن "استراتيجية صافي صفر (انبعاثات) التي أعلنا عنها للتو.. هي مسار داعم للمناخ والنمو، لكنها تعني أيضا بأن هناك حاجة لتغيير طريقة التفكير في ما يتعلق بأسلوب قيامنا بالأعمال التجارية ونمط حياتنا".