: آخر تحديث

الكمبوديات يتحدين الذكورية ويكسرن الطوق بالتوك توك

30
29
31
مواضيع ذات صلة

سيام ريب (كمبوديا): نجح عدد من النساء رغم تعرضهنّ للتمييز في فرض أنفسهنّ وسط الفوضى المرورية في شوارع مدينة سيام ريب الكمبودية كسائقات لعربات التوك توك التي تنقل السياح إلى معابد أنغكور، وبتن اليوم يحظين "بالاحترام"، على ما لاحظت إحدى هؤلاء الرائدات.

وتولّت الكمبودية روينغ سورفي البالغة 37 عاماً دفّة القيادة قبل ثلاث سنوات، بعدما اقترضت ثلاثة آلاف دولار من المصرف لشراء توك توك، وهي دراجة ثلاثية العجلات بمحرك تُستخدم كعربة نقل بالأجرة خصوصاً في بلدان جنوب شرق آسيا.

لكنّ العقبات التي اعترضت طريق السائقة، الأم لثلاثة أبناء، لم تقتصر على الزحمة الخانقة وكلاب الشارع التي يتكوّن منها المشهد المروري في كمبوديا، بل كانت المشكلة أكبر من ذلك ونابعة من القيم الذكورية السائدة في المملكة الآسيوية.

وروَت أن زملاءها الذكور لم يعدموا وسيلة لفظية أو جسدية لتخويفها وثنيها عن المضيّ في مشروعها، ما جعل أيامها الأولى في المهنة بالغة الصعوبة.

وقالت لوكالة فرانس برس "في البداية، نظروا إليّ بازدراء (...) وكانوا يقولون لي إن على النساء البقاء في منازلهن والاكتفاء بغسل الأطباق، (...) لكننا ثابرنا".

واضافت المرأة التي يعمل زوجها أيضاً سائق توك توك "نجحنا في كسب ودّهم، وكفّوا عن التمييز في حقنا. أصبحوا يرون أننا مماثلات لهم".

وأكّدت أنها تعشق عملها، معتبرة أن "جميع النساء يستطعن القيام به".

وأيّدتها في ذلك زميلتها سينغ مينغ (36 عاماً) التي أخبرت أنها "في البداية"، وجدت صعوبة في إقناع نفسها بأن تكون سائقة توك توك. وقالت "لم أكن لأؤمن يوماً بأنني أستطيع القيام بذلك".

لا يزال انعدام المساواة الشديد بين الرجال والنساء سائداً في كمبوديا، رغم الجهود الأخيرة التي بذلتها الحكومة.

فغالباً ما تبقى المرأة أسيرة المهام المنزلية في المجتمع الكمبودي المحكومة بالقيم التقليدية.

ويصعب على الشركات المملوكة للنساء إقناع المصارف بتمويلها بسبب الافتقار إلى ضمانات ونظراً إلى القوالب النمطية الجندرية، وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2022.

ولاحظ التقرير أيضاً أن فرص تسجيل شركات النساء لتمكينها من الحصول على المساعدات الحكومية، أقل مما هي لدى الشركات الأخرى، في ظل هيمنة الأنشطة التجارية غير الرسمية على الاقتصاد الكمبودي.

ويمكن أن يصل متوسط المدخول اليومي لسائق التوك توك إلى 25 دولاراً في بنوم بنه، لكنّهم قد يكسبون أقل بكثير في المقاطعات، بحسب منظمة كمبودية غير حكومية متخصصة في العمل غير المصرّح عنه.

لكنّ المشهد المألوف لعربات التوك توك التي يقودها رجال بدا يتغير في المملكة الصغيرة الواقعة في جنوب شرق آسيا.

وفي سيام ريب، أسست كيم سوكلينغ (39 عاماً) السنة المنصرمة جمعية تُعنى بمساعدة سائقات التوك توك وتضم نحو 20 منهنّ.

فهذه المرأة اختارت مهنة سائقة التوك توك وسيلة لتأمين لقمة العيش لولديها بعد طلاقها عام 2013، وبدأت العمل في بنوم بنه، حيث كانت تعيش في ذلك الوقت.

وأشارت إلى أن أي راكب لم يستقل عربتها "في اليوم الأول".

ونظراً إلى شدّة التمييز في العاصمة، آثرت الانتقال إلى سيام ريب عام 2015 لتوصيل السياح، مع أنها لم تكن تجيد أي كلمة باللغة الإنكليزية.

كانت البدايات صعبة، وأقرّت كيم بأنها كانت تبكي أحياناً عندما لا تتمكن من توصيل أي زبون. ولاحظت أن الناس يعتقدون أن المرأة "أضعف من أن تقود السيارة"، و"لا تستطيع العمل الآخرين".

إلاّ أن كيم باتت اليوم تتمتع بشعبية كبيرة في هذه المهنة، ولها موقع إلكتروني خاص وحساب على شبكة "فيسبوك"، وهي حاضرة كذلك على "تريب أدفايزر" و"غوغل ريفيوز".

وأكّدت السائحة النروجية ستاين سولهايم وصديقتها أنهما شعرتا "بالأمان" في دراجة كيم الثلاثية العجلات المزينة بالأعلام وزهور اللوتس.

واشارت إلى أن سائقات التوك توك "شديدات الشغف بما يفعلنه، ويستمتعن بعملهن ويفتخرن به".

لكن كيم سوكلينغ شَكَت قلة الدعم من السلطات، ودعت المسؤولين، وغالبيتهم من الذكور، إلى أن يكونوا قدوة.

وأضافت "إن ركوبهم معنا في التوك توك سيساعدنا، إذ سيكون بمثابة رسالة للكمبوديين مفادها" أن ثمة حاجة "إلى أن يتوقفوا عن ممارسة التمييز بعضهم في حق البعض الآخر".

وتطمح كيم إلى أن تفتح في المستقبل مطعماً مع أعضاء فريقها، وقالت باسمةً "بالنسبة لي، يُعدُّ كوني سائقة توك توك بمثابة نجاحاً كبيراً".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في لايف ستايل