: آخر تحديث
ظل الناس يقولون لي إن هذا أمر جنوني

"تبرعي بكليتي لشخص غريب غيّر حياتي"

47
47
47

في كل عام، يتبرع عدد قليل من الأشخاص بالكلى لشخص غريب.

في العام الماضي، تبرع حوالي 1000 شخص في المملكة المتحدة بكليتهم لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، بينما تبرع 83 شخصاً بالكلى لأشخاص لا يعرفونهم. وكانت لورا مايسي، معلمة تبلغ من العمر 38 عاماً من تشيلمسفورد، واحدة من هؤلاء المتبرعين.

هنا، وبكلماتها الخاصة، وضحت لورا كيف ساعدها التبرع بكليتها في تغيير حياتها.

"هل ترغب في إحدى كليتي؟"

"بدأت أبحث عن طرق لمساعدة الآخرين، خلال رحلتي من روما إلى لندن التي قطعتها ركضاً على الأقدام في عام 2016، لأنه خلال تلك الرحلة، التي استغرقت 73 يوماً، عاملني الغرباء بطريقة لطيفة جداً وأردت أن أرد الجميل.

أخبرتني إحدى صديقاتي في العدو أنها تنوي التبرع بكليتها لشخص غريب العام القام. يمكن للشخص أن يعيش بكلية واحدة، لذلك لم تجد أي سبب يمنعها من التبرع بالكلية الأخرى. كان ذلك منطقياً جداً بالنسبة لي.

ظل الناس يقولون إن هذا أمر جنوني، أو أنه خطير للغاية. أدركت حينها أن الجميع لا يفكر بنفس الطريقة التي أفكر بها، مما جعلني أكثر إصراراً على التبرع بكليتي.

زرع الكلى
Getty Images
يوجد حالياً 4500 شخص على قائمة انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية لإجراء عملية زراعة للكلى

ومع ذلك، انتقلت إلى إيطاليا لمدة 18 شهراً، لذلك وضعت الفكرة جانباً. وقبل عودتي مباشرة، بدأت ابنة عمي المصابة بالسكري تعاني من الفشل الكلوي. لم أستطع مساعدتها لأنها كانت بحاجة إلى كلية وبنكرياس من متبرع متوفى. كنت أعلم أنني أريد أن أساعد في إنقاذ حياة شخص مثل ابنة عمي، التي أجرت عملية زراعة ناجحة، وأردت أن أشكر العالم على طريقتي.

بعد عودتي للعيش في المملكة المتحدة، اضطررت للذهاب إلى لندن من أجل شيء ما ووجدت نفسي بالقرب من مستشفى "غاي وسانت توماس"، حيث تبرعت صديقتي، أليس، بكليتها قبل فترة. دخلت إلى المستشفى وتوجهت إلى قسم الكلى، وقلت لموظف الاستقبال: "كنت أتساءل عما إذا كنت ترغب في إحدى كليتي؟"

وبعد ثلاثة أشهر والعديد من الاختبارات، تمت الموافقة على التبرع. أنا نباتية، ولا أشرب الخمر إلا نادراً، ونشيطة إلى حد ما، لذلك كنت متأكدة من أن كليتي الصغيرة يمكنها القيام بعمل جيد لشخص ما. لكن أُصبت بفيروس كورونا، وتوقفت خططي قليلاً، وتم إلغاء جميع العمليات الجراحية الاختيارية. انتظرت حتى سبتمبر/أيلول 2020 واتصلت بالمستشفى، ولحسن الحظ بدأ برنامج التبرع بالكلى بالعمل من جديد.

"بدأت أتخيل أن كليتي غادرت جسدي وبدأت رحلتها إلى متلقيها"

بعد بضعة أشهر، تلقيت مكالمة هاتفية لإبلاغي بالعثور على شخص متطابق مع حالتي، وأن العملية الجراحية ستجرى في يناير/كانون الثاني 2021، وكنت متحمسة للغاية. الأمر الوحيد الذي أزعجني، هو عندما أخبروني أنني بحاجة إلى أن أحجز نفسي مع زوجي في يوم عيد الميلاد للتأكد من عدم إصابتي بفيروس كورونا.

أرسل لي والدي رسالة في الليلة التي سبقت الجراحة ليخبرني أنه خائف علي ولا يريد مني أن أفعل ذلك، لكنني كنت مصرة. إنه مفهوم غريب أن تذهب بقدميك إلى المستشفى ليجعلوك الأطباء مريضاً عمداً، لكني لم أستطع الانتظار.

حل الصباح وجاء الجراحون إلى غرفتي للتأكد من أنني مازلت أرغب في القيام بذلك. في طريقي إلى غرفة العمليات كنت أسمع صوت رنين في أذني، وبدأت أتخيل أن كليتي غادرت جسدي وبدأت رحلتها إلى متلقيها.

قيل لي في صباح اليوم التالي إن العملية كانت ناجحة، وأن المتلقي كان يتبول بنجاح وأن جميع وظائف الكلى لديه تبدو كما ينبغي. لم أكن أتخيل يوماً أنني سأكون سعيدة بمعرفة أن شخصاً غريباً كان يتبول بنجاح!

بقيت في المستشفى لمدة ثلاثة أيام، وجلست على الأريكة ليوم آخر، ثم عدت إلى حياتي الطبيعية.

وبعد شهر، تلقت المستشفى رسالة بالبريد الإلكتروني من ستيوارت، الشخص الذي تلقى كليتي. وجاء في الرسالة: "مرحباً، أنا الرجل الذي حصل على كليتك".

لقد قيل لي إن الشخص الذي تبرعت له قد لا يتصل بي، لذلك لم أكن أتوقع أن أتلقى اتصالا منه، لكنني كنت سعيدة جداً لأنه كان في حالة جيدة.

لقد كتبنا لبعضنا كثيراً وتعرفنا على بعضنا البعض، وكنت منبهرة بسماع كل شيء عن حياته. نزلنا أنا وزوجي لمقابلته في فولكستون، حيث كان يعيش مع زوجته، وذهبنا للسباحة في البحر وشربنا الشمبانيا.

كنت سأكون سعيدة لو حصل أي شخص على كليتي، ومن حسن حظي فقد ذهبت إلى ألطف شخص قابلته في حياتي، ونحن الآن أصدقاء جيدون.

في أكتوبر/تشرين الأول، شاركت في ماراثون يورك وجاء ستيوارت لدعمي والتقى بوالدي، الذي أصبح الآن يفهم تماماً سبب تبرعي بكليتي.

إنه أفضل شيء حدث لي على الإطلاق، ويمكنني أن أقول بصراحة إنه غير حياتي. فرصة إحداث فرق حقيقي في حياة شخص ما لا تأتي كثيراً. في مرحلة ما، لن أكون موجودة، والأشياء التي أتركها خلفي يجب أن تكون إيجابية، وأشعر بالسعادة لأنني تركت أثراً جيداً في العالم.

يقول ستيوارت، الذي تلقى كلية لورا:

كان عمري 43 عاماً عندما تلقيت كلية لورا، لكنني كنت أعرف أنني سأحتاج إلى عملية زراعة منذ أن كنت في العشرين من عمري، عندما تم تشخيص إصابتي بمرض في الكلى. كنت مريضاً جداً قبل العملية وكنت على وشك بدأ علاج غسيل الكلى.

وضع كليتي الآن جيد جداً، وهو أمر مدهش حقاً لأنني رجل كبير، ولورا صغيرة، لذا تعمل كليتها بجهد كبير.

كان على لورا أن تشرب الكثير من الماء قبل العملية، لذلك حصلت على هذه الكلية المليئة بالمياه.

كنت أعرف أنني أريد أن أكتب إلى لورا، لكنني وجدت صعوبة في معرفة ما سأقوله. ما فعلته لورا من أجلي كان أجمل شيء في حياتي، ولا توجد كلمات لأعبر فيها عن مدى امتناني.

لورا إنسانة عظيمة، لم تكن تريد مني أن أشكرها، كانت تحاول فقط رد الجميل للكون. لدينا هذه الرابطة مدى الحياة، وأنا محظوظ لأنني حظيت بها كصديقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في