أعلنت حكومة جنوب إفريقيا، منطقة تقع شرق البلاد بوصفها منكوبة بالكوارث إثر تعرضها لفيضانات شديدة خلال الأسبوع الماضي، أسفرت عن مقتل ما يقرب من 400 شخص وألحقت أضرارا جسيمة بالمنازل ومباني الشركات.
ووقع معظم الدمار في ديربان بإقليم كوازولو ناتال، التي تعد ثالث أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان.
ويزعم الرئيس سيريل رامافوزا، أن الكارثة "جزء من التغير المناخي"، لكن بعض السكان المحليين ألقوا باللوم على هشاشة البنية التحتية وعدم مقاومتها لقوة الفيضانات.
ما هو الدور الذي لعبه تغير المناخ؟
وتسببت أحوال الطقس في حدوث فيضانات بعد هطول ما يزيد عن 300 ملم من الأمطار على مدار 24 ساعة في 11 أبريل/نيسان.
وتعد هذه الكمية أكثر بكثير مقارنة بالنوبات السابقة من الفيضانات الخطيرة. في عام 2019، هطل نحو 165 ملم من الأمطار في 22 أبريل/نيسان وفي عام 2017، تم تسجيل هطول 108 ملم في 10 أكتوبر/تشرن الأول.
وكانت كمية الأمطار التي سقطت يوم الاثنين تساوي نحو 75 في المئة من متوسط معدل الأمطار السنوي في جنوب إفريقيا، وكان من الممكن أن تؤدي إلى شكل من أشكال الفيضانات من دون وجود أي عوامل مساهمة أخرى، وفقا للخبراء.
تغيّر المناخ: كيف يمكن العيش في ظل درجة حرارة تتجاوز الـ 50 مئوية؟
مستقبل المياه في أفريقيا: هل مدينتك وبلادك في مأمن؟
إلى أي مدى ارتفعت حرارة مدينتك؟
وقال تافادزواناشي مابهودي، من جامعة كوازولو ناتال، إن الطقس كان نموذجيا من النوع الذي يتطور عادةً قبالة سواحل جنوب إفريقيا والذي يتشكل من هواء دافئ محمّل بالرطوبة ويتحرك قبالة المحيط الهندي.
وأضاف أن التضاريس الجبلية في تلك المنطقة من جنوب إفريقيا تعني أيضا أن الهواء يرتفع وبذلك يبرد ويشكل غيوما ممطرة.
وقالت خدمة الأرصاد الجوية في جنوب إفريقيا، إن كمية الأمطار كانت "من فئة تلك التي ترتبط عادة بالأعاصير المدارية".
وأضافت أنها تعتقد أنه ليس من الصحيح أن تنسب أحداث الطقس الفردية التي تحدث خلال فترات زمنية قصيرة، إلى التحولات طويلة المدى التي يتسبب بها الاحتباس الحراري.
لكن الخبراء في خدمة الأرصاد الجوية، يقولون إن الظواهر الجوية الشديدة والقاسية أصبحت أكثر تواترا نتيجة لتغير المناخ.
وتقول الوكالة: "بعبارة أخرى، يمكن توقع تكرار أحداث تهطل فيها أمطار غزيرة، مثل تلك التي هطلت مؤخرا، في المستقبل وبوتيرة متزايدة".
وأشار تقرير صدر مؤخرا عن علماء، ونظر في العواصف في جنوب إفريقيا في وقت سابق من عام 2022، إلى ان هطول الأمطار الغزيرة في المنطقة أصبح أكثر شيوعا بسبب الاحتباس الحراري.
لكنه أضاف أن "المساهمة الدقيقة لتغير المناخ... لا يمكن تحديدها كمّا، بسبب عدم وجود سجلات تاريخية شاملة لمعدلات هطول الأمطار".
هل ضعف البنى التحتية أحد الأسباب أيضا؟
ألقى بعض السكان باللائمة في وقوع الكارثة على حالة البنية التحتية المحلية ، مشيرين إلى عدم إحراز تقدم في تحسين أنظمة الصرف الصحي، فضلاً عن عدم ترميم الطرق والمساكن سيئة البناء.
ورفض عمدة ديربان، مكسوليسي كاوندا، التفسيرات التي تقول إن حالة البنية التحتية للصرف الصحي في المدينة هي المسؤولة عن الفياضانات، لكنه أشار إلى حقيقة أن بعض المنازل قد تم بناؤها على تلال شديدة الانحدار من دون وجود أسس صلبة.
وأضاف: "أحد عوامل هذه [الكارثة] هو حصول انهيار أرضي في تلك المناطق".
ومنطقة ديربان هي منطقة جبلية ومقسمة بوديان وأنهار، وعادة ما تتعترض سفوح التلال فيها للانهيارات الأرضية.
لكن الخبراء يقولون إنه على الرغم من أن طبيعة التضاريس عامل مساهم، فإن البنية التحتية الحضرية السيئة هي أحد الأسباب أيضا.
وقالت هوبي ماغديميشا تشيبونغو، الخبيرة في تخطيط المدن من جامعة كوازولو ناتال: "المزيج ما بين هذه التضاريس الوعرة إلى جانب البنية التحتية السيئة، كانت عوامل لحدوث مشكلة الفيضانات التي تعاني منها المدينة".
وأضافت: "بعض عناصر هذه البنية التحتية قديمة، لقد تجاوزت عمرها الافتراضي وتحتاج إلى استبدال".
وتقول إن نحو ربع سكان المدينة يعيشون في مستوطنات عشوائية، وهي مبانٍ غير مخططة تم بناؤها على أراضٍ شاغرة، وقد بنيت على الأغلب بمواد ذات نوعية رديئة.
وتابعت: "المواد المستخدمة في بناء المنازل... تفشل في الحماية من عوامل الطقس ما يتسبب بانهيار المنازل وبخسائر في الأرواح في بعض الحالات".
تزايد المستوطنات الحضرية
وقد توسع عدد سكان منطقة ديربان بعد نهاية نظام الفصل العنصري في التسعينيات. قبل ذلك، كانت الإقامة داخل المدينة مقتصرة على البيض فقط.
وتُظهر البيانات الرسمية أن عدد السكان داخل البلدية بين عامي 1996 و2001، زاد بنسبة 2.3 في المئة خلال فترة الخمس سنوات. ثم تباطأ معدل النمو السكاني، لكن المدينة استمرت في التوسع.
وأدى ذلك إلى الضغط على البنية التحتية التي فشلت في مواكبة هذا التوسع.
وتقول جينا زيرفوغل، الخبيرة في التكيف مع تغير المناخ، من جامعة كيب تاون، إن السلطات تحاول معالجة بعض التحديات التي تشكلها مخاطر تغير المناخ.
لكنها تضيف إنه هناك حاجة إلى مزيد من الموارد، بالنظر إلى أن البنية التحتية في المنطقة قديمة وغير فعالة وبالنظر الى التحديات الجديدة التي يفرضها الطقس الأكثر قسوة.