باريس: عندما تعاقد باريس سان جرمان مع ليونيل ميسي، تضمّنت حزمة راتب النجم الأرجنتيني بنداً يخرج عن المألوف في صفقات انتقال لاعبي كرة القدم، يُعتقد أنه دفعة مقدّرة بمليون يورو صُرفت بعملة رقمية مشفّرة.
جاء ذلك نتيجة شراكة بين النادي الفرنسي في 2018 مع "سوسيوس.كوم"، حيث يستخدم المشجعون عملة رقمية مشفرة تدعى "تشيليز" لشراء رموز رقمية تسمح لهم بالتصويت على قضايا متعلّقة بالنادي.
تكون بعض القضايا عادية أحياناً، على غرار طرح يوفنتوس الإيطالي مسألة الموسيقى الواجب عزفها في ملعبه، لكن هذا المفهوم انتشر سريعاً.
تطوّرت الشركة سريعاً بعد شراكتها مع باريس سان جرمان ويوفنتوس، لتوسّع دائرتها نحو 100 نادٍ رياضي حول العالم، بينها 56 نادي كرة قدم، بحسب رئيسها التنفيذي ألكسندر دريفوس.
جلب ميسي مزيداً من الدعاية، ويعتقد دريفوس أن أفضل لاعب في العالم ست مرات "سيحدّد النزعة".
قال من مكتبه في مالطا لوكالة فرانس برس "هذه زيادة إضافية لن تحلّ محل أي تعويض. هي بمثابة المكافأة التي سيبدأ اللاعبون في طلبها".
يتابع "نأمل أن يقول اللاعب في غضون سنتين خلال المركاتو (فترة الانتقالات): "نعم سأذهب إلى هذا الفريق، لكن يستحسن أن يمنحونني مليون دولار من رموز المشجعين الرقمية".
يقرّ دريفوس أن جائحة كورونا والأزمة المالية الناتجة عنها أفادت شركته، وسمحت لها بمضاعفة الشراكات "فجأة خسرت الأندية، 50 أو 70 أو 80 بالمئة من إيراداتها. ثم توصلت إلى قناعة "لدينا مشجعون في مختلف أنحاء العالم، ماذا يمكننا بيعهم؟".
لديها الآن عقود رعاية قمصان مع إنتر الإيطالي وفالنسيا الإسباني لترويج رموز المشجعين الرقمية.
انتعاش الرعاية
يظهر تحليل جديد أجرته شركة "كاي بي أم جي" لمعايير كرة القدم، أن عقود رعاية أكثر من 40 قميصاً أجرتها أندية في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى منذ بداية الجائحة.
يقول إن إنتر ضاعف إيراداته بالانتقال من صانع الإطارات بيريلي إلى سوسيوس.كوم بصفقة تبلغ 23.57 مليون دولار أميركي.
في تموز/يوليو الماضي، أعلن روما الإيطالي عن عقد لمدة ثلاث سنوات بقيمة 14 مليون دولار أميركي سنوياً مقابل حمل قمصانه اسم "ديجيتال بيتس" وهي "سلسلة كتل سهلة الاستخدام مستعملة لتشغيل الأصول الرقمية للمستهلكين".
قال نادي العاصمة الإيطالية "المشجعون لا يشهدون فقط على التاريخ، إنما بات الآن بمقدورهم أن يكونوا جزءاً منه. استعدوا للتداول وجمع المال. انضموا إلينا ونحن نخطو نحو مستقبل كرة القدم".
ويتزامن ظهور شركات العملات المشفرة المرتبطة بكرة القدم مع محاولة بعض الدول التضييق على الرعايات المقامرة، إذ فرض حظر عليها في إسبانيا فيما تبحث الحكومة البريطانية إمكانية السير على خطاها.
قالت "كاي بي أم جي": "الباب مفتوح أمام الشركات الجديدة لتخطو هذه الخطوة".
يرى كيران ماغواير، المحاضر في مالية كرة القدم في جامعة ليفربول "شيء ما يجب أن يملأ الفراغ، ورموز المشجعين الرقمية، أو أي شيء غير معرّف بأنه قمار لكنه بمثابة القمار، مرشح لأن يخطف الأضواء".
مخاوف
هناك مخاوف بشأن جذب مغامرين فضوليين في استخدام منتجات ذات صلة بالعملات المشفرة دون أن يكون لديهم فهم مناسب.
مثال على تقلبها، فإن "تشيليز"، العملة الأقل شهرة من "بيتكوين"، ارتفعت بنسبة 58% بعد أربعة أسابيع من قدوم ميسي إلى النادي المملوك قطرياً.
يردف ماغواير "في نهاية المطاف هي منتجات مضاربة. وصفها أحدهم لي بأنها نوع من القمار".
في غضون ذلك، انتقدت بعض مجموعات الجماهير تبني أنديتها رموز المشجعين الرقمية.
قالت مجموعة أنصار لأستون فيلا الإنكليزي إن اتفاق ناديهم مع سوسيوس.كوم "لم يكن مناسباً أبداً" وتساءلت عن سبب وجوب تحقيق دخل من تفاعل المشجعين.
سأل ماغواير عن إمكانية جذب الأموال من المشجعين الجدد غير التقليديين للنادي "يدّعي مانشستر يونايتد أنه يملك 1.1 مليار مشجع حول العالم، وتبلغ إيراداتهم في سنة عادية 600 مليون جنيه استرليني (805 ملايين دولار). وهذا يعني 55 بنساً لكل مشجع في السنة. هذا سيء نوعاً ما".
بالنسبة للأندية، يأتي دور دريفوس، مؤسس شركة ويناماكس الفرنسية للرهانات الرياضية.
يصرّ "نتحدث عن جيلين مختلفين لا يتبارزان مع بعضهما البعض، بل يقومان بأمور مختلفة".
تابع "أمازح دوماً عندما أقول إننا لا نستهدف رجلاً يضع وشماً ويسكن قرب ملعب النادي".
أردف "سوقنا مرتبط أكثر بالمشجعين الرقميين، مشجعون غير تقليديين يستهلكون الرياضة بطريقة مختلفة عنك وعني".