القاهرة : وُصف نجم السكواش المصري محمد الشوربجي بالخائن بعد قراره تمثيل إنكلترا مطلع الشهر الحالي، لكنه ليس أول رياضي مصري ينقل ولاءه دولياً، فيما يرى خبراء انها مشكلة منتشرة تتمثل بشعور الرياضيين بغبن مادي ومعنوي.
يقول لاعب ومدرب منتخب مصر السابق للمصارعة الرومانية حسام حامد لوكالة فرانس برس إن "كرة القدم وحدها وبعض الألعاب الجماعية تؤمّن مستقبل الرياضي المصري"، لافتاً الى ان "المكافآت المادية ضعيفة جداً لأبطال الألعاب الفردية".
يرى ان الدفاع عن الوان دول أخرى "تمرّد على واقع مؤلم وبحث عن المال في مكان آخر".
شرح الشوربجي خياره "أعطتني انكلترا الدعم الذي احتاجه... ولسنوات طويلة لم يفكر فيّ أحد (في مصر)".
أضاف المصنف ثالثاً عالمياً وأكثر لاعب مصري في التاريخ يفوز ببطولات للمحترفين "لم أحظ براعٍ مصري طيلة مشواري الرياضي".
ويُعدّ الشوربجي (31 عاماً)، المولود بمحافظة الإسكندرية الساحلية، واحداً من أكثر لاعبي السكواش تتويجاً، حيث قضى 50 شهراً في المركز الأول عالمياً بين 2014 و2021، ويمتلك 43 لقباً احترافياً باسمه، في رياضة يهيمن عليها المصريون عالمياً.
مخرج من الفقر
لكن الشوربجي ليس أول من يتخلى عن علم بلاده، إذ سبقه رياضيون في رفع الاثقال، المصارعة، الفروسية، الملاكمة وكرة اليد...
عام 2018 وبعد خلافات مع الاتحاد المحلي، ظهر لاعب المصارعة اليونانية الرومانية محمود فوزي بزي المنتخب الأميركي، قبل أن يعتزل ويتجه إلى فنون القتال المختلطة "أم أم ايه".
وفي أولمبياد طوكيو الصيف الماضي، حصد الرباع القطري من أصول مصرية فارس حسونة (24 عاماً) ميدالية ذهبية في رفع الأثقال، ما أثار ضجة على منصات التواصل الاجتماعي.
أوضح والده ومدرّبه ابراهيم، مدرّب منتخب مصر السابق، انه غادر البلاد معه منذ الصغر، بعد نشوب خلاف بينه وبين الاتحاد المحلي، متجهاً إلى التدريب في قطر.
في الرياضتين "ينتمي اللاعبون لأسر فقيرة"، بحسب فتحي زريق مدرب منتخب مصر السابق لرفع الأثقال، وهي أكثر لعبة حصد فيها المصريون ميداليات أولمبية، مضيفاً "يفكّرون في التجنيس سعياً للمال وتحسين وضعهم الاجتماعي".
وأشار زريق إلى "غياب العدل"، متسائلا "كيف تكون مكافأة الفوز بذهبية أولمبية مليون جنيه (نحو 54 ألف دولار) بعد كل الاستعدادات والتأهيل، مقارنة بحصول بعض لاعبي كرة القدم على مقابل يصل إلى مليون دولار سنوياً، وربما من دون تحقيق بطولات".
"مجرّد سلعة"
لكن في كرة اليد، تبدو الصورة أكثر وردية، بحسب قائد المنتخب السابق ورئيس جهاز كرة اليد بالنادي الأهلي ياسر لبيب الذي قال إن "ظاهرة تجنيس لاعبي اليد اختفت تماماً، بعد معاناة اواخر التسعينيات برحيل جيل كامل من الشباب للعب تحت اعلام دول الخليج".
أضاف "مع مرور الوقت وارتفاع الرواتب في الاندية المصرية، ندر تفكيرهم في التجنيس وبدأ طموحهم في الاحتراف الأوروبي".
يكمن الحل بنظره في انهاء الخلافات الضيقة داخل الاتحادات وزيادة الأموال المخصصة للرياضيين.
قد تكون مهمة صعبة للحكومة المصرية العالقة راهناً بين تضخم كبير وانخفاض حاد في قيمة العملة.
حتى قبل هذه الفترة، بلغت مخصّصات الدعم من وزارة الرياضة نحو 400 مليون جنيه (حوالي 21 مليون دولار) في موسم 2019 2020، في بلد يزيد عدد سكانه عن مئة مليون نسمة، مقارنة بمليار دولار مثلا لدولة مثل فرنسا.
يرى خبراء ان الحلّ يمكن أن يأتي من الرعاة، لكن حامد يضيف "اللاعب بالنسبة للرعاة مجرّد سلعة يتم الاستفادة منها لتحقيق عائد مادي واعلاني. بمجرد اعتزال اللاعب أو إصابته ينتهي الأمر".
كما يعتقد مدرب منتخب السكواش السابق أمير وجيه أن الدعم يجب أن يستمر بعد الاعتزال من خلال توفير فرص عمل، مشدداً "علينا أن ندرس تلك الظاهرة قبل أن تتوغل بين اللاعبين المصريين، خصوصا وأن أغلبهم يدرس خارج مصر بمنح دراسية في الجامعات الأوروبية والأميركية".
خلافاً لرفع الاثقال والمصارعة، ينحدر لاعبو السكواش من المجتمعات ذات الدخل المرتفع، يتدربون في نواد نخبوية ويستفيدون من انتصاراتهم بمنح دراسية في نخبة الجامعات الأميركية والأوروبية.
يرى وجيه أنهم لا يسعون فقط للمال خارج بلدهم، بل لفرص "من أجل مستقبل أفضل بعد الاعتزال" لن يحصلوا عليها في وطنهم.
شماتة واحتضان
وبعد خسارته بطولته الأولى تحت علم انكلترا، تعرض الشوربجي لوابل من التعليقات الساخرة، فكتب أحد مستخدمي فيسبوك "بعد خسارة الانكليزي محمد الشوربجي .. رسالة إلى اتحاد السكواش الإنكليزي .. البضاعة المباعة لا تُرد ولا تُستبدل"، فيما كتب آخر على موقع تويتر "لعنة الفراعنة أصابته".
وشنت صحيفة "الدستور" المحلية هجوما لاذعا على الشوربجي وطالبت بسحب الجنسية المصرية منه فقد "اختار محمد الشوربجي أن يمثل منتخب إنكلترا بدلا من مصر، وهذا قراره .. فلماذا لا يكون قرارنا أن نريحه أيضا من الجنسية المصرية؟".
في المقابل، قال وزير الرياضة المصري في تعليقه على أزمة اللاعب إنه ليس حزينا "شيء محترم أن يكون لديك منتج مصري في انكلترا لأنه ذهب واسمه محمد الشوربجي المصري".