: آخر تحديث

نانسي بيلوسي وحافة الهاوية

34
41
25
مواضيع ذات صلة

كشف الحديث عن احتمالية زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، لجزيرة تايوان، عن مدى التوتر والتنافس والصراع الأمريكي الصيني في منطقة «الإندو- باسيفك»، وهل يمكن لبعض القرارات والمواقف أن تهدد بإشعال حرب بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم؟.

وسواء قررت بيلوسي أو تراجعت عن الزيارة، إلا أن تايوان باتت هي عنوان الصراع بين الصين من جانب، والولايات المتحدة التي تقود تحالفات «الأوكوس» و«الكواد»، و«الكواد بلس»، و«العيون الخمس» من جانب آخر، فما هي أبعاد الصراع الصيني الأمريكي حول جزيرة تايوان؟، وهل يمكن أن يدفع هذا الصراع بكين لإجراء عسكري ضد تايوان كما تقول بعض الدراسات الأمريكية والغربية؟.

منذ عام 1949 وعلى مدار أكثر من سبعة عقود كانت تايوان هي عنوان الصراع الأمريكي الصيني، فعندما اندلعت الثورة الشيوعية في الصين عام 1949، وانتقلت الحكومة الصينية من البر الصيني إلى جزيرة تايوان، رفضت واشنطن الاعتراف بحكومة الثورة الجديدة حتى عام 1979، عندما استبدلت اعترافها بالحكومة التايوانية بحكومة بكين، وليس هذا فقط فقد اعترفت واشنطن ومنذ عهد الرئيس جيمي كارتر، بسياسة «الصين واحدة» بمعنى أنها تعترف بأن تايوان جزء رئيسي من الأراضي الصينية، كما أن حكومة تايوان نفسها تعتبر الجزيرة جزءاً أصيلاً من الأراضي الصينية، لكنها تعتبر نفسها أنها الحكومة الشرعية المستمرة منذ عام 1949، وهنا ترفض الولايات المتحدة أي محاولة لضم الجزيرة بالقوة، وقدمت واشنطن أسلحة بأكثر من 70 مليار دولار لتايوان خلال السنوات العشر الأخيرة، كما أن الكونغرس يناقش قانون «الإيجار والاستعارة» الذي كان سارياً أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي يسمح لحكومة الولايات المتحدة بتقديم دعم عسكري غير مسبوق للجزيرة للوقوف في وجه الصين، على غرار المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للحلفاء ضد النازية بداية من عام 1941 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945.

سيناريو أوكرانيا

وفي ظل رفض حكومة تايوان العودة للصين، ومع زيادة وتيرة التوتر وتخزين السلاح في تايوان، بدأت الحكومة في تايبييه التدريب على ما تسميه «السيناريو الأوكراني»، وهو قيام الصين بغزو الجزيرة حتى لا تتركها «مخلب قط» للولايات المتحدة التي تبعد نحو 10 آلاف كلم شرق تايوان.

ورغم النفي القاطع من الصين لفكرة ضم الجزيرة بالقوة على غرار السيناريو الروسي الأوكراني، إلا أن الكثير من دوائر المخابرات الأمريكية تعتقد أنّ فكرة الانضمام الطوعي لجزيرة تايوان مع الصين غير واردة، وأنّ الصين تستكمل أدواتها السياسية والعسكرية والاقتصادية لضم تايوان في النهاية، وهو ما يراه البعض في التهديدات الصينية التي أخذت منحى جديداً من القوة والصرامة لم يألفه الساسة الأمريكيون من قبل، فقد سبق لنيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب الأمريكي الأسبق زيارة تايوان عام 1997 أي قبل نحو ربع قرن، لكن الصين اليوم أكثر عزيمة وقوة للدفع عن وحدة أراضيها، كما أن القيادة الصينية تعمل تحت ضغط هائل فيما يتعلق بتايوان، فالرئيس الصيني يحتاج لولاية ثالثة من الحكم تبدأ في أكتوبر المقبل، كما أن التنازل في تايوان قد يفتح الباب أمام مناطق أخرى تريد الاستقلال عن الصين سواء في هونغ كونغ أو شينجيانج «تركستان الشرقية» أو إقليم التبت، بل قد يشجع أي تنازل صيني في تايوان بعض الدول الأخرى التي تطالب بأجزاء تراها الصين جزءاً من أراضيها وسيادتها مثل جزر بحر الصين الجنوبي، والخلاف الحدودي مع الهند في منطقة «لاداخ».

المؤكد أنه ليس من الحكمة اندلاع صراع بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، فالاقتصادان الأمريكي والصيني وكل العالم يعاني، وتظل المساحات المشتركة، وطاولة الحوار أفضل الطرق لحل الخلافات، لكن تصعيد الخلافات قد يؤدي إلى خطأ في الحسابات، فسياسة حافة الهاوية دائماً غير مضمونة العواقب والنتائج.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.