: آخر تحديث

الوساطة العقارية من العشوائية إلى التنظيم

17
18
27
مواضيع ذات صلة

الأوساط العقارية تنتظر اليوم نظاما فاعلا للأنشطة العقارية بما يقود إلى حوكمة وتنظيم هذا القطاع وتحقيق نقلة نوعية في أنظمة الوساطة العقارية ودعم هذا القطاع لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 فيما يتعلق بالقطاع العقاري.
الحقيقة رغم أن القطاع العقاري يمثل حصة كبيرة من حجم الناتج المحلي الذي يصل إلى نسبة أكثر من 5 في المائة، كانت الوساطة العقارية لا تحقق أدنى درجات المهنية المطلوبة ولا توجد رقابة فاعلة تحد من حالة العشوائية في هذا القطاع فيما يتعلق بالعرض والطلب والأرقام غير الدقيقة لما يوصف بالسوم والحد والنزاعات المتعلقة بعمولة الوساطة والخلافات بين الوسطاء فيما يؤكد أو ينفي أحقيته بها أو جزء منها، وعدم التزام البائع أو المشتري بعرض السعر المقدم من أحدهما في تلك المعاملات وبيئة لا متناهية للنزاعات بين العاملين في هذه السوق التي كانت لها تأثير في مختلف أصحاب العلاقة، ويتضرر كثير من هذه الحالة من الفوضى، خصوصا مع الحراك الكبير ودعم هذا القطاع من خلال التمويل للوصول إلى نسبة تملك 70 في المائة من الأسر في المملكة، ووجود إقبال كبير على هذا القطاع من المستفيدين، ما يستلزم تحركا عاجلا لكثير من الأنشطة التي لها علاقة بهذا القطاع ولعل أحد أهم هذه الأنشطة هو القطاع العقاري، كما أن هذه الحالة من الفوضى مكنت كثيرا من الذين ليس لديهم ترخيص أن يسوقوا لمجموعة من الأنشطة العقارية، وفي ظل عدم وجود رقابة فاعلة ولصعوبة ذلك نجد أن هذه السوق أصبحت غير منظمة.
اليوم مع صدور نظام الوساطة العقارية، فإن هذا القطاع سيحقق نقلة لها تأثيرها بما يدعم مستهدفات متعددة تتعلق في بداية الأمر بمسألة التوظيف والالتزام بتوطين الوظائف في قطاع التسويق العقاري وأن يكون مهنة بدلا من أن يكون عملا إضافيا غير مستقر للبعض، وليكون بيئة حاضنة للكفاءات لتطوير هذا القطاع وتعزيز كفاءة ونشاط القطاع العقاري وتطويره، فالوسيط له دور كبير في تطوير نشاط ومنتجات القطاع العقاري باعتبار أنه حلقة الوصل بين العملاء والمطورين وهو الذي لديه قاعدة بيانات كبيرة فيما يتعلق بالمنتجات التي يرغب فيها العملاء، وقد يكون له دور في توجيه القطاع من خلال بناء قاعدة بيانات تعزز جودة المنتجات وتوجه المستفيدين إلى الخيارات التي تناسب احتياجاتهم.
الوسيط العقاري يتمتع بشبكة كبيرة لها علاقة بمختلف الأنشطة الاقتصادية، سواء فيما يتعلق بالشراء أو التأجير فيتعامل مع كثير من الشركات لتقديم الخيارات المناسبة لأنشطتهم العقارية ولديه معلومات مهمة للمستثمرين توجه خياراتهم وقراراتهم الاستثمارية وتعزز من المنتجات العقارية، سواء المعدة للاستثمار أو أنشطة اقتصادية أو السكن أو غير ذلك من الأنشطة المتعددة، ولذلك قد نلاحظ تغيرا في شكل السوق العقارية تدريجيا مع بدء تطبيق نظام الوساطة العقارية، وقد يرى البعض في ذلك مبالغة إلا أن الواقع يؤكد ذلك، حيث إن شركات الوساطة العقارية المحترفة حاليا توظف كثيرا من القوى العاملة الوطنية حاليا، بل تعزز مهاراتهم التفاوضية والتسويقية باعتبار أن التسويق العقاري من أصعب أنواع التسويق، فقد تقنع العميل بشراء سلعة بـ100 ريال، لكن كيف يمكن لك أن تقنعه بشراء منزل بثلاثة ملايين ريال وبيع وحدات عقارية لأبراج تضم مئات أو آلاف الوحدات العقارية، وتستطيع أن تقدم خيارات تتوافق مع رغبات فئات متنوعة من المجتمع، وتبحث لهم عما يتناسب مع إمكاناتهم المالية. إجراءات طويلة وتحتاج إلى نفس طويل وتعامل بأسلوب مستقر يتحمل مختلف ردة الفعل، سواء من الملاك أو العملاء، وهذا بلا شك يبني قدرات عالية في التسويق والإقناع وتوجيه لبوصلة الاستثمارات وتقديم معلومات ثرية عن السوق.
حوكمة هذا القطاع ستنعكس على السوق العقارية بشكل إيجابي، كما أن التطور الرقمي في مجال التسويق العقاري له أثر كبير في بناء قاعدة بيانات تخدم هذا القطاع الاستثماري وتعزز كفاءته وتزيد فرص تدفق الاستثمارات فيه خصوصا أن القطاع العقاري في المملكة تطور ليتجاوز القطاع التجاري والسكني إلى القطاع الصناعي واللوجستي والسياحي وغيرها، ما يتطلب استقطاب كفاءات متميزة لهذا القطاع بمختلف مستوياته بما فيها الوساطة العقارية.
الخلاصة: إن النظام الجديد للوساطة العقارية سيعول عليه لتنظيم التسويق العقاري بما يعزز كفاءة هذا القطاع وحيويته وموثوقيته، ويزيد فرص استقطاب الاستثمارات النوعية له، علما بأن التحولات الكبيرة للاقتصاد زادت تنوع الاستثمارات في القطاع العقاري بين السكني والتجاري والسياحي، والأعمال واللوجستي، وغيرها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد