: آخر تحديث

القيادة أهم عوامل التغيير

18
15
20
مواضيع ذات صلة

"أخبرني أين تشير بوصلة القيادة، أخبرك إلى أين يتجه الجميع" عبارة استنتجتها من متابعة تقدم الدول أو تأخرها في مختلف العصور، ففي العصر الحديث كان خلف النمور الآسيوية قادة مخلصون أقوياء، ركزوا على الاقتصاد، العنصر الحاسم والداعم لكل عناصر القوة الأخرى، فالرئيس السنغافوري "لي كوان يو" كان يتنقل بين الدول ويعقد اجتماعاته قريباً من المصانع والوزارات والجامعات ومراكز الأبحاث، وكل ما له علاقة بالصناعة والتنمية، ومثله في ذلك الجنرال بارك رئيس كوريا الجنوبية، باني نهضتها الحديثة. والصين ركز زعيمها دنغ شياوبينغ في سبعينات القرن الماضي على التنمية الاقتصادية، وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، ومكافحة الفقر المدقع في الأرياف وأطراف المدن، لنشهد اليوم أعظم معجزة اقتصادية في التاريخ. وفي المقابل نجد أن الدول التي اتجهت قياداتها إلى العسكرة، وتكديس المزيد من الأسلحة على حساب رفاهية شعوبها، وطبقت القبضة الأمنية الصارمة على حساب الحرية، والعدالة، والإبداع بكل مقوماته، نجد أن هذه الدول إما انهارت وتفككت كالاتحاد السوفييتي، أو أنها عاشت أزمات اقتصادية، وانهياراً في قيمة العملة، مع ما يصاحبها من فقر ومعاناة، وبعضها انتهى إلى حروب وقلاقل داخلية.

اليوم تعيش المملكة إصلاحات اقتصادية كبيرة لتبتعد عن شبح المصدر الواحد للاقتصاد، والمرض المزمن "المرض الهولندي" والذي يعني أن تَوفر مصدر رخيص يسبب الإدمان عليه، ويؤدي إلى إهمال بقية مصادر الإنتاج الأخرى. ويتضح تركيز قيادة المملكة على بناء اقتصاد قوي وجود الرؤية وبرامجها الإحدى عشر، وتوجه القيادة لبناء اقتصاد قوي ومستدام، وعلى سبيل المثال فقد كان الاقتصاد حاضراً في كل جولات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ومنها جولته الأخيرة على ثلاث دول مهمة، هي: مصر والأردن وتركيا. وقد أشار لذلك رئيس اتحاد الغرف التجارية عجلان العجلان، وأوضح أن ولي العهد كان يتابع جميع الاجتماعات والاتفاقيات بأكثر من وسيلة. ودارت معظم الاجتماعات بين الوزراء ورجال الأعمال المرافقين ونظرائهم على أسس اقتصادية، مؤكدين على ضرورة التعاون وتسهيل إجراءات التبادل التجاري وإقامة المشروعات المشتركة.

كما أشار البيان الختامي الصادر عن خبراء صندوق النقد الدولي بشأن بعثة مشاورات المادة الرابعة للمملكة لعام 2022 إلى عدد من الاستنتاجات، منها نجاح المملكة في التعامل مع جائحة كورونا، مع إمكانية تجاوز المملكة المخاطر الناجمة عن الحرب في أوكرانيا. كما أشار التقرير إلى تعافي الاقتصاد السعودي وسيره نحو الاستدامة المالية، واستمرار انخفاض البطالة إلى مستوى 11 %، نتيجة ارتفاع توظيف المواطنين وخاصة المرأة في القطاع الخاص.

وقد ورد في التقرير بعض التوصيات الجيدة، وبعض التوصيات التي لم تأخذ في الاعتبار جميع العناصر المرتبطة في كل دولة، وخاصة دول العشرين، ومنها ما يلي:

أولاً: ذكر أن المملكة من أقل دول العشرين في نسبة الضرائب، وأوصى بالإبقاء على الضريبة عند مستوى 15 %، لكنه لم يشر إلى نوع الضرائب المقررة في الدول العشرين والخدمات المقدمة مقابل ذلك. كما أوصى بزيادة أسعار الوقود، ولم يأخذ بالاعتبار وجه المقارنة مع الدول العشرين الأخرى، خصوصاً توفر النقل العام داخل المدن، وبأسعار في متناول الجميع، مما يقلل الحاجة لامتلاك سيارة، كما تؤمن القطارات لديهم التنقل بين المدن، وبأسعار منافسة أيضًا. وكان الواجب أن تكون توصية صندوق النقد: إعطاء النقل العام داخل المدن وفيما بينها أولوية قصوى لفك الاختناقات المرورية وتقليل أضرارها على الاقتصاد والصحة والبيئة، وتقليل حوادث الطرق.

ثانياً: أشاد التقرير بحسن إدارة المال العام، والسعي المستمر لتقليص النفقات، كما أوصى بالتوسع في البرامج الاجتماعية الموجهة بدقة للمستحقين، بما فيها برنامج "ضمان" وحساب المواطن"، وأشاد بسعي الحكومة لإصلاح النظام الاجتماعي بهدف إنشاء سجل اجتماعي موحد، والسماح بالتحول إلى نظام شبكة الأمان الاجتماعي المبني على أساس الاحتياج. وهذا يؤكد أن تكون الأولوية في رفع مستوى المعيشة للفئات الأقل دخلاً للتغلب على آثار التضخم وغلاء الأسعار عالمياً.

ثالثاً: أشاد التقرير بالزيادة التي شهدها صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني، والكيانات الأخرى المعنية بالاستثمارات العامة، وأوصى بإدراج أنشطتها ضمن القطاع العام، وضرورة مراقبتها بانتظام لتقييم حقيقة موقف المالية العامة ومركزها في المملكة.

المملكة نمر اقتصادي قادم، وذلك بفضل توجه القيادة منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، وتولي ولي العهد الأمير محمد دفة إصلاح الاقتصاد على أسس متينة، وإجراءات صارمة، لكنها ضرورية لتجنيب المملكة ما تعاني منه كثير من الدول من حيث فقد العملة لقيمتها، وما يصاحبها من تضخم وارتفاع في الأسعار.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد