: آخر تحديث

وثائق البنتاغون تكشف التمهيد لأزمة أوكرانيا

27
23
30
مواضيع ذات صلة

دون الخوض في عمق التحليل والاستنتاج لمشهد الأزمة بين أمريكا وروسيا حول أوكرانيا، فإن الوثائق الرسمية لوزارة الدفاع الأمريكية ترسم صورة، تظهر الكثير من أبعاد كامنة في صميم الأزمة، ما يعطل الوصول إلى حل نهائي لها بالتفاوض المحسوب وبلا تردد.
 وزارة الدفاع (البنتاغون) أصدرت في مارس/ آذار 1992 وثيقة عسكرية، تحت مسمى دليل التخطيط الدفاعي للسنوات من 1994 – 1999.
 تلك الوثيقة تسربت تفصيلاتها إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، وتوضح أن هدف الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة ابتداء من هذا اليوم، سيكون المحافظة على التفوق الأمريكي، بمنع ظهور قوى كبرى جديدة منافسة لها، وتلك نظرة مبكرة للصين وروسيا.
  ومن خلال عرض «نيويورك تايمز» لهذه الوثيقة، فإنها تتضمن استراتيجية لا ترمي فقط إلى الحيلولة دون بروز قوى صاعدة مثل الصين وروسيا؛ بل إنها تتحسب أيضاً لاحتمال صعود دول أخرى من بين حلفائها مثل ألمانيا، واليابان.
 وفي أغسطس/ آب عام 2002 أعلنت الإدارة الأمريكية عن استراتيجية جديدة للأمن القومي، متضمنة توجهات أكثر وضوحاً، تقول إن هدف الاستراتيجية العالمية الأمريكية، هو منع أي دولة أخرى من بناء قدرات عسكرية، تتيح لها التفوق على قوة أمريكا، أو حتى أن تكون مساوية لها.
 تلك الاستراتيجية احتفظت للولايات المتحدة بحق العمل الاستباقي العسكري، لجعل القوة المنافسة عاجزة عن بلوغ هدفها، حتى من قبل أن تتحرك في اتجاه مثل هذا الهدف.
 واليوم يتراءى في أفق تلك الاستراتيجيات الأمريكية، شبح بدا للعيون مبكراً، عن الأزمة حول أوكرانيا، بين الولايات المتحدة وروسيا.
 وهو نفس ما توقعته دراسات علمية أمريكية، بعيدة تماماً عن الحسابات الرسمية للدولة. وكانت تحدد أي الأسباب يمكن أن تشعل الحرب في أوكرانيا، وما الطريق لمنع حدوثها. شارك في هذا التفكير، مركز العمل الوقائي The Center For Prevention Action؛ وذلك بدراسة تفصيلية؛ هذا المركز مهمته المساعدة على نزع فتيل النزاعات المهلكة حول العالم.
وفي تشخيصه للأزمات التي تشعل حروباً، مثل حرب أوكرانيا، وكأنه يرسم صورة مستقبلية لتداعيات هذه الحرب، يقول إن المواجهات العسكرية المباشرة يمكن أن تقود إلى أزمة إقليمية حادة، تدار فيها الحرب بالوكالة، أو حدوث نزاعات داخلية في أماكن تعد ذات أولوية أمنية قصوى لإحدى الدول الكبرى، أو لعدة دول. والمثل على ذلك ينطبق على ما تمثله أوكرانيا بالنسبة لروسيا، وفنزويلا وإسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة، وتايوان بالنسبة للصين.
 وتقول الدراسة: إن من المهم الاعتراف بمبدأ النفوذ، الذي يعبر عن حساسية خاصة لدى القوى الكبرى، كما هي حال دول الجوار بالنسبة لروسيا، وإن قبول هذا المبدأ، يمكن أن يقلل من أخطار حدوث صدام عسكري مباشر بين القوى الكبرى.
 تلك النظرة العلمية لأبعاد الأزمة بين أمريكا وروسيا، والمجردة من الانحياز لطرف أو لآخر، قد التزمت بإطار البحث العلمي، ونبهت منذ نحو عشرين عاماً إلى سياسات لو اتُبعت، لأدت إلى منع اشتعال الحرب الدائرة الآن حول أوكرانيا، والتي تطورت زمنياً إلى حرب بالوكالة.
 إن الضوء الأحمر سُلط على بذور أزمة، مشيراً إلى أنها قد تقع، وأيضاً إلى كيفية وقوعها.
 لكن يحدث ما يجعل المؤسسة الحاكمة لا تلتفت إلى نتائج ما ينتهي إليه هؤلاء العلماء، لأن الدولة الأمريكية – حتى في تاريخها المعاصر – تتخذ مساراً يفرضه ميراث تاريخي للآباء الأوائل المؤسسين للدولة، والذي يقرن القوة بالهيمنة، وهي قاعدة تمتد إلى يومنا هذا، ويضعها آخر رؤسائهم جو بايدن، على قمة أولوياته بأن تكون أمريكا القوة المهيمنة على النظام العالمي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد