: آخر تحديث

تقييم الآثار السلبية للفائدة السالبة «2 من 2»

31
34
36
مواضيع ذات صلة

نواصل اليوم حديثنا من مستويات أعلى عن آثار الفائدة السالبة، يمكن ملاحظة أن أثر الفائدة المنخفضة والسالبة دفع بأموال كثير من المدخرين إلى الأسواق المالية، وعلى أثرها تحركت القيمة الرأسمالية لأسهم الشركات المساهمة ولمستويات فوق القيمة العادلة لكثير منها، وفي الوقت نفسه، جعلت الأسواق تعيش حالتي طمع واستعداد للهروب خوفا من حالات التذبذب الشديدة ومن قرارات البنوك المركزية المعاكسة، ثم إن معدلات النمو الاقتصادي السالبة والمنخفضة والآفاق غير اليقينية لكثير من البلاد جعلت الأمر أكثر تعقيدا، خصوصا في الدول الناشئة التي يعتقد كثير من الاقتصاديين والمحللين، أنها المعيار الحقيقي الذي يعكس صحة الاقتصاد العالمي، والتفسير الاقتصادي لذلك الاعتقاد، أن الدول الناشئة هي المصدر الأساسي للنمو الاقتصادي الحقيقي في مقابل أن الاقتصاديات المتقدمة اليوم ليست إلا أسواق رأسمال.
قبل أزمة كوفيد - 19 وفي وقت سابق، أي: في 2015، اتفق العالم على تحقيق مستويات أعلى من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عبر أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أو من خلال أهداف الدول الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية المستقلة، ومع الأسف الشديد، فإن تلك الطموحات والاستراتيجيات للدول واجهت صدمة كوفيد - 19، التي عرقلت التقدم المنشود، وتشكلت لدينا حالة تناقض بين أسعار الفائدة وسياسات الدول الاقتصادية وتحولت جهود البنوك المركزية حول العالم إلى محاربة الانكماش والركود، بدلا من السعي إلى الازدهار.
أما على المستوى الاجتماعي وفي ظل الظروف والإجراءات الاقتصادية التي رافقت كوفيد - 19 فقد قفزت ثروات الأغنياء الأفراد إلى أعلى مستوياتها تاريخيا، ونشأت ثروات من أموال التيسير الكمي في الاقتصادات المتقدمة، ومن أسعار الفائدة المنخفضة في الدول الناشئة، وظهرت لدينا فجوات شاسعة بين الثروات، وستخلف لنا مزيدا من الفقراء على المستوى العالمي.
في ظل كل تلك الآثار العميقة، فإن الحلول تحتاج منا كصناع سياسات اقتصادية واقتصاديين إلى الاعتراف بالأخطاء ومراجعة كل شيء، من أجل تحقيق منافع جميع أصحاب المصلحة الاقتصادية دون تحيز لرأسمال المال الوهمي، يمكننا تلخيص الحلول في نقاط أساسية، أولا: فرض ضرائب الثروة على جميع الأموال، التي تولدت من التيسير الكمي وتوجيهها إلى الاقتصاد الحقيقي، أما الأموال في الدول الناشئة والمتولدة من أسعار الفائدة المنخفضة، فيمكن فرض ضرائب متعددة المستويات، ضرائب على المضاربين وضرائب أقل أو صفرية على المستثمرين. ثانيا: تعويض المدخرين الأفراد بأسعار فائدة أعلى من المدخرين الكبار أو ملاك الثروات، بمعنى آخر: حث كبار المدخرين على الاستثمار وتحفيز الصغار على التوفير بهدف تحقيق الغايات الاقتصادية لكل مجموعة. ثالثا: تطوير أدوات نقدية ومالية جديدة تركز على تفتيت الثروات المفرطة وأدوات أخرى تمنح فرصة لنمو المدخرات الصغيرة سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. رابعا: مكافحة التضخم من خلال سياسات سلعية مبتكرة بعكس السياسات النقدية الحالية أو على الأقل سياسات نقدية بوسيط سلعي اقتصادي حقيقي يتفاعل مع الأسواق الواقعية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد