: آخر تحديث

ماذا لو أعلنت إيران امتلاكها السلاح النووي؟

57
52
58
مواضيع ذات صلة

لا يبدو هذا السيناريو مستبعداً، فقد تضاعفت إمكانية طرح هذا السؤال بشكل جدي خلال العشر سنوات الماضية، ومن المؤكد أنه موضوع حيوي في الدوائر السياسية والعسكرية المغلقة، حيث إن احتمالية امتلاك إيران السلاح النووي خيار مطروح من ضمن عشرات الخيارات التي يمكن الحديث عنها، ولكن من المهم الحديث عن سؤال يتطلب الاستعداد السياسي لدى كثير من الدول وخاصة دول المنطقة الخليجية القريبة من إيران، كما أن دول الشرق الأوسط أيضاً وبلا استثناء تشعر بالقلق ولكنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: دول لا تهتم بما يحدث وليست قلقة سواء امتلكت إيران سلاحاً نووياً أم لا، ودول لا يبدو أنها تريد الدخول على خط الأزمة لأسباب سياسية أو طائفية، ودول قلقة من إمكانية توصل إيران إلى امتلاك سلاح نووي.

هذا من جانب الدول، أما الشعوب العربية فكثير منها لا يبدو أنها تتفاعل بقدر كبير مع خطورة الخطوة الإيرانية فيما لو امتلكت إيران سلاحاً نووياً، والأزمة تكمن فيمن يتخذ موقفاً غريزياً وطائفياً أو موقفاً مغشوشاً سياسياً وأيديولوجياً، وهذه الفئة من الشعوب الشرق أوسطية موجودة، ولن يكون مفاجئاً أن تتحكم مثل هذه الفئات باتجاهات الرأي العام العربي على مواقع التواصل الاجتماعي، فكثير من الشعوب العربية سوف تقيم الوضع فيما لو حدث بشكل شخصي، ويجب ألا يفاجئنا تحول الكثير من الآراء باتجاه الدعم الإيراني وتجيير الحلول للقضايا الإسلامية باتجاه إيران، فكثير من الشعوب الشرق أوسطية تعتمد في تقييمها على غرائزها وعواطفها أكثر من أي شيء آخر.

لا يمكن استبعاد فرضية امتلاك إيران سلاحاً نووياً، وفي ذات الوقت يصعب أيضاً الاعتماد على الجهود الأمريكية في منع إيران من امتلاك السلاح النووي، فالخطورة تكمن في أن أمريكا لا تتشارك مع دول المنطقة حول السلاح الإيراني سوى في تكثيف المخاطر المحتملة وليس أكثر، من جانب آخر يصعب الاعتماد على إسرائيل لحل المشكلة النووية الإيرانية وتهديدها بأنها سوف تقوم بعملية عسكرية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، والحقيقة أن إيران إذا ما سمحت لإسرائيل بتجاوز حدودها بعملية عسكرية ضدها فإن ذلك يطرح خيارين لا ثالث لهما؛ فإيران ستبدو أنها تناور فعلياً وليست قريبة من السلاح النووي أو امتلاكه، أما الخيار الثاني فهو أن تشعر إيران بخطورة العمل الإسرائيلي الذي سوف يفقدها عشرات من السنين من الجهود للحصول على سلاح نووي ما يعني إمكانية دخولها حرباً مباشرة مع إسرائيل تعيد ترتيب المنطقة من جديد.

ما يمكن استدراكه بالنسبة للمنطقة أن تضغط أمريكا والدول الأوروبية لتشكيل موقف محدد لدول المنطقة الشرق أوسطية والمعنية بالأمر جميعاً، وجعلها في منظومة موقف موحد وترسيخ موقفها في المعادلة السياسية والأمنية الخاصة بموضوع السلاح النووي الإيراني، كما أن أمريكا عليها أن تتخلى عن فكرة أن امتلاك إيران السلاح النووي هو تهديد لأمنها فقط أو أمن إسرائيل، هذه الفكرة يجب أن تتجاوزها السياسة الأمريكية، الجميع مهدد في المنطقة بلا استثناء فيما لو حصلت إيران على السلاح النووي ولن يكون من المقبول للمنطقة العربية والخليجية تحديداً أن يتم دفع دول المنطقة نحو واشنطن أو تل أبيب وانتظار الحلول من هناك فيما لو اكتشف الجميع أن إيران أصبح لديها قنبلة ذرية، بينما تمنع الدول الشرق أوسطية من أن تكون جزءاً من المعادلة كما كانت دول شرق آسيا التي اندمجت في موقف محدد تجاه البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

يبدو أننا أمام مرحلة حسم وتعقيدات في قضية نووي إيران، فالدول العربية لا تمتلك جميعها تقديرات واضحة حول تأثير امتلاك إيران السلاح النووي على أمنها، كما أن هناك دولاً تحاول أن تتجاهل وضع تصورات أمنية حول تأثيرات امتلاك إيران سلاحاً نووياً وتفضل كثير من هذه الدول عملية الصمت وانتظار النتائج النهائية فقط ومن ثم التعامل معها كحقائق رغم كل المخاوف التي تشعر بها تلك الدول، وهذا يخدم إيران ولكنه لا يخدم أمن المنطقة.

إيران التي تجتهد في توسيع نفوذها تشكل خطراً على الأمن الإقليمي بأكمله، ومن المهم الإشارة إلى أن إيران تستثمر التوجهات الأمريكية وتكرارها الرغبة في مغادرة المنطقة لتعلن عن نفسها وتوسع نفوذها، هذا هو الهدف الإيراني النهائي وسوف يكون امتلاك إيران للسلاح النووي مصدراً مهماً لتهديد دولي، فمنطقة الشرق الأوسط تختلف كثيراً عن دول شرق آسيا القريبة من الصين القوية، فالسيناريوهات كثيرة ومقلقة أقلها سباق للتسلح النووي في المنطقة، وأزمات اقتصادية قد تصل بأسعار النفط إلى مستويات قياسية، بالإضافة إلى تحول المنطقة إلى منطقة قابلة للاشتعال النووي دون إنذار.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد