: آخر تحديث

ضريبة النجاح

40
41
27
مواضيع ذات صلة

ماذا حصل لشركة نوكيا في سوق الهواتف المحمولة؟ وكيف استطاعت شركة أبل اكتساح السوق وسحب البساط من تحتها؟ هل كانت نوكيا غافلة عن أهمية الابتكار فلم تبحث عن وسائل لتطوير منتجها؟ وكيف يستطيع منتج جديد الصعود من اللاشيء تقريباً ليسيطر على السوق سيطرة كاملة؟ وكيف للنجاح أن يكون حجاباً يعمي أصحابه من رؤية أنفسهم وما حولهم، فيصدم أحدهم أن منافساً جديداً، ربما لم يسمع به من قبل، لحق به ويوشك أن يقضي عليه؟

للمتفرجين في مقاعدهم ينظرون إلى المضمار، لا يبدو الأمر بهذه الخطورة. إنما للذين يجرون في المضمار من المتسابقين فالأمر مختلف تماماً. بالنسبة للمتسابق الكبير الذي تحيط به الأضواء لتعشي بصره عن رؤية الأمور كما يجب، سيجد نفسه مشتت الانتباه وإن أدرك أن عليه أن يتطور، إنما سيجد نفسه لا محالة في فخ المنحنى السيني. وهذا ما جرى لشركة نوكيا وسيجري لغيرها عاجلاً أم آجلاً، وهو ما يمكن أن نعده ضريبة النجاح.

يعتبر المنحنى السيني ظاهرة لها مشاهدات طبيعية في التعليم والصحة والتقنية. تتلخص ظاهرة المنحنى السيني أن النمو في أحيان كثيرة يبدأ بطيئاً لمدة ما، ثم يصعد صعوداً قوياً في المنتصف ثم يعود إلى مرحلة جديدة من النمو الضعيف. وإذا رسم النشاط في صورة منحنى يظهر شبيهاً بحرف السين إذا نظر إليه من اليسار إلى اليمين. لذلك ينظر إلى الشركات من منظور المنحنى السيني إلى أن النمو المستمر عليه أن يتحرك في صورة مجموعة من المنحنيات السينية المترابطة. فإذا بلغت شركة نهاية المنحنى السيني حيث يضعف النمو، فإن مستقبل الشركة في خطر إذا لم تجد منحنى سينياً آخر.

إذا نظرنا إلى مثال شركة نوكيا، فإنها استطاعت أن تصعد المنحنى السيني الأول وما سبقه من منحنيات أخرى، إنما لم تستطع صعود منحناها الجديد في الوقت المناسب. ولشركة نوكيا ولغيرها أسباب تفسر توقفها عن النمو، منها أن كلفة الابتكار للشركة ذات السوق العريض أكبر مالياً ولوجستياً من غيرها. فالشركة الصغيرة لديها سوق محدود يسمح لها بالتجربة مراراً وبسرعة لتحسين منتجها حتى تتراكم التحسينات لتصعد منحنى رضا العملاء إلى مستويات قياسية. ورغم أن السوق صغير أول الأمر، إنما النجاحات توسعه جاذبة مستفيدين جدداً، حتى تصعد المنحنى بسرعة فائقة. إنما في نهاية الأمر، سيعود المنحنى إلى رسم خط أقل انحناء ليبدأ النمو بالضعف تدريجياً. وعندما تصل أي شركة إلى نهاية المنحنى، فإن عليها أن تبدأ في التفكير في منحنى جديد حتى ولو كان على حساب ما أوصلها إلى القمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد