: آخر تحديث

مشاهير الفومو

45
44
37
مواضيع ذات صلة

المتاجرة بالمواد الخارجة على السوشيال ميديا استفزت الكثرين مؤخراً، وتحديداً في الخليج والمنطقة العربية، والمشكلة تبدو في اختلاف المعايير الأخلاقية بين هذه المنصات وبين المقبول والمرفوض في المجتمعات العربية، وشركات الدعاية والإعلان تستخدم المشهور العربي وفق هذا المفهوم، وتطلب خروجه في المادة التسويقية بشكل يتضمن إيحاءات مخالفة للذوق العام، وذلك لرفع المشاهدات والإقبال عـــــلى المنتج، وقد يكون استجابة لرغبات الزبائن، فقد أظهرت الخوارزميات المستخدمة في الشبكات الاجتماعية، أن الناس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يميلون إلى الصور والمقاطع الخادشة، وتحديدا التي تظهر فيها ملامح الجسد بصورة غير لائقة، وهذه الحقيقة المزعجة تحتاج لدراسة معمقة لمعرفة أسبابها.

الطريقة التي يقدم بها المشهور ربما تسببت في تكريس الضغينة، وفي جرح مشاعر غير القــــادرين، ولا يستبعد أن تدخلهم في مقـارنات تدفعهم إلى الجريمة، حتى يصلوا إلى مستوى المشهور وأسلوب حياته المصنوع، بالإضافة إلى أن شعبية المشهور وأعداد متابعيه قد تشعره بأنه فوق القانون، وتقوده لارتكــــــاب مخالفات غير مقبولة، والأجهزة المختصة في المملكة تصدت لحـــــالات مشابهة، ووضعت أصحابها في حجمهم الطبيعي، وبما يحول دون استسهال متابعيهم لأفعالهم وتكرارها.

الطرح المنفلت لمشاهير التواصل، قد يحرض على انحرافات واسعة في المجتمع، ويؤدي إلى فوضى تصعب مواجهتها بالطرق التقليدية، وأكبر المتضررين هم الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 سنة و22 سنة؛ لانهم يمثلون غالبية من يستخدمون المنصات الاجتماعية حول العالم، ويحتمل أنهم مصابون بمرض الفومو، وهو قلق مرضي يجعلهم مرتبطين بهذه المواقع، علاوة على تفضيلهم للعزلة وتراجع مهاراتهم الاجتماعية في التواصل البصري والإقناع والتفكير الإيجابي، وفي هذا هدر كبير لقوة مؤثرة في بناء المجتمعات وتطويرها.

ستيف جوبز مخترع الآيفون لم يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي طوال حياته، وكذلك مارك زوكربرغ صاحب الفيسبوك، وأدواره يقوم بها غيره، وابتعادهما مفهوم، فالمنصات الاجتماعية مصممة بطريقة تضمن استحواذها على أكبر قدر من الوقت لدرجة الإدمان، ولهذا فقد وصل الإنفاق على إعلانات المشاهير فيها في سنة 2020 إلى عشرة مليارات دولار، والسعوديون لديهم قــــــدرة شرائية هائلـة على سناب شات تقدر بما قيمتــــــه 420 مليار دولار، وزيــــاراتهم تأتي في المرتبة الخامسة بعد أميركا والهند وفرنسا وبريطانيا، ولا يجب أن يتم استغلالهم بأساليب رخيصة.

يوجد أكثر من 350 ألف شخص يراقبون محتوى منصات التواصل، ويقومون برصد التجاوزات ضد الأشخاص والعلامات التجارية، ومن ثم يحيلونها إلى الجهات المعنية بالضبط والمعاقبة، وهؤلاء يعملون لحساب شركات متخصصة في الحماية من مخاطر السوشيال ميديا، وقد بدأت عملها في أوروبا قبل أكثر من خمسة أعوام، وأتصور أن المملكة قد تستفيد من تجربتهم في تطبيق نظامي مكافحة الجرائم المعلوماتية والذوق العام، وليت وزارتي التجارة والإعلام تضعان هذه الآلية ضمن اهتماماتها إن لم تكن موجودة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد