: آخر تحديث

المشكلات المائية.. والعصر الفيروسي

43
44
48
مواضيع ذات صلة

تتقاطع مشكلات الأزمة المائية التي تشهدها المنطقة العربية مع الدراسة المستقبلية التي أنجزتها وكالة الاستخبارات الأمريكية، وهي ترسم توقعاتها حول الأزمة الكبرى التي سيعيشها العالم بخصوص الموارد الطبيعية في أفق 2030، ذلك أنها ستنافس بقوة الخطر الأمني الذي يُعد أولوية مركزية.

وإذا أضفنا إليها الخطر الصحي الذي يهدد الإنسانية في سياق ما يعرف بالعصر الفيروسي، فإننا بالتأكيد سنجد أنفسنا أمام عتبة حقيقية للانهيار الوجودي للعالم أو ما تطلق عليه الفلسفة الميتافيزيقية «الموت الحتمي للكون».

للأسف لم يُستثمر هذا التقرير، خاصة لدى الدول التي تعيش هذه الأزمة عن قرب، بوضع استراتيجية مبكرة قائمة على رؤية استشرافية وعملانية تستبق نوعية الكوارث وآثارها، ومنها الكارثة المائية، لتطويقها والحد من مخاطرها.

يشير التقرير إلى أن الحصول على الموارد الاستراتيجية، الطاقية منها والمعدنية، سيكون حيوياً بالنسبة للدول الصاعدة المهووسة بتطوير دينامية نموها الاقتصادي، لهذا ستجد نفسها مجبرة على تكثيف نشاطها للحصول على مصادر طاقوية خارجية، ما سيثير بينها نزاعات حول حقوق استغلال عمق البحار، ويتعلق الأمر بجنوب بحر الصين والمحيط الهندي والقطب الشمالي والجنوب الأطلسي.

لن تتعلق المسألة بنزاع ترابي فقط يصعب حسمه، ولكن بمدى ربح هذه الدول كل واحدة على حدة، والتحديات القوية لامتلاك تكنولوجيات جديدة تُيسّر لها مهمات استخراج الموارد الطبيعة القابعة في عمق المحيطات، ونظراً لحيوية هذه الحاجة لن تكثرت هذه الدول بإمكان نشوب حروب بينها.. بهذا المعنى ذكر التقرير أن الماء سيكون في المستقبل القريب عاملاً مركزياً، أكثر من الطاقة والمعادن، في نشوب نزاعات وحروب بين الدول، وإذا كانت الولايات المتحدة والمكسيك وساحل المحيط الهادئ لأمريكا اللاتينية تعيش خصاصاً مائياً ملحوظاً، فإن الأزمة المائية الحقيقية تمتد من المغرب إلى الشرق الأوسط، وتشتد في آسيا الوسطى وفي آسيا الشمالية والجنوبية للصين، وهي مرشحة للتفاقم وسط هذه الدول خلال الـ20 سنة المقبلة.

ويرى كثير من المستقبليين أن اعتماد «الدبلوماسية المائية» في نطاق اختصاصات الأمم المتحدة لا يكفي، إذ من الضروري صك عقد دولي إنساني، وبدون هذا العقد سيدخل العالم في المقبل من السنوات حرباً عالمية ثالثة لا أحد يستطيع أن يتكهن بحجم فداحتها، ولعل مؤشراتها بادية في النزاع حول حوض النيل، والنزاع مع إسرائيل حول مياه نهر الأردن، وبين العراق وسوريا حول نهري دجلة والفرات، وبين الولايات المتحدة والمكسيك حول نهر كولورادو، وبين الهند وبنغلاديش حول نهر الجانغ، وبين زيمبابوي وموزنبيق، كل هذه المؤشرات في تقاطعها مع حلول العصر الفيروسي توحي بأن العالم لن يكون بخير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد